البابا فرنسيس: لمواجهة كورونا بقوّة الإيمان ويقين الرّجاء وحماس المحبّة
"إنّ يسوع مضى ببطرس ويعقوب ويوحنّا إلى جبل عال، رمز القرب من الله، كي يجعلهم منفتحين على فهمٍ أكثر كمالاً لسرّه، هو الّذي سيكون عليه أن يتألّم ويموت ليقوم بعد ذلك. إنّ يسوع كان قد تحدّث إليهم عن الآلام والقيامة لكنّهم لم يتمكّنوا من قبول ما كان سيحدث، ولهذا فعندما صعدوا إلى الجبل أخذ يسوع يصلّي وتجلى أمام التّلاميذ الثلاثة "فأَشَعَّ وَجهُه كالشَّمس، وتَلألأَت ثِيابُه كالنُّور" (2).
من خلال فعل التّجلّي أصبح التّلاميذ مدعوّين إلى أن يروا في يسوع ابن الله المتألّق بالمجد، وتَقدَّموا هكذا في معرفة معلّمهم متنبّهين إلى أنّ المظهر البشريّ لا يكشف حقيقته الكاملة، وانكشف أمام أبصارهم البعد الإلهيّ ليسوع، وإذ سمع صوت يقول من الأعالي "هذا هَو ابنيَ الحَبيبُ الَّذي عَنهُ رَضيت، فلَهُ اسمَعوا" (5). وهكذا يؤكّد الآب السّماويّ مهمّة يسوع الّتي بدأت بالمعموديّة في نهر الأردنّ، ويدعو التّلاميذ إلى الإصغاء إليه واتِّباعه".
ثمّ توقف البابا عند اختيار يسوع من بين التّلاميذ بطرس ويعقوب ويوحنّا "ليمضي بهم إلى الجبل خاصًّا إيّاهم بالتّميّز بمشاهدة التّجلّي. ومع ذلك، فقد أنكره بطرس بينما طلب الأخوان يعقوب ويوحنّا مكانًا مميّزًا في ملكوته (راجع متّى 20، 20-23). إلّا أنّ يسوع لا يختار على أساس معاييرنا بل انطلاقًا من تصميمه، تصميم المحبّة، إنّه اختيار مجّانيّ، غير مشروط، مبادرة حرّة، صداقة إلهيّة لا تطلب شيئًا في المقابل. وكما دعا يسوع التّلاميذ الثّلاثة، فإنّه يدعو اليوم أيضًا البعض ليكونوا قريبين منه ليتمكّنوا من الشّهادة. إنّ الشّهادة هي هبة لم نستحقّها ونحن نشعر بأنفسنا غير ملائمين ولكن لا يمكننا التّراجع متحجّجين بعدم قدرتنا.
نحن لم نكن على جبل طابور ولم نرَ بأعيننا وجه يسوع يشعّ كالشّمس، ولكنّنا قد تسلّمنا نحن أيضًا كلمة الخلاص وُوهبنا الإيمان، واختبرنا بأشكال مختلفة فرح لقاء يسوع. ولنا نحن أيضًا يقول يسوع: "قوموا، لا تخافوا" (راجع متّى 17، 7)".
أمّا عن "عالم اليوم المطبوع بالفردانيّة والجشع والّذي تحجب فيه المخاوف اليوميّة نور الله، وغالبًا ما نقول ليس لديّ وقت للصّلاة، لست قادرًا على تقديم خدمة في الرّعيّة والاستجابة لمطالب الآخرين"، حثّ البابا على "ألّا ننسى أنّ المعموديّة والتّثبيت اللّذين تلقّيناهما قد جعلانا شهودًا، لا بفضل قدراتنا، بل بعطيّة الرّوح القدس".
وبعد التّبشير الملائكيّ، أكّد البابا قربه بالصّلاة من الأشخاص المتألّمين بسبب وباء فيروس كورونا وجميع مَن يعتنون بهم، مشدّدًا على اتّحاده مع الأساقفة في تشجيع المؤمنين على عيش هذه اللّحظة الصّعبة بقوّة الإيمان، يقين الرّجاء، وحماس المحبّة، سائلًا أن "يساعدنا زمن الصّوم على منح معنى إنجيليّ للحظة التّجربة هذه أيضًا."
هذا ووجّه البابا تحيّة إلى الجمعيّات والمجموعات العاملة تضامنًا مع الشّعب السّوريّ، وبشكل خاصّ مع سكّان إدلب المجبرين على الهرب أمام تطوّرات الحرب، مجدّدًا قلقه الكبير إزاء الأوضاع غير الإنسانيّة، مشدّدًا على أنّه لا يمكن إبعاد الأنظار عنها بل "علينا منحها أولويّة أمام أيّة مصالح"، داعيًا إلى "الصّلاة من أجل الأخوة والأخوات المتألّمين بشكل كبير في شمال غرب سوريا، في إدلب".