الفاتيكان
23 كانون الثاني 2025, 07:30

البابا فرنسيس: لنتعلّم من مريم أن نفتح آذاننا أمام الكلمة الإلهيّة أن نستقبلها ونحرسها

تيلي لوميار/ نورسات
واصل البابا فرنسيس سلسلة التّعليم اليوبيليّة خلال المقابلة العامّة، حول "يسوع المسيح رجاؤنا"، منطلقًا من بشارة الملاك جبرائيل لمريم، متوقّفًا عند دعوتها إلى الفرح وتسميتها بالممتلئة بالنّعمة.

وفي التّفاصيل، انطلق الأب الأقدس من "إنجيل القدّيس لوقا والّذي يوضح في البداية تبعات القوّة المحوِّلة لكلمة الله الّتي لا تصل فقط إلى الهيكل بل حتّى إلى البيت الفقير لفتاة شابّة، مريم، المخطوبة ليوسف والّتي تعيش مع عائلتها. إنّ الملاك جبرائيل قد أُرسل إلى مدينة لم تُذكر في الكتاب المقدّس من قبل، النّاصرة، والّتي كانت حينها في الجليل في ضواحي إسرائيل ومنطقة حدود مع الوثنيّين وتأثيرهم.

وفي تلك المدينة يحمل الملاك رسالة لم يسبق لها مثيل سواء في الشّكل أو في المحتوى ما جعل قلب مريم في اضطراب".

وذكّر الأب الأٌقدس- بحسب "فاتيكان نيوز"- أنّ "الملاك قد وجّه إلى مريم تحيّة هي بالأحرى دعوة إلى أن تفرح وتبتهج، وهذه تحيّة عزيزة على التّاريخ المقدّس حيث يستخدمها الأنبياء حين يعلنون مجيء المسيح المنتظر، وهي الدّعوة إلى الفرح الّتي يوجّهها الله إلى شعبه مع انتهاء الجلاء ويجعله يشعر بحضوره حيًّا وفاعلًا. إنّ الله يدعو مريم باسم محبّة، أيّ الممتلئة بالنّعمة الإلهيّة. ويعني هذا أنّ محبّة الله قد سكنت منذ فترة ولا تزال تسكن قلب مريم وأنّ مريم قد أصبحت ممتلئة بالنّعمة الإلهيّة.

هذا الاسم الّذي منحه الله لمريم وحدها قد رافقته على الفور طمأنة من الملاك: لا تخافي. إنّ حضور الله يهبنا دائمًا هذه النّعمة، ألّا نخاف".

وهنا ذكَّر بأنّ ""لا تخف" هو ما قال الله لابراهيم واسحق وموسى وما يقول لنا نحن أيضًا، لا تخافوا سيروا قدمًا، إنّ الله يقول لمريم إنّه رفيق دربها"، عائدًا إلى الملاك جبرائيل "الّذي أعلن لمريم الرّسالة جاعلًا تتردّد في قلبها أصداء الكثير ممّا جاء في الكتاب المقدّس حول الطّفل الّذي سيولد منها، أيّ أنّ هذا الطّفل سيمثل إتمامًا للنبوّة. فالكلمة تدعو من الأعالي مريم إلى أن تكون أمّ المسيح المنتظَر، الطّفل الّذي سيكون ملكًا ولكن لا بالمفهوم البشريّ الجسديّ بل بالمفهوم الإلهيّ، الرّوحيّ، فاسمه يسوع يعني الله يخلِّص، وهذا تأكيد للجميع ودائمًا على أنّ مَن يخلِّص ليس الإنسان بل الله. وواصل الأب الأقدس أنّ يسوع هو من سيتمّم كلمات النّبيّ أشعيا: صار لهم مخلّصًا في جميع مضايقهم تضايق وملاك وجهه خلّصهم بمحبّته وشفقته افتداهم."

وعن اضطراب مريم في أعماقها أمام الأمومة، قال البابا: "إنّها امرأة ذكيّة قادرة على القراءة داخل الأحداث، فمريم تسعى إلى أن تفهم، إلى تمييز ما يحدث لها، وليس بحثها هذا في الخارج بل في الدّاخل. وهنا تلمس في أعماق قلبها المنفتح والحسّاس الدّعوة إلى الثّقة وتتّقد فيها هذه الثّقة كمصباح ذي أنوار كثيرة، فتستقبل الكلمة في أحشائها منطلقة هكذا في أعظم رسالة توكل إلى امرأة، إلى كائن بشريّ.  

لنتعلّم من مريم، أُمّ المخلّص وأمّنا، أن نفتح آذاننا أمام الكلمة الإلهيّة، أن نستقبلها ونحرسها كي تبدّل قلوبنا جاعلة إيّاها حاويات لحضوره".