الفاتيكان
07 أيلول 2023, 12:50

البابا فرنسيس للمشاركين في الأسبوع البيبليّ الوطنيّ السّابع والأربعين: واصلوا رسالتكم في مساعدة شعب الله على أن يتغذّى من الكلمة

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البابا فرنسيس صباح اليوم في قاعة الكونسيستوار في القصر الرّسوليّ بالفاتيكان المشاركين في الأسبوع البيبليّ الوطنيّ السّابع والأربعين الذي يُعقد في روما تحت عنوان "العهد والعهود بين العالميّة والخصوصيّة". وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنّ الموضوع الذي اخترتموه للقاءاتكم عزيز على قلبي وهو واحد من أعظم الاهتمامات الحاليّة للكنيسة. في الواقع، إنّ العهود الثّلاثة التي تتأمّلون فيها تتعلّق بشكل وثيق بعلاقاتها مع العالم المعاصر.

يركّز العهد مع نوح على العلاقة بين البشريّة والخليقة. يركّز العهد مع إبراهيم على الدّيانات التّوحيديّة الثّلاث الكبرى في قالبها المشترك: الإيمان بالله كشرط للوحدة والخصوبة. وأخيرًا، يتعلّق عهد سيناء بعطيّة الشّريعة وانتخاب إسرائيل كأداة خلاص لجميع الشّعوب. إنّها مواضيع تتقاطع تمامًا مع العهدين القديم والجديد، مع توتّرات وإعادة صياغة تتأرجح باستمرار بين عالميّة محبّة الله للبشريّة، من دون استثناء أحد، وخصوصيّة الاختيار، يجمعهما طابع موحّد: اللّا رجعة في هبات الله ودعوته، وتقدمته الدّائمة والمتعدّدة للشّركة، كما قال القدّيس يوحنّا بولس الثّاني. لنتأمّل إذن للحظة حول آنيّة هذه المواضيع الثّلاثة، وفي ضوءها، حول قيمة عملكم.

كما قلنا، يتضمن عهد نوح إشارة واضحة إلى العلاقة بين الإنسان والخليقة. في قصة الطوفان، يعيد الله الرجاء والخلاص للبشرية، التي دمرتها الكراهية والعنف، من خلال عدالة البطريرك. هذه العدالة تحمل في ذاتها بعدًا إيكولوجيًّا لا غنى عنه، في إعادة اكتشاف واحترام الإيقاعات التي رسمتها يد الخالق في الطبيعة. إن العهد مع نوح، إذن، والذي لم ينقص أبدًا من جانب الله، يستمر في حثنا على الاستخدام العادل والرصين لموارد الكوكب.

تابع الحبر الأعظم يقول أما الموضوع الثاني فيمثل العهد مع إبراهيم كأيقونة مشتركة بين الديانات التوحيدية الثلاث الكبرى. وهذه أيضًا هي صورة ذات آنية كبيرة. في الواقع، كما يعلّم المجمع الفاتيكاني الثاني، في زمن تهزّه أصداء الموت والحرب، يدعونا الإيمان المشترك بالله الواحد ويشجعنا لكي نعيش كإخوة. وفيه نحن مدعوين إلى الدعوة البشريّة والإلهية عينها، بدون عنف أو خداع، ويمكننا وعلينا أن نعمل معًا لبناء العالم في سلام حقيقيّ.

وأخيرًا، الموضوع الثّالث هو عطيّة الشّريعة وانتخاب شعب إسرائيل. وهو أيضًا أمر مهمّ. في الواقع، في الكتاب المقدّس، وضدّ أيّ تجربة للقراءة الحصريّة، فإنّ خصوصيّة الاختيار هي دائمًا في ضوء خير عالميّ ولا تقع أبدًا في أشكال الانفصال أو الاستبعاد. إنَّ الله لا يختار أحدًا ليستبعد الآخرين، وإنّما لكي يدمج الجميع على الدّوام. إنّه تحذير مهمّ لزمننا الذي تتزايد فيه انجرافات الانفصال، وتحفر الخنادق وترفع الأسوار بين الأفراد وبين الشّعوب، على حساب وحدة الجنس البشريّ وجسد المسيح نفسه، بحسب مشروع الله.

لكن لقائكم هذا لا يزال يذكّر بقيمة أخرى أريد أن أسلّط الضّوء عليها: وهي العمل معًا في خدمة الكلمة. في الواقع، هو يندرج في عمل تعاونيّ أوسع تقدمه الرّابطة الكتابيّة بشكل دائم للكنيسة في إيطاليا. لقد كانت من أولى الرّابطات اللّاهوتيّة في هذا البلد وهي لا تزال حاضرة بقوّة في مختلف الأبرشيّات، لاسيّما من خلال تنشيط الأسابيع البيبليّة الأبرشيّة، والتي تعضدها بالتّعاون مع العمل الرّسوليّ البيبليّ لمجلس أساقفة إيطاليا. وآمل أن ينمو هذا الحضور في جميع أنحاء البلاد، مع تجنّب جميع أشكال النّخبويّة والإقصاء. تعمل الرّابطة الكتابيّة أيضًا بالتّعاون مع المعهد البابويّ البيبليّ، في مرحلة حاسمة من أجل إصلاح الجامعات البابويّة، حيث العهد بين المؤسّسات الأكاديميّة ليس سهلاً على الدّوام. أمّا بالنّسبة للعديد من أعضاء الرّابطة، يبقى المعهد البابويّ البيبليّ دائمًا "الجامعة الأمّ" التي ولدتهم في البحث وفي الرّسالة. وهذا يقدّم مثالاً على ذلك التّآزر الذي من الضّروري تعزيزه، في روما وأماكن أخرى، بين معاهد الدّراسات المختلفة، لكي لا نتعرض لخطر الانقراض الذي لا يمكن إصلاحه.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، واصلوا رسالتكم في مساعدة شعب الله على أن يتغذّى من الكلمة، لكي يكون الكتاب المقدّس أكثر فأكثر إرثًا للجميع: كتاب شعب الرّبّ الذي، عندما يصغي إليه، ينتقل من التّشتّت والانقسام إلى الوحدة. أبارككم من كلّ قلبيّ. ومن فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!"