الفاتيكان
11 أيار 2019, 05:00

البابا فرنسيس: لنسر قدمًا في الطّاعة والقلب المنفتح على صوت الله

ترأسّ البابا فرنسيس القدّاس الإلهيّ يوم الجمعة، في كابلة بيت القدّيسة مرتا، بالفاتيكان، وألقى عظةً إستهلّها انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا اللّيتورجية اليوم من سفر أعمال الرّسل، والتي تجد فيها خيار يسوع بتغيير حياة رجل كان إلى تلك اللّحظة يضطّهد المسيحيّين؛ مؤكّدًا أنّ "إرتداد شاول على طريق دمشق إذ دعاه صوت الرّبّ هو تغيير صفحة في تاريخ الخلاص ويطبع الانفتاح على الوثنيّين وغير اليهود، بمعنى آخر هذا الارتداد هو الباب على شموليّة الكنيسة، وقد سمح به الرّبّ لأنّه أمر مهمّ". وقد تمحورت عظة الأب الأقدس حول صورة القدّيس بولس رسول الأمم، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنّ القدّيس بولس وإذ أصبح أعمى، بقي في دمشق لثلاثة أيّام لا يأكُلُ ولا يَشرَب، إلى أن أرسل الله إليه حننيا فجاء وأعاد إليه البصر وأعطاه إمكانيّة البدء في مسيرة ارتداد وتبشير ممتلئًا بالرّوح القدس. وهنا لا بدّ لي من أن أُسلّط الضّوء على جانبين من شخصيّة القدّيس بولس؛ لقد كان رجلاً قويًّا وشغوفًا بالشّريعة وبالله، كذلك كان رجلاً صادقًا بالرّغم من أنّه كان يتحلّى بطباع صعبة. لقد كان صادقًا لأنّه كان رجلاً منفتحًا على الله. وإذا كان يضطّهد المسيحيّين لأنّه كان مقتنعًا بأنّ هذه هي إرادة الله. إنّها غيرته على طهارة بيت الله وعلى مجد الله. لقد كان يملك قلبًا منفتحًا على الرّبّ، وكان يخاطر ويسير قدمًا؛ وهناك أيضًا ميزة أخرى من طبعه وهي أنّه كان إنسانًا طائعًا ولم يكن عنيدًا.

 

ربّما كان عنيدًا في طبعه ولكنّ نفسه كانت طائعة، لقد كان منفتحًا على الهامات الله. لقد كان يسجن ويقتل تلاميذ الرّبّ؛ ولكن ما إن سمع صوت الرّبّ حتّى أصبح كالطّفل يسمح لله أن يقوده. وإذ فقد نظره، سمح بأن يقتادوه إلى دمشق، حيث صام لثلاثة أيام منتظرًا ما سيقوله له الرّبّ... بقيت جميع قناعاته صامتة أيضًا منتظرًا صوت الرّبّ. وذهب إلى اللّقاء في دمشق، إلى اللقاء بذلك الرّجل الطّائع الآخر وسمح له أن يعلِّمه ويعمِّده كالطّفل. من ثمَّ استعاد قواه وماذا فعل؟ بقي صامتًا، وانفرد للصّلاة ولا نعرف لكم من الوقت. انفتاح على صوت الله وطاعة. إنّه مثال لحياتنا ويطيب لي أن أتحدّث عن هذا الأمر أمام هذه الرّاهبات اللّواتي يحتفلن بخمسين سنة من الحياة الرّهبانيّة. شكرًا لأنّكن أصغيتنَّ إلى صوت الله وشكرًا على الطّاعة.

 

وبالحديث عن طاعة راهبات القدّيس جوزيبيه كوتولنغو أتذكّر زيارتي الأولى في السبعينات إلى إحدى المؤسّسات التي تديرها هذه الرّاهبات، وحيث يستقبلن مرضى جسديّين ونفسيّين من جميع أنحاء العالم، ويقضين حياتهنَّ بين المهمّشين، ولكن بدون مثابرتهنَّ لا يمكنهنَّ القيام بما يقُمن به.

 

المثابرة! إنّها علامة للكنيسة، وأُريد اليوم أن أشكر من خلالكنَّ العديد من الرّجال والنّساء الشّجعان الذين يخاطرون بحياتهم ويسيرون قدمًا باحثين عن دروب جديدة في حياة الكنيسة. لنبحث عن دروب جديدة هذا الأمر سيساعدنا جميعًا! شرط أن تكون دروب الرّبّ وأن نسير قدمًا في العمق في الصّلاة وفي العمق في الطّاعة والقلب المنفتح على صوت الله. وهكذا تتمُّ التّغييرات الحقيقيّة في الكنيسة مع أشخاص يعرفون كيف يكافحون في الأمور الصّغيرة كما في الكبيرة.

 

وعلى المسيحيّ أن يتحلّى بهذه الموهبة في الأمور الصغيرة والكبيرة، ورفع الصّلاة إلى القدّيس بولس طالبًا منه نعمة الطّاعة إلى صوت الرّبّ والقلب المنفتح على الرّبّ ونعمة عدم الخوف من القيام بالأمور الكبيرة والمضيِّ قدمًا بدون أن نهمل العناية بالأمور الصّغيرة."