الفاتيكان
20 آذار 2018, 08:47

البابا فرنسيس للشّبيبة: تأكَّدوا أنّ الله يثق بكم، يحبّكم ويدعوكم

إفتتح البابا فرنسيس أمس لقاء الشّباب التّحضيريّ للجمعيّة العامّة المقبلة لسينودس الأساقفة في المعهد الحبريّ الدّوليّ "مريم أمّ الكنيسة"، وقد شارك فيه 300 شابّ وشابّة من مختلف أنحاء العالم بحسب ما ذكرت "إذاعة الفاتيكان". وللمناسبة كانت كلمة للأب الأقدس قال فيها:

 

"أهلاً وسهلاً بكم في روما وشكرًا لقبولكم الدّعوة. لقد دُعيتم كممثِّلين عن شباب العالم لأنَّ إسهامكم مهمٌّ جدًّا. نحن بحاجة إليكم لنحضِّر السّينودس الّذي سيجمع الأساقفة في تشرين الأوّل حول موضوع الشّباب الإيمان وتمييز الدّعوات. في مراحل عديدة من تاريخ الكنيسة، كما في أحداث بيبليّة عديدة أراد الله أن يتكلّم من خلال الشّباب أفكّر على سبيل المثال بصموئيل وداود ودانيال، وأنا واثق أنّه سيتكلّم أيضًا من خلالكم خلال هذه الأيّام.

غالبًا ما نتحدّث عن الشّباب بدون أن نُسائلهم؛ لكن حتّى أفضل التّحاليل حول عالم الشّباب لا يمكنها أبدًا أن تستبدل ضرورة اللّقاء وجهًا لوجه. وبالتّالي علينا أن نأخذ الشّباب على محمل الجدّ! يبدو لي أنّنا محاطون بثقافة تؤلِّه عمر الشّباب وتسعى لتحافظ عليه من جهة ولكنّها من جهة أخرى تمنع العديد من الشّباب من أن يكونوا روّادًا. غالبًا ما تهمّشكم الحياة العامّة ولكن لا يجب أن يكون الأمر هكذا في الكنيسة؛ والإنجيل يطلب ذلك منّا ورسالة القرب خاصّته تدعونا لنلتقي ونتناقش ونقبل بعضنا البعض ونحبّ بعضنا البعض ونسير معًا ونتشارك بدون خوف.

يقترح السّينودس المقبل أن يطوِّر الأوضاع لكي تتمَّ مرافقة الشّباب بشغف وخبرة في تمييز الدّعوات أيّ في التّعرّف على دعوة الحبّ والحياة الكاملة وقبولها. هذا هو اليقين الأساسيّ: الله يحبّ كلّ شخص ويتوجّه إليه بدعوة خاصّة. إنّها عطيّة تملؤنا بالفرح عندما نكتشفها. تأكَّدوا أنّ الله يثق بكم، يحبّكم ويدعوكم. ومن جهته لن يخذلكم أبدًا لأنّه أمين ويثق بكم حقًّا. ويوجّه لكم السّؤال الّذي وجّهه للتّلاميذ الأوائل: "ماذا تريدان؟". يدعوكم لتتقاسموا البحث عن الحياة معه وتسيروا معه. ونحن ككنيسة نرغب في القيام بالأمر عينه، لأنّه لا يمكننا إلّا أن نتقاسم بحماس السّعي عن الفرح الحقيقيّ ولا يمكننا أن نحتفظ لأنفسنا بالّذي غيّر لنا حياتنا: يسوع.

تابع البابا فرنسيس يقول سيكون السّينودس المقبل أيضًا دعوة موجّهة للكنيسة لكي تكتشف ديناميكيّة شباب مُتجدِّدة. لقد قرأت بعض رسائل البريد الإلكترونيّ للاستطلاع الّذي قامت به أمانة سرّ السّينودس وقد تأثّرت بالنّداء الّذي أطلقه العديد من الشّباب الّذين يطلبون من البالغين أن يكونوا بقربهم ويساعدوهم في الخيارات المهمَّة. لقد لحظت إحدى الشّابات أنّ الشّباب يفتقرون للمرجعيّة وأنّه لا يوجد لديهم أحد ليحفِّزهم على تفعيل الموارد الّتي يملكونها. وبالإضافة إلى الجوانب الإيجابيّة لعالم الشّباب سلّطت الضّوء على المخاطر ومن بينها الكحول والمخدّرات والجنس المُعاش بشكل استهلاكيّ. وختمت بصرخة: "ساعدوا عالمنا، عالم الشّباب الّذي ينهار". لست أعلم إن كان عالم الشّباب لا زال ينهار، ولكنّني أشعر أنّ صرخة هذه الشّابّة هي صادقة وتتطلّب منّا الاهتمام. علينا أن نتعلّم في الكنيسة أيضًا أساليب حضور وقرب جديدة. وبهذا الصّدد تحدّث أحد الشّباب بحماس عن مشاركته في أحد هذه اللّقاءات بهذه الكلمات: "إنَّ الأمر الأهمّ كان حضور المكرّسين بين الشّباب كأصدقاء يصغون إلينا ويعرفوننا وينصحوننا".

تعود إلى ذهني الرّسالة الرّائعة للمجمع الفاتيكانيّ الثّاني للشّباب؛ إذ تشكّل اليوم أيضًا حافزًا لنكافح ضدَّ الأنانيّة ونبني بشجاعة عالمًا أفضل. إنّها دعوة لنبحث عن دروب جديدة ونسيرها بشجاعة وثقة محدقين النّظر إلى يسوع ومنفتحين على الرّوح القدس لكي نجدِّد شباب وجه الكنيسة. لأنَّ الكنيسة تجد في يسوع وفي الرّوح القدس القوّة لكي تتجدّد على الدّوام وتقوم بمراجعة حياة حول أسلوبها في التّصرُّف وتطلب المغفرة على هشاشتها وضعفها فلا توفِّر طاقاتها لكي تضع نفسها في خدمة الجميع بهدف أن تكون أمينة للرّسالة الّتي أوكلها الرّبّ إليها بأن تعيش الإنجيل وتبشِّر به.

أيّها الشّباب الأعزّاء، إنَّ قلب الكنيسة شابّ لأنَّ الإنجيل هو كعصارة حيويّة يجدّدها باستمرار؛ وبالتّالي يقوم دورنا بأن نكون طائعين ونتعاون في هذه الخصوبة. ونقوم بذلك أيضًا في هذه المسيرة السّينودسيّة مفكّرين بواقع الشّباب في العالم كلِّه. نحن بحاجة لأن نستعيد حماس الإيمان ولذّة البحث. نحن بحاجة لأن نجد مجدّدًا في الرّبّ القوّة لكي ننهض من فشلنا ونسير قدمًا ونعزّز الثّقة بالمستقبل. نحن بحاجة لأن نجرؤ على خوض دروب جديدة حتّى وإن كان هذا الأمر يتطلّب المخاطرة. لذلك نحن بحاجة إليكم أيّها الشّباب، الحجارة الحيّة لكنيسة ذي وجه شابّ، إذ تحثّونا على الخروج من منطق الـ "لقد فعلنا هكذا دائمًا"، لنتابع بشكل مبدع في خطّ التّقليد الحقيقيّ.

لكي نكون بتناغم مع الأجيال الشّابّة سيساعدنا أن نكون في حوار. أدعوكم إذًا في هذا الأسبوع لكي تعبِّروا بصدق وحرّيّة. أنتم الرّوّاد ومن الأهمّيّة بمكان أن تتكلّموا بحرّيّة وانفتاح. أؤكِّد لكم أنّ إسهامكم سيؤخذ على محمل الجدّ. أشكركم منذ الآن وأسألكم ألّا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.