الفاتيكان
18 أيار 2021, 08:45

البابا فرنسيس للمكرّسين: لا تخافوا من الضّواحي لأنّ هناك سوف يكلّمكم الرّوح القدس!

تيلي لوميار/ نورسات
"الحياة المكرّسة، تُفهم في المسيرة، كما هو الحال دائمًا. تُفهم من خلال تكريس ذواتنا يوميًّا. وتُفهم في الحوار مع الواقع"، هذا ما أكّده البابا فرنسيس في رسالة مصوّرة وجّهها إلى المشاركين في الأسبوع الوطنيّ الخمسين لمعاهد الحياة المكرّسة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أرغب في أن أشكر علنًا الأب أكويلينو، الكاهن، والرّاهب، الّذي لم يتوقّف عن كونه راهبًا وكاهنًا، والّذي يخدم الكنيسة دائمًا بهذه الطّريقة. أرغب في أن أشكر أيضًا هذا الزّرع المستمرّ للقلق من أجل فهم غنى الحياة المكرسّة وجعلها تُثمر. وليس فهمها فقط وإنّما عيشها أيضًا، ليس فقط كنظريّة، لا، وإنّما كممارسة. ولذلك أشكر الكاردينال أكويلينو علنًا على هذا كلّه.

أرى البرنامج، وأرى أنّ هناك أشخاصًا لديهم الكثير من الخبرة في الحياة المكرّسة، وخبرة عالميّة، وخبرة للمحدوديّة. على سبيل المثال، رئيسة اتّحاد المكرّسين في أميركا اللّاتينيّة، الأخت ليليانا تعرف محدوديّة أميركا اللّاتينيّة، الّتي ظهرت كثيرًا في السّينودس من أجل منطقة الأمازون؛ أو الكاردينال كريستوبال، من الرّباط الّذي يعرف المحدوديّة مع العالم الإسلاميّ. والعديد من المشاركين الآخرين من وجهات نظر مختلفة.

تعجبني الرّسالة، وأنا أرى الآن البرنامج للمرّة الأولى. وأريد أن أخبركم أنّني قريب منكم في عيش هذا الأسبوع الوطنيّ الخمسين لمعاهد الحياة المكرّسة. إنَّ الحياة المكرّسة، تُفهم في المسيرة، كما هو الحال دائمًا. تُفهم من خلال تكريس ذواتنا يوميًّا. وتُفهم في الحوار مع الواقع. عندما تفقد الحياة المكرّسة هذا البعد من الحوار مع الواقع والتّأمُّل حول ما يحدث، تبدأ في أن تصبح عقيمة. أسأل نفسي حول عقم بعض معاهد الحياة المكرّسة، فأرى أنّ السّبب بشكل عامّ يكمن في غياب الحوار والالتزام بالواقع. لذلك لا تهملوا هذا الأمر، لأنَّ الحياة المكرّسة هي على الدّوام حوار مع الواقع. قد يقول لي أحدكم "نعم، إنّ هذا الشّكل هو حديث الآن"... لا! لنفكّر في القدّيسة تريزا. إنّ القدّيسة تريزا قد رأت الواقع وقامت بخيار إصلاح وسارت إلى الأمام. من ثمَّ وخلال المسيرة كان هناك محاولات لتحويل ذلك الإصلاح إلى انغلاق وهذا الأمر موجود على الدّوام. ولكنَّ الإصلاح هو مسيرة على الدّوام، إنّه مسيرة في اتّصال مع الواقع وأفق تحت نور الموهبة التّأسيسيّة. وفي هذه الأيّام، ساعدت هذه اللّقاءات، وهذه الأسابيع من الحياة المكرّسة على تبديد الخوف.

ومن المحزن أيضًا أن نرى كيف أنّ بعض المعاهد، ولكي تبحث عن أمانٍ معيَّن، لتكون قادرة على السّيطرة على نفسها، قد وقعت في أيديولوجيّات من نزعاتٍ متعدِّدة. عندما تعيد رهبنة ما صياغة موهبتها وتحويلها إلى أيديولوجيّة، فإنّها تفقد هويّتها وتفقد خصوبتها. إنّ الحفاظ على الموهبة التّأسيسيّة حيّة يعني إبقائها في مسيرة ونموّ، في حوار مع ما يقوله الرّوح القدس لنا في تاريخ الأزمنة، في الأماكن، وفي مراحل ومواقف مختلفة. إنّه يفترض التّمييز ويفترض الصّلاة. لا يمكن الحفاظ على الموهبة التّأسيسيّة بدون الشّجاعة الرّسوليّة، أيّ بدون السّير، وبدون تمييز وبدون صلاة. وهذا ما تحاولون القيام به هذا الأسبوع. هذا ليس مجرَّد لقاء لكي نعزف على الغيتار ونقول "ما أجمل الحياة المكرّسة"، لا، - نعم، إعزفوا على الغيتار من وقت لآخر لأنّه من الجيّد أن تُغنّوا، إنّه أمر جيّد ويساعدكم، كما يقول القدّيس أوغسطينوس، "أنشد وسِر"، إنّه أمر جيّد ويساعدكم، ولكنّه أيضًا لقاء لكي نحاول معًا ألّا نضيع في الشّكليّات، والأيديولوجيّات، والمخاوف، والحوارات مع أنفسنا وليس مع الرّوح القدس.

لا تخافوا من محدوديّتكم! لا تخافوا من الحدود! لا تخافوا من الضّواحي! لأنّ هناك سوف يكلّمكم الرّوح القدس. ضعوا أنفسكم "في نطاق" الرّوح القدس. وهذه الأسابيع ستساعدكم بالتّأكيد لكي تضعوا أنفسكم في "النّطاق". ليبارككم الله ولتحفظكم العذراء مريم، وإن بقي لديكم القليل من الوقت أسألكم أن تصلّوا من أجلي".