الفاتيكان
02 أيلول 2020, 10:20

البابا فرنسيس للّبنانيّين: تشجّعوا، لا تتركوا بيوتكم وتراثكم!

تيلي لوميار/ نورسات
وقف الحاضرون في المقابلة العامّة اليوم دقيقة صمت وصلاة من أجل لبنان وشهدائه، وذلك في ختام المقابلة العامّة، وجّه خلالها البابا فرنسيس نداء إلى الشّعب اللّبنانيّ في ذكرى إعلان مئويّة لبنان الكبير، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بعد شهر من المأساة الّتي عصفت بمدينة بيروت، لا يزال فكري يتوجّه إلى لبنان العزيز وسكّانه الّذين يعانون. وهذا الكاهن الموجود هنا قد حمل علم لبنان إلى هذه المقابلة العامّة. واليوم أكرّر أنا أيضًا وما قاله القدّيس يوحنّا بولس الثّاني لثلاثين سنة خلت في لحظة حاسمة من تاريخ البلاد: "إزاء المآسي المتكرّرة الّتي يعرفها جميع سكّان هذه الأرض، ندرك الخطر الشّديد الّذي يهدّد وجود هذا البلد. لا يمكننا أن نترك لبنان في عزلته. منذ أكثر من مائة عام، كان لبنان بلد الرجاء. حتّى في أحلك فترات تاريخهم، حافظ اللّبنانيّون على إيمانهم بالله وأظهروا القدرة على جعل أرضهم مكانًا فريدًا للتّسامح والاحترام والتّعايش في المنطقة. وبالتّالي يصبح حقيقة التّأكيد على أنّ لبنان يمثّل شيئًا أكثر من دولة: لبنان هو رسالة حرّيّة، وهو مثال على التّعدّديّة بين الشّرق والغرب.

من أجل خير لبنان، وإنّما من أجل خير العالم أيضًا، لا يمكننا أن نسمح بضياع هذا التّراث. وبالتّالي أشجّع جميع اللّبنانيّين على الاستمرار في الرّجاء وإيجاد القوّة والطّاقة اللّازمتين للبدء من جديد. أطلب من السّياسيّين والقادة الدّينيّين أن يلتزموا بصدق وشفافيّة في أعمال إعادة الإعمار والتّخلّي عن المصالح الحزبيّة والنّظر إلى الخير العامّ ومستقبل الأمّة. كما أجدّد دعوتي للمجتمع الدّوليّ من أجل دعم البلاد لمساعدته على الخروج من هذه الأزمة الخطيرة، دون التّورّط في التّوتّرات الإقليميّة. أتوجّه بشكل خاصّ إلى سكّان بيروت الّذين تعرّضوا لتجربة قاسية من جرّاء الانفجار. تشجّعوا أيّها الإخوة! وليكن الإيمان والصّلاة قوّتكم. لا تتركوا بيوتكم وتراثكم، ولا تتخلّوا عن حلم الّذين آمنوا بمستقبل بلد جميل ومزدهر.

أيّها الرّعاة والأساقفة والكهنة والمكرّسون والمكرّسات والعلمانيّون الأعزّاء، واصلوا مرافقة مؤمنيكم! ومنكم، أيّها الأساقفة والكهنة، أطلب منك أن تتحلّوا بالغيرة الرّسوليّة، كما أطلب منكم الفقر، لا الرّفاهيّة، الفقر مع شعبكم الفقير الّذي يعاني. كونوا أنتم مثالاً للفقر والتّواضع. ساعدوا المؤمنين وشعبكم على النّهوض ولكي يكونوا روّاد ولادة جديدة. كونوا جميعًا صانعين للوئام والتّجديد باسم المصلحة المشتركة، ولثقافة لقاء حقيقيّة، وللعيش معًا في سلام، وللأخوّة، وهي كلمة عزيزة جدًّا على قلب القدّيس فرنسيس. أخوّة. ليكن هذا الوئام تجديدًا للمصلحة المشتركة. وعلى هذا الأساس، يمكن ضمان استمراريّة الوجود المسيحيّ ومساهمتكم القيمة للبلاد والعالم العربيّ والمنطقة بأسرها، بروح أخوّة بين جميع التّقاليد الدّينيّة الموجودة في لبنان.

أرغب في أن أدعو الجميع لعيش يوم عالميّ للصّلاة والصّوم من أجل لبنان، يوم الجمعة القادم، في الرّابع من أيلول سبتمبر الجاري. كما أنوي أن أرسل ممثّلاً عنّي إلى لبنان في ذلك اليوم من أجل مرافقة السّكّان. في ذلك اليوم سيذهب أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بإسمي، ليعبِّر عن قربي وتضامني. لنرفع صلاتنا من أجل لبنان بأسره ومن أجل بيروت. لنكن قريبين أيضًا من خلال الالتزام الملموس لأعمال المحبّة، كما هو الحال في المناسبات المماثلة الأخرى. كما أنّني أدعو الإخوة والأخوات من الطّوائف والتّقاليد الدّينيّة الأخرى للانضمام إلى هذه المبادرة بالطّرق التّي يرونها مناسبة، ولكن لنكون جميعًا معًا.

والآن أسألكم أن توكلوا إلى العذراء مريم سيّدة حريصا أحزاننا ورجاءنا، ولتعضد الّذين يبكون أحبّاءهم ولتمنح الشّجاعة لجميع الّذين فقدوا بيوتهم ومعها جزءًا من حياتهم. ولتشفع لدى الرّبّ يسوع لكي تزهر أرض الأرز مجدّدًا وتنشر أريج العيش معًا في منطقة الشّرق الأوسط بأسرها. والآن أدعو الجميع لكي يقفوا بصمت ويصلّوا من أجل لبنان."
يُذكر أنّ البابا فرنسيس قد طلب من المرسل اللّبنانيّ الأب جورج بريدي الحاضر في السّاحة حاملاً العلم اللّبنانيّ، أن ينضمّ إليه من أجل تلاوة الصّلاة معًا على نيّة لبنان.