الفاتيكان
26 تشرين الثاني 2021, 14:30

البابا فرنسيس للمشاركين في مهرجان العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة: إصنعوا التّغيير أينما كنتم!

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه البابا فرنسيس رسالة مصوّرة إلى المشاركين في النّسخة الحادية عشر لمهرجان العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة الّذي يعقد في فيرونا، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"تحيّة طيّبة لكم جميعًا أنتم الّذين تشاركون في النّسخة الحادية عشرة من مهرجان العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة. الموضوع الّذي اخترتموه لهذا العام هو: "جريئون في الرّجاء- مبدعون بشجاعة". إنّه موضوع يلخّص الموقف الّذي حاولنا مواجهته في هذه المرحلة الّتي لا تزال تتأثّر بالوباء. الجرأة والرّجاء والإبداع والشّجاعة ليست مرادفات، ولكنّها تمثّل ارتباطًا بين النّوايا والفضائل والانفتاح والآراء حول الواقع وتقوّي الرّوح البشريّة. ولكن ليس هذا وحسب…

تتذكّرون مثل الوزنات الّذي يرويه إنجيل القدّيس متّى. نقرأ في الآية السّادسة عشرة: "أَسرَعَ الَّذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إِلى المُتاجَرَةِ بِها فَربِحَ خَمسَ وَزَناتٍ غَيرَها". هذا المثل هو المثل الأخير في النّصّ الّذي يقال فيه لنا إنّنا سوف نُحاكم على المحبّة؛ وبالتّالي يبدو أنّ مثل الوزنات هو الخطاب البرنامج ليسوع حول الشّجاعة الضّروريّة لكي يكون المرء مسيحيًّا. وإزاء كلّ موقف محبّة وتسامح ظاهريّ وإزاء كلِّ قدريَّة، يدعو يسوع الجموع لكي تستخدم مواهبها بشجاعة. لا يهمّ كم وما هي مواهب كلّ فرد، لكنَّ يسوع يطلب منّا أن نجازف ونستثمرها لكي نضاعفها. عندما نبقى منغلقين على أنفسنا بهدف وحيد وهو الحفاظ على ما لدينا، فنحن خاسرون بالنّسبة للإنجيل: في الواقع، سيُنزعَ منّا حتّى ما بقي لدينا وبالتّالي فالجرأة والرّجاء والإبداع والشّجاعة هي كلمات تحدّد روحانيّة المسيحيّ. "لأَنَّ كُلَّ مَن كانَ له شَيء، يُعطى فيَفيض. ومَن لَيسَ له شيء، يُنتَزَعُ مِنهُ حتَّى الَّذي له".

في الرّسالة العامّة "Fratelli tutti" أُذكِّر أنَّ الوباء قد سمح لنا بأن نستعيد ونقدِّر العديد من رفاق ورفيقات السّفر الّذين، وسط الخوف، تصرّفوا مُضحّين بأرواحهم. وبالتّالي تمكنّا من أن نُدرك أنّ حياتنا متشابكة مع حياة الآخرين ويدعمها أشخاص عاديّين كتبوا بلا شكّ الأحداث الحاسمة لتاريخنا المشترك: أطبّاء وممرّضين وممرّضات، صيادلة وعمّال السّوبر ماركت ومدبّرات المنازل ومقدّمي الرّعاية وعمّال النّقل، رجال ونساء يعملون لكي يقدّموا الخدمات الأساسيّة والسّلامة؛ متطوّعون، وكهنة وراهبات، وآخرين غيرهم... لقد فهموا أنّ لا أحد يُخلّص بمفرده. هذه هي المواهب الّتي تمَّ استثمارها لكي تُثمر... هذا هو الرّجاء الّذي يعضد ويوجّه الإبداع بجرأة وشجاعة. لهذا السّبب أجدّد دعوتي للسّير في الرّجاء الّذي هو شجاع ويعرف كيف ينظر إلى ما وراء الرّاحة الشّخصيّة، والضّمانات الصّغيرة والتّعويضات الّتي تضيِّق الأفق، لكي ننفتح على مثل عظيمة تجعل الحياة جميلة وكريمة.

لقد قلت في مناسبات أخرى، إنّ الرّجاء هو مثل إلقاء المرساة على الشّاطئ الآخر. هذه هي الجرأة الّتي تلهم أفعالاً جديدة، وتوجّه المهارات، وتحفز الالتزام، وتبعث الحياة في الحياة. إنَّ الّذين يرجون يعرفون أنّهم جزء من تاريخ بناه آخرون ونالوه كعطيّة، تمامًا كما في مثل الوزنات. وهم يعرفون أيضًا أنّه عليهم أن يجعلوا هذه العطيّة تُثمر.

أودّ أن أوجّه كلمة أخرى إلى مختلف الفاعلين في الحياة الاجتماعيّة المجتمعين في فيرونا بمناسبة المهرجان: روّاد أعمال ومهنيّون وممثّلو عالم المؤسّسات والتّعاون والاقتصاد والثّقافة، واصلوا التزامكم مُتِّبعين الدّرب الّذي رسمه الأب أدريانو فينتشنزي معكم من أجل معرفة العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة والتّنشئة عليها. وكما يقول شعار هذه النّسخة: إصنعوا التّغيير أينما كنتم! لكن إصنعوا التّغيير، لأنّنا نعلم أنّنا لا نخرج من الأزمة كما كنّا قبلها، إمّا سنخرج أفضل من قبل أو أسوأ من قبل. ليبارككم الرّبّ، ولتحفظكم العذراء مريم. ورجاء لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."