البابا فرنسيس: لم يأتِ يسوع ليدين، بل ليخلّص العالم
"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير! في هذا الأحد الرّابع من زمن الصّوم، يقدم لنا الإنجيل صورة نيقوديموس الذي كان فريسيًّا وأحد رؤساء اليهود. فقد رأى الآيات التي صنعها يسوع، وتعرف فيه على معلمٍ أرسله الله، فذهب للقائه ليلاً كي لا يراه أحد. الرّبّ يستقبله، ويتحدّث معه ويكشف له أنه لم يأتِ ليدين، بل ليخلص العالم. لنتوقف للتّفكير في هذا الأمر: لم يأتِ يسوع ليدين، بل ليخلص. هذا جميل.
كثيرًا ما نرى المسيح في الإنجيل يكشف عن نوايا الأشخاص الذين يلتقي بهم، ويكشف أحيانا عن مواقفهم الزّائفة، كما هو الحال مع الفرّيسيّين، أو يجعلهم يفكّرون في اضطراب بحياتهم، كما هو الحال مع المرأة السّامريّة. لا توجد أسرار أمام يسوع: إنه يقرأ في القلوب. في قلب كلّ واحد منّا. قد تكون هذه القدرة مزعجة لأنّه إذا تم استخدامها بشكل سيئ، فإنّها تؤذي النّاس وتعرّضهم لأحكام لا تعرف الرّحمة. في الواقع، لا يوجد أحد كامل: كلّنا خطأة، كلّنا نرتكب الأخطاء، وإذا استخدم الرّبّ معرفته بهشاشتنا كي يديننا، فلا يمكن لأحد أن يخلُص.
لكن الأمر ليس هكذا. في الواقع، إنّه لا يلجأ إلى هشاشتنا من أجل توجيه أصابع الاتّهام إلينا، ولكن لاحتضان حياتنا وتحريرنا من الخطايا وخلاصنا. يسوع ليس مهتما بمحاكمتنا وإخضاعنا للعقوبات. إنّه لا يريد أن يضيع أيّ منّا. نظرة الرّبّ إلينا ليست منارة تبهرنا وتضعنا في صعوبات، بل هي بصيصٌ لطيف من مصباح ودود، يساعدنا على رؤية الخير في أنفسنا وإدراك الشّرّ، حتّى نتوب ونشفى بمساعدة نعمته.
لم يأتِ يسوع ليدين، بل ليخلّص العالم. لنفكّر في أنفسنا، نحن الذين كثيرًا ما ندين الآخرين. مرّات عديدة نحبّ النّميمة والثّرثرة ضدّ الآخرين. لنطلب من الرّبّ أن يعطينا نظرة الرّحمة هذه، أيّ أن ننظر إلى الآخرين كما ينظر إلينا جميعًا. لتساعدنا مريم على أن نتمنّى الخير لبعضنا البعض."
وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ تحدث البابا فرنسيس عن الاحتفال باليوم العالميّ للمرأة وعبّر عن قربه من سكان هاييتي الذين يعانون من العنف، وتوجّه بأطيب التّمنّيات إلى المسلمين مع بداية شهر رمضان، كما دعا إلى الصّلاة على نيّة السّلام في أوكرانيا والأرض المقدّسة. و قال البابا: "قبل يومين، تمّ الاحتفال باليوم الدّوليّ للمرأة. أودّ أن أتوجّه بفكرة وأعبّر عن قربي من جميع النّساء، ولاسيّما اللواتي لا تُحترم كرامتهن. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب على كلّ واحد منّا القيام به حتّى يتمّ الاعتراف بشكل ملموس بالكرامة المتساوية للمرأة. إنّ المؤسّسات، الاجتماعيّة والسّياسيّة، هي التي يقع على عاتقها واجب أساسيّ لحماية وتعزيز كرامة كلّ إنسان، وعليها أن توفّر للنّساء، حاملات الحياة، الظّروف اللّازمة ليتمكنّ من قبول هبة الحياة وضمان حياة كريمة لأطفالهن.
إنّني أتابع بقلق وأسى الأزمة الخطيرة في هايتي وأحداث العنف التي وقعت في الأيام الأخيرة. أنا قريب من الكنيسة ومن الشّعب الهايتي العزيز، الذي عانى لسنوات من الكثير من الألم. أدعوكم إلى الصّلاة، بشفاعة سيّدة المعونة الدّائمة، كي تتوقّف جميع أشكال العنف ولكي يقدّم الجميع مساهمتهم في نموّ السّلام والمصالحة في البلاد، بدعم متجدّد من المجتمع الدّوليّ.
سيبدأ اللّيلة الأخوة المسلمون إحياء شهر رمضان: أعبّر عن قربي منهم جميعًا.
أرحّب ترحيبًا حارًّا بالجماعة الكاثوليكيّة في جمهورية الكونغو الديمقراطية المقيمة في روما. لنصلّ من أجل السّلام في هذا البلد، وكذلك في أوكرانيا المعذّبة وفي الأرض المقدّسة. آمل أن تتوقف الأعمال العدائية، التي تسبب معاناة هائلة للسّكان المدنيّين، في أقرب وقت ممكن."