الفاتيكان
15 أيلول 2023, 05:55

البابا فرنسيس للمشاركين في النّدوة المسكونيّة البولسيّة: مسيرة وخدمة سيروا على هذا النّحو!

تيلي لوميار/ نورسات
إلى السّير معًا والخدمة دعا البابا فرنسيس المشاركين في النّدوة المسكونيّة البولسيّة السّادسة والعشرين خلال استقبالهم صباح الخميس في قاعة كليمينتينا، إذ توجّه إليهم بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أشكركم على زيارتكم، الّتي تتمّ بينما تجتمعون هنا في روما، في بازيليك القدّيس بولس خارج الأسوار، لحضور النّدوة المسكونيّة البولسيّة. هذه المبادرة، الّتي ولدت بعد وقت قصير من انعقاد المجمع الفاتيكانيّ الثّاني من قبل مجموعة من العلماء من حوالي عشرة بلدان ومن تقاليد مسيحيّة مختلفة، وصلت إلى نسختها السّادسة والعشرين. لذلك يمكنها أن تتباهى بمسار مكثّف من الدّراسة والبحث ساهم بفضل كفاءتكم وشغفكم، في المعرفة الكتابيّة والرّوحيّة لرسائل رسول الأمم. ولكن ما هو أكثر أهمّيّة في هذا الحدث هو أنّ المحادثات تجري بين الطّوائف المسيحيّة المختلفة، وأنتم، أيّها الباحثون الشّغوفون بالقدّيس بولس، تأتون من دول مختلفة، حاملين معكم ليس فقط خصوصيّة الدّراسات، وإنّما أيضًا ميزة ثقافة أصل وحياة إيمان الجماعة المسيحيّة الّتي تنتمون إليها.

هذا هو الإسهام العظيم لهذا المؤتمر: اللّقاء بين مسيحيّين مختلفين فيما بينهم ولكنّهم متّحدين بحكمة التّعليم البولسيّ؛ والحوار بين نقاط الانطلاق المختلفة، الّتي تبحث عن أرضيّة مشتركة انطلاقًا من الكتاب المقدّس؛ والمقارنة التّفسيريّة الدّقيقة والعلميّة، الّتي تجد مصدرها الحيويّ في سياق الصّلاة والرّوحانيّة، لكي يظهر جمال رسائل بولس الرّسول وأهمّيّتها للحياة المسيحيّة والكنسيّة. لذلك هناك شيء شجاع ونبويّ في مبادرتكم. هناك الشّجاعة للتّغلّب على حواجز عدم الثّقة، الّتي تظهر غالبًا عندما نُدعى للقاء الآخرين. ثمّ هناك النّبوءة المسكونيّة، "قلق الروح" السّليم الّذي دُعينا إليه جميعًا نحن المسيحيّون، لكي تتقدّم المسيرة نحو ملء الوحدة ولا يضعف أبدًا الالتزام في الشّهادة. وإذا كانت الانقسامات عبر التّاريخ سببًا للمعاناة، فيجب علينا اليوم أن نلتزم لكي نعكس هذا الاتّجاه، ونتقدّم في مسارات الوحدة والأخوّة، الّتي تبدأ بالتّحديد بالصّلاة والدّراسة والعمل معًا.

إنّ رغبتكم في التّعمّق أكثر في رسائل القدّيس بولس، ومساهمة دراساتكم، وقيمة المساهمات الّتي تتبادلونها والّتي ستنشرونها بعد ذلك، تتركّز هذا العام حول الفصل التّاسع والعاشر والحادي عشر من الرّسالة إلى أهل روما. إنّه عرض استثنائيّ لسرّ الخلاص، الّذي يربط- وبالتّالي في حوار- هبات الله ودعوته لإسرائيل، والّذي يقول بولس الرّسول إنّه "لا رجعة" فيهما، برجاء الإنجيل. وبالتّالي يسلّمنا بولس الرّسول رسالة ذات أهمّيّة أساسيّة، لا تزال تمثّل الأساس الّذي لا يجب أن نعمِّق عليه الدّراسات البيبليّة وحسّب، وإنّما علينا أن نواصل تعزيز الحوار المسكونيّ أيضًا: إنَّ الله لا يتراجع في وعوده للخلاص ويمضي بها قدمًا بصبر، حتّى من خلال طرق غير متوقّعة ومثيرة للدّهشة. لكن اليقين الأساسيّ هو أنّه يمكن للمؤمنين أن يعتمدوا على رحمة الله ووعوده. وحتّى في ضعفهم وفي التّهديدات المتعدّدة الّتي تعرّض إيمانهم للخطر، يمكنهم أن يعتمدوا، بفضل موت المسيح وقيامته، على الوعد الفعّال لنعمة الله.

أيّها الأعزّاء، على أساس الرّجاء هذا أرغب في أن أدعم عملكم الثّمين. من الجميل أن تستمرّوا في الحوار الأكاديميّ والبيبليّ والرّوحيّ والأخويّ، وأن تنشروا الغنى الأصليّ الّذي يحمله كلّ واحد منكم. من فضلكم، واصلوا بحثكم البيبليّ بدقّة وكفاءة، ولكن وبشكل خاصّ إسمحوا أيضًا بأن تُدهشكم الموارد الرّوحيّة العديدة الموجودة في الرّسائل البولسيّة، لكي تقدّموا للجماعات المسيحيّة "كلمات جديدة"، قادرة على أن تنقل صلاح الآب الرّحيم، وآنيّة خلاص المسيح، ورجاء الرّوح القدس المُجدِّد. ولينمُ بين المؤمنين، من خلال عملكم، المتعب والخفيّ في كثير من الأحيان، الرّوح المسكونيّ، روح الحوار والأخوّة الّذي يساعد المسيرة المشتركة للبحث عن الرّبّ: المسيرة المسكونيّة.

ذات مرّة، سُئل لاهوتيّ أرثوذكسيّ عظيم هذا السّؤال: "ما رأيك في وحدة المسيحيّين، كيف تسير الأمور، ومتى سيصل وقت الوحدة الحقيقيّة؟" وهذا اللّاهوتيّ الصّالح- الّذي مات منذ عامين- قال: "لكنّني لا أعرف متى ستكون هناك الوحدة الكاملة... "متى؟" "في اليوم التّالي بعد الدّينونة الأخيرة..." ولكن هذا لا ينزع الرّجاء. وفي هذه الأثناء علينا أن نسير معًا، ونصلّي معًا، ونعمل معًا. إنَّ المسكونيّة الحقيقيّة تتحقّق خلال المسيرة. لا تخافوا من ذلك. سيروا، وسيروا مع الآخرين، وبثقة في الآخرين. وفي الخدمة: خدمة الفقراء ومساعدة الجماعات المسيحيّة وحتّى غير المسيحيّة. مسيرة وخدمة: سيروا على هذا النّحو! أشكركم على كلّ ما تقومون به وعلى التزام هذه الأيّام. وأذكرِّكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي".