البابا فرنسيس: للإنضمام غدًا إلى صلاة مسبحة الورديّة من أجل السّلام
وكان الأب الأقدس قد ألقى قبيل الصّلاة كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يحتفل اليوم في إيطاليا وفي العديد من البلدان الأخرى بعيد صعود الرّبّ، أيّ عودته إلى الآب. في اللّيتورجيا، يروي الإنجيل بحسب القدّيس لوقا الظّهور الأخير للقائم من بين الأموات للتّلاميذ. تبلغ حياة يسوع الأرضيّة ذروتها بالصّعود، الّذي نعلنه أيضًا في قانون الإيمان: "صعد إلى السّماء، وجلس عن يمين الآب". ماذا يعني هذا الحدث؟ كيف يجب علينا أن نفهمه؟ للإجابة على هذا السّؤال، نتوقّف عند عملين قام بهما يسوع قبل صعوده إلى السّماء: يعلن أوّلاً عن عطيّة الرّوح ومن ثمّ يبارك التّلاميذ.
يقول يسوع لتلاميذه أوّلاً: "وإنّي أرسل إليكم ما وعد به أبي". هو يتحدّث عن الرّوح القدس والمعزّي الّذي سيرافقهم ويوجّههم ويعضدهم في رسالتهم ويدافع عنهم في المعارك الرّوحيّة. نفهم إذًا شيئًا مهمًّا: يسوع لا يتخلّى عن تلاميذه. يصعد إلى السّماء، لكنّه لا يتركنا وحدنا. لا بل، بصعوده إلى الآب هو يؤكّد حلول روحه. وفي مناسبة أخرى قال: "إنّه خير لكم أن أذهب. فإن لم أذهب، لا يأتكم المؤيّد. أمّا إذا ذهبت فأرسله إليكم". في هذا أيضًا نرى محبّة يسوع لنا: إنَّ حضوره لا يريد أن يحدّ من حرّيّتنا؛ وإنّما هو يفسح لنا المجال، لأنّ الحبّ الحقيقيّ يولّد على الدّوام قربًا لا يسحقنا، بل يجعلنا روّادًا. وهكذا يطمئننا المسيح: "أنا ذاهب إلى الآب، وسوف تنالون قوّة من العلى: سأرسل لكم روحي وبقوّته ستواصلون عملي في العالم!". وبالتّالي، بصعوده إلى السّماء، بدلاً من أن يبقى قريبًا من قليلين بجسده، يجعل يسوع نفسه قريبًا من الجميع بروحه. إنَّ الرّوح القدس يجعل يسوع حاضرًا فينا، أبعد من حواجز الزّمان والمكان، ليجعلنا شهودًا له في العالم.
مباشرة بعد ذلك- وهو العمل الثّاني- رفع المسيح يديه وبارك الرّسل. إنّه تصرُّف كهنوتيّ. منذ زمن هارون أوكل الله إلى الكهنة مهمّة مباركة الشّعب، وبالتّالي يريد الإنجيل أن يخبرنا أنّ يسوع هو الكاهن الأعظم في حياتنا. صعد يسوع إلى الآب لكي يشفع فينا، ويقدّم له بشريّتنا. وهكذا، أمام أعين الآب، ستكون وستبقى على الدّوام مع بشرية يسوع، حياتنا وآمالنا وجراحنا. وبالتّالي، بصعوده إلى السّماء، شقَّ لنا المسيح الدّرب، وذهب لكي يعدَّ لنا مقامًا، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم، هو يتشفّع فينا، لكي يرافقنا الآب ويباركنا على الدّوام.
أيّها الإخوة والأخوات، لنفكّر اليوم في عطيّة الرّوح الّتي نلناها من يسوع لنكون شهودًا للإنجيل. لنسأل أنفسنا ما إذا كنّا كذلك حقًّا؛ وإن كنّا أيضًا قادرين على أن نحبّ الآخرين من خلال تركهم أحرارًا وإفساح المجال لهم. من ثمّ: هل نعرف كيف نكون شفيعين للآخرين، أيّ هل نعرف كيف نصلّي من أجلهم ونبارك حياتهم؟ أم أنّنا نستخدم الآخرين لمصالحنا الخاصّة؟ لنتعلّم هذا: صلاة الشّفاعة، والتّشفّع من أجل آمال وآلام العالم، من أجل السّلام. ولنبارك بنظرنا وبالكلمات جميع الّذين نلتقي بهم يوميًّا! والآن، لنرفع صلاتنا إلى العذراء مريم، المباركة بين النّساء، المُمتلئة بالرّوح القدس، الّتي تصلّي وتتشفع دائمًا من أجلنا."
بعد تلاوة، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس، في مودينا، تمَّ إعلان تطويب الأب لويجي لينزيني، شهيد للإيمان، قُتل عام 1945 لأنّه كان مذنبًا بإعلان القيم المسيحيّة كدرب رئيسيّ للحياة، في مناخ من الكراهيّة والصّراع في ذلك الوقت. ليساعدنا هذا الكاهن، الرّاعي بحسب قلب المسيح ورسول الحقيقة والعدالة، من السّماء لكي نشهد للإنجيل بمحبّة وشجاعة.
يحتفل اليوم باليوم العالميّ لوسائل التّواصل الاجتماعيّ تحت عنوان الإصغاء بأُذُن القلب. أن نعرف كيف نُصغي، بالإضافة إلى كونه أوّل عمل محبّة، هو أيضًا العنصر الأوّل الّذي لا غنى عنه للحوار والتّواصل الجيّد: أن نعرف كيف نُصغي، ونسمح للآخرين بأن يقولوا كلَّ شيء بدون أن نقاطعهم، أن نعرف كيف نُصغي بالأُذن والقلب. أتمنّى أن ينمو الجميع في هذه القدرة على الإصغاء بالقلب.
يُصادف اليوم في إيطاليا اليوم الوطنيّ للتّخفيف من الألم. لنتذكّر أنّ الشّخص المريض هو على الدّوام أهمّ من مرضه، وأنّه حتّى عندما يتعذّر الشّفاء، يكون من الممكن دائمًا أن نعالج، يكون من الممكن دائمًا أن نعزّي، ويكون من الممكن دائمًا أن نجعل المريض يشعر بقربنا منه".