الفاتيكان
05 شباط 2024, 13:25

البابا فرنسيس: لنتعلّم من سير يسوع المتواصل ولنكتشف الوجه الحقيقيّ للآب القريب والرّحوم

تيلي لوميار/ نورسات
قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، توقّف البابا فرنسيس عند القراءة من إنجيل القدّيس مرقس التي تُحدثنا عن يسوع في حركة وسير، "حيث يتوجه عقب أن عَلَّم في المجمع إلى بيت سمعان بطرس فيشفي حماة سمعان، وفي مساء اليوم نفسه يخرج يسوع مجدَّدا فيشفى عند باب المدينة كثيرًا من المرضى ويطرد كثيرًا من الشّياطين، ثم ينهض مبكرًا صباح اليوم التّالي ويذهب إلى مكان قفر ويصلّي، ليخرج بعد ذلك من كفر ناحوم ليسير في الجليل (راجع مرقس ١، ٢٩-٣٩)."

وأراد البابا، بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز"، "التّأمّل في هذا التّنقّل المستمرّ ليسوع حيث تُعرفنا هذه الحركة بشيء هامّ عن الله من جهة وتطرح بعض الأسئلة حول إيماننا من جهة أخرى." فتحدّث البابا فرنسيس أوّلًا عن "توجّه يسوع نحو الإنسانيّة الجريحة كاشفًا وجه الآب"، وقال البابا "إنّه قد تكون لدينا فكرة عن الله باعتباره إلهًا بعيدًا غير مبالٍ بما يحدث لنا، إلّا أنّ الإنجيل يرينا في المقابل كيف يخرج يسوع إلى الخارج بعد أن علّم في المجمع، وذلك كي تصل الكلمة التي أعلنها إلى الأشخاص وتلمسهم وتشفيهم. وهكذا، يكشف لنا يسوع أنّ الله ليس سيّدًا بعيدًا بل هو آب ممتلئ بالمحبّة، يقترب منّا ويزور بيوتنا ويريد أن يُخَلّصنا ويحرّرنا ويشفينا من كلّ شرّ في الجسد وفي الرّوح. الله هو قريب منّا دائمًا. يمكن تلخيص أفعال الله في كلمات ثلاث، القرب والشّفقة والحنان، فهو يقترب منّا ليرافقنا ويغفر لنا.

إنّ سير يسوع المستمرّ هذا يسائلنا، وبإمكاننا أن نسأل أنفسنا إن كنّا قد اكتشفنا وجه الله كآب رحوم أم أنّ الإله الذي نؤمن به ونعلنه هو بارد وبعيد، هل يحفزنا الإيمان على السّير أم أنّه بالنّسبة لنا مجرّد عزاء داخليّ يمنحنا السّكينة، هل نصلّي لمجرّد أن نشعر بأنفسنا في سلام أم أنّ الكلمة التي نصغي إليها ونعلنها تدفعنا إلى الخروج من الذّات، مثل يسوع، للقاء الآخرين ونشر عزاء الله؟"

ودعا البابا فرنسيس إلى "أن ننظر إلى سير يسوع وأن نتذكّر أنّ عملنا الرّعويّ الأوّل هو الابتعاد عن فكرتنا عن الله والارتداد كلّ يوم إلى الله الذي يُعَرفنا به يسوع في الإنجيل، أيّ آب المحبّة والشّفقة، الآب القريب والرّحوم والحنون. إنّنا حين نكتشف الوجه الحقيقيّ للآب ينضح إيماننا فنلمس الدّعوة إلى أن نحمل رجاء الله وشفاءه." ثم تضرع البابا إلى مريم العذراء "كي تساعدنا على الخروج من الذّات لإعلان الشّهادة للرّبّ القريب والعطوف والحنون."

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ذكَّر البابا فرنسيس "بالاحتفال في ١٠ شباط/ فبراير في شرق آسيا ومناطق أخرى من العالم ببداية السّنة القمريّة"، ووجّه تحيّة قلبية إلى جميع المحتفلين بهذه المناسبة راجيًا "أن تكون هذه فرصة لعيش علاقات مودّة وأفعال اهتمام تساهم في بناء مجتمع تضامنيّ وأخويّ يحظى فيه كلّ شخص بالاعتراف به واستقباله في كرامته". ودعا البابا الجميع "إلى الصلاة من أجل السّلام الذي يتطلّع إليه العالم بشكل كبير والذي هو ليس مسؤوليّة أشخاص قليلين بل مسؤوليّة العائلة البشريّة بأسرها، وإلى أن نتعاون جميعًا في بناء السّلام بأفعال عطف وبشجاعة"، وأكّد "مواصلة الصّلاة من أجل جميع المتألّمين بسبب الحرب."

كما ذكّر البابا "بالاحتفال في إيطاليا بيوم الحياة والذي اختير موضوعه هذا العام "قوّة الحياة تدهشنا"، وأكد وحدته مع أساقفة إيطاليا "في طلب تجاوز الرّؤى الإيديولوجيّة وذلك من أجل أن نكتشف مجدًّدا ما لكلّ حياة بشريّة، حتّى التي تعاني من محدوديّة، من قيمة عظيمة، وأنّ كلّ حياة هي قادرة على أن تمنح شيئًا للآخرين." ووجّه البابا تحيّة أيضًا "إلى جميع من أتوا للمشاركة في يوم الصّلاة والتّأمّل ضد الاتجار بالبشر في ٨ شباط/ فبراير، عيد القدّيسة جوزفين بخيتة، الرّاهبة السّودانيّة التي عانت في صغرها من العبوديّة"، وأشار "إلى أن اليوم أيضًا يتعرّض الكثير من الأخوة والأخوات إلى الخداع بوعود زائفة ويتعرّضون إلى الاستغلال والاعتداءات"، ودعا "إلى أن نتّحد جميعًا لمواجهة هذه الظّاهرة المأساويّة، وإلى الصّلاة من أجل ضحايا وجرحى الحرائق التي ضربت وسط تشيلي."