الفاتيكان
20 نيسان 2022, 13:30

البابا فرنسيس للمراهقين: تشجّعوا وسيروا قدمًا!

تيلي لوميار/ نورسات
في صلاة ترأّسها مع المراهقين المشاركين في حجّ الشّباب "Seguimi" الّذي ينظّمه مجلس أساقفة إيطاليا، في ساحة القدّيس بطرس، شجّع البابا فرنسيس المشاركين على عدم الخوف والمضيّ بسلام وسعادة في الحياة، ببركة يسوع القائم من بين الأموات "قوّة حياتهم".

كلام البابا جاء في كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "إنَّ يسوع قد انتصر على ظلمة الموت. ولكن لسوء الحظّ، لا تزال كثيفة الغيوم الّتي تلقي بظلالها على زمننا. فبالإضافة إلى الوباء، تشهد أوروبا الآن حربًا رهيبة، فيما يستمرّ في مناطق عديدة من الأرض الظّلم والعنف اللّذان يدمِّران البشريّة والكوكب. غالبًا ما يكون أترابُكم هم الّذين يدفعون الثّمن الأغلى: إذ لا تُعرَّض حياتهم للخطر وحسب، ولكن أحلامهم للمستقبل تُداس أيضًا. وبالتّالي لا يزال هناك العديد من الإخوة والأخوات الّذين ينتظرون نور الفصح.

تبدأ رواية الإنجيل الّتي سمعناها في ظلام اللّيل. أخذ بطرس والآخرون القوارب وذهبوا للصّيد- ولم يصطادوا شيئًا. يا لها من خيبة أمل! عندما نبذل الكثير من الطّاقات لتحقيق أحلامنا، وعندما نستثمر الكثير من الأمور، مثل الرّسل، وإنّما بدون نتيجة... ولكن حدث أمرٌ مفاجئ: عند الفجر، يظهر رجل على الشّاطئ، وهو يسوع. كان ينتظرهم. وقال لهم يسوع: "ألقوا الشّبكة إلى يمين السّفينة تجدوا". وحدثت المعجزة: امتلأت الشّباك بالسّمك. يمكن لهذا الأمر أن يساعدنا في التّفكير في بعض لحظات حياتنا. أحيانًا تمتحننا الحياة بشكل قاسٍ، وتجعلنا نلمس لمس اليدِ نقاط الضّعف لدينا، وتجعلنا نشعر بالعريّ، والعجز، والوحدة. كم مرّة خلال هذه الفترة شعرتم بالوحدة، بعيدًا عن أصدقائكم؟ كم من مرّة خفتم؟ لا يجب أن تخجلوا من أن تقولوا: "أنا خائف من الظّلام!" كلّنا نخاف من الظّلام. علينا أن نقول مخاوفنا، علينا أن نعبِّر عن المخاوف لكي نتمكّن من التّخلّص منها. تذكّروا هذا الأمر: علينا أن نقول مخاوفنا. لمن؟ للأب، للأمّ، لصديق، لصديقة، لشخص يمكنه مساعدتكم. يجب أن تكشفوا عن مخاوفكم. وعندما تذهب المخاوف الّتي هي في الظّلمة إلى النّور تنفجر الحقيقة. فلا تثبط عزيمتكم: إذا كنت خائفين، إكشفوا عن مخاوفكم وهذا الأمر سوف يساعدكم! إنَّ الظّلام يضعنا في أزمة. لكن المشكلة تكمن في كيفيّة إدارتي لهذه الأزمة: إذا احتفظت بها لنفسي فقط ولقلبي، ولم أتحدّث عنها مع أيّ شخص، فلن ينجح الأمر. في الأزمات، عليَّ أن أتحدّث مع الصّديق الّذي يمكنه مساعدتي، مع أبي أو مع أمي، مع جدّي أو جدّتي، مع الشّخص الّذي يمكنه مساعدتي. علينا أن نسلّط الضّوء على الأزمات لكي نتغلّب عليها.

أيّها الشّباب، أنتم لا تملكون بعد خبرة الكبار، لكنّكم تملكون شيئًا قد فقدناه نحن الكبار أحيانًا. على سبيل المثال: مع مرور السّنين، نحتاج نحن الكبار إلى نظّارات لأنّنا فقدنا بصرنا أو أحيانًا قد نصبح صُمًّا قليلاً لأنّنا قد فقدنا سمعنا... أو، في كثير من الأحيان، تجعلنا عادةُ الحياة نفقد "الحدس"؛ أمّا أنتم فتملكون "الحدس". ولا تفقدوا هذا الحدس من فضلك! لديكم حسٌّ داخليّ للحقيقة والواقع وهذا شيء عظيم. الحدس الّذي كان لدى يوحنّا: ما إن رأى ذلك السّيّد هناك الّذي قال لهم: "ألقوا الشّبكة إلى يمين"، قال له حدسه: "إنّه الرّبّ!". لقد كان يوحنّا أصغر الرّسل. أنتم أيضًا لديكم الحدس فلا تفقدوه! تملكون الحدس لكي تقولوا: "هذا الأمر صحيح- وهذا ليس صحيحًا- وهذا الأمر ليس جيّدًا"؛ إنّه الحسُّ الدّاخليّ لكي تجدوا الرّبّ، الحسُّ الدّاخليّ للحقيقة. أتمنّى أن يكون لديكم حدس يوحنّا، وإنّما أيضًا شجاعة بطرس. لقد كان بطرس شخصًا "مميّزًا" بعض الشّيء: لقد أنكر يسوع ثلاث مرّات، ولكن بمجرّد أن قال يوحنّا الأصغر: "إنّه الرّبّ!" ألقى بنفسه في الماء ليذهب للقاء يسوع. لا تخجلوا أبدًا من اندفاعات السّخاء: لأنّ حدسكم سيقودكم إلى السّخاء. ألقوا بأنفسكم في الحياة. قد يقول لي أحدكم: "ولكن يا أبتي، أنا لا أعرف كيف أسبح، وأنا خائف من الحياة!": إن لم يكن لديك شخص يرافقك، إبحث عن شخص يرافقك. لكن لا تخافوا من الحياة من فضلكم! بل خافوا من الموت، موت الرّوح، موت المستقبل، وانغلاق القلب: خافوا من هذا. ولكن لا تخافوا من الحياة، لا: الحياة جميلة، والحياة هي لكي نحياها ونعطيها للآخرين، والحياة هي لكي نشاركها مع الآخرين، وليس لكي نغلقها على نفسها.

لا أرغب في الاسترسال في الحديث، ولكن أريد فقط أن أقول لكم إنّه من المهمّ أن تمضوا قدمًا. المخاوف؟ أنيروها، وتحدّثوا عنها. الإحباط؟ تغلّبوا عليه بشجاعة، مع شخص يساعدكم. ولا تفقدوا الحدس للحياة، لأنّه شيء جميل. وعند الصّعوبات، يدعو الأطفال أمّهم. ونحن أيضًا ندعو العذراء مريم أمَّنا. فهي كانت تقريبًا في عمركم عندما قبلت دعوتها العجيبة لتكون والدة يسوع. فلتساعدكم هي لكي تجيبوا بالـ"هأنذا!" للرّبّ: "أنا هنا يا ربّ، ماذا عليَّ أن أفعل؟ أنا هنا لكي أفعل الخير، وأنمو بشكل جيّد، وأساعد الآخرين بحدسي". لتعلّمكم العذراء مريم أمّنا، الّتي كانت في عمركم تقريبًا عندما نالت بشارة الملاك وحملت، أن تقولوا: "هأنذا!"، وألّا تخافوا أبدًا. تشجّعوا وسيروا قدمًا! وليكن يسوع القائم من بين الأموات قوّة حياتكم: إذهبوا بسلام وكونوا سعداء!".