الفاتيكان
29 كانون الثاني 2018, 08:44

البابا فرنسيس: لندعو مريم من البيت الوالديّ إلى بيوتنا

ترأّس البابا فرنسيس قدّاس الأحد في بازيليك القدّيسة مريم الكبرى في روما لمناسبة إعادة أيقونة مريم العذراء شفيعة سكّان روما بعد ترميمها في متحف الفاتيكان.

 

وألقى البابا عظة للمناسبة قال فيها نقلاً عن "إذاعة الفاتيكان": "نقف اليوم هنا في هيكل الأمّ كشعب الله الّذي يسير. إنَّ حضور الأمّ يجعل هذا الهيكل بيتًا عائليًّا لنا نحن الأبناء. لقد فهم الشّعبّ المسيحيّ منذ البدء أنّه ينبغي عليه أن يتوجّه إلى الأمّ في الصّعوبات والمحن، كما تشير أقدم صلاة مريميّة: تحت ذيل حمايتك نلتجئ يا والدة الله القدّيسة، فلا تغفلي عن طلباتنا عند احتياجنا إليك، لكن نجّينا دائمًا من جميع المخاطر أيّتها العذراء المجيدة المباركة.

لقد علّمنا آباءنا في الإيمان أنَّه ينبغي علينا في الأوقات الصّعبة أن نجتمع تحت حماية أمِّ الله القدّيسة. حتّى الرّهبان القدامى كانوا ينصحون- عند المحن- بالالتجاء إلى حماية أمِّ الله القدّيسة، لا بل أنّ التّوسُّل إليها- "يا والدة الله القديسة"- هو ضمانة حماية ومساعدة. هذه الحكمة تساعدنا: الأمّ تحرس الإيمان وتحمي العلاقات وتخلِّص في الصّعوبات وتحفظ من الشّرّ. حيث تكون الأُمّ لا يدخل الشّيطان، حيث تكون الأُمّ لا يسيطر القلق ولا يغلب الخوف.

لا تغفلي عن طلباتنا. عندما نتوسَّلُ إليها، تتوسَّل مريم بدورها من أجلنا. هناك لقب جميل باللّغة اليونانيّة "غريغوروسا" والّذي يعني "تلك الّتي تتشفّع بسرعة" ولا تُبطئ كما سمعنا في الإنجيل إذ نقلت ليسوع فورًا حاجة هؤلاء الأشخاص الملموسة: "لَيسَ عِندَهم خَمر". هكذا تتصرّف في كلِّ مرّة نتوسّل فيها إليها: عندما ينقصنا الرّجاء، وعندما ينفّذ الفرح وتخور القوى وعندما يظلم نجم الحياة، تتدخّل الأمّ ولا تغفل أبدًا عن صلواتنا. إنّها أمّ ولا تخجل بنا أبدًا لا بل تترقّب لكي تتمكّن من مساعدة أبنائها.

لكن نجّينا دائمًا من جميع المخاطر. إنَّ الرّبّ يعرف أنّنا بحاجة للملجأ والحماية وسط العديد من المخاطر، لذلك قال على الصّليب للتّلميذ الحبيب ولكلِّ تلميذ: "هذه أُمُّكَ!" وبالتّالي فالأمّ ليست خيارًا بل هي وصيّة المسيح، ونحن بحاجة إليها كما يحتاج المسافر للرّاحة والطّفل لأن يُحمل. إنّه لخطر كبير للإيمان أن نعيش بدون أمّ، بدون حماية، فيما نسمح للحياة أن تحملنا كما يحمل الهواء أوراق الشّجر. الرّبّ يعرف هذا الأمر ويطلب منا أن نستقبل الأمّ، لا ككياسة بل كضرورة حياة، وأن نحبّها لا كشعر بل كأسلوب حياة، لأنّه بدون الأُمّ لا يمكننا أن نكون أبناء؛ ونحن قبل كلِّ شيء أبناء محبوبون، لديهم الله كأب والعذراء كأمّ.

يعلّمنا المجمع الفاتيكانيّ الثّاني أنّ مريم هي علامة رجاء وتعزية لشعب الله الّذي يحجّ على الأرض. إنّها العلامة الّتي وضعها الله لنا، وإن لم نتبعها نخرج عن الطّريق. هي تدلُّنا نحن الّذين "لم يُكملوا غربتهم، ولا يزالون عرضةً للمخاطر والضّيقات" (نور الأمم، عدد 62). مَن أفضل منها يمكنه أن يرافقنا في المسيرة؟ فماذا ننتظر إذًا؟ كما استقبلها التّلميذ في بيته، هكذا نحن أيضًا، لندعو مريم من هذا البيت الوالديّ إلى بيوتنا. لنجعل الأمّ ضيفًا في حياتنا اليوميّة، وحضورًا دائمًا في بيتنا وملجأ أمينًا لنا. ولا ننسينَّ أبدًا أن نعود إليها لنشكرها".