الفاتيكان
29 حزيران 2021, 13:50

البابا فرنسيس: للإتّحاد روحيًا معنا والصّلاة من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة

تيلي لوميار/ نورسات
"أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، بعد غد، في الأوّل من تمّوز يوليو، سيُنظّم هنا في الفاتيكان يوم خاصّ للصّلاة والتّأمّل من أجل لبنان. مع قادة جميع الكنائس المتواجدة في بلاد الأرز سنستلهم من النّصّ البيبليّ الّذي يقول إنّ الرّبّ الإله لديه أفكار سلام. أدعوكم جميعًا للاتّحاد روحيًّا معنا والصّلاة من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة الّتي يمرّ بها ويُظهر للعالم مجدّدًا وجهه، الّذي هو وجه سلام ورجاء". هذا ما قاله البابا فرنسيس ظهر اليوم بعد صلاة التّبشير الملائكيّ في عيد القدّيسين بطرس وبولس.

وكان الأب الأقدس قبيل الصّلاة قد ألقى كلمة روحيّة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير. في محور إنجيل اليوم يطرح الرّبّ على التّلاميذ سؤالاً مقرّرًا: أنتم من تقولون إنّي هو؟ وهذا التّساؤل المهمّ يوجّهه الرّبّ يسوع لكل واحد منّا اليوم "من أنا بالنّسبة لك؟". من أنا بالنّسبة لك؟ أنت الّذي قبلت الإيمان وما تزال خائفًا من التّقدّم في العمق إتمامًا لكلمتي؟ من أنا بالنّسبة لك؟ أنت المسيحيّ منذ زمن طويل، وقد أنهكتك العادات وأضعتَ حبّك الأوّل؟ من أنا بالنّسبة لك؟ أنت الّذي تعيش أوقاتًا صعبة، وتحتاج إلى خضّة تحملك على الانطلاق مجدّدًا؟ يسوع يسألنا: من أنا بالنّسبة لك؟ فلنعطه اليوم كلّنا جوابًا نابعًا من القلب.

مضى البابا إلى القول إنّ الرّبّ يسوع وقبل أن يطرح على التّلاميذ هذا السّؤال سألهم "من يقول النّاس إنّي هو؟" يبدو أنّه قام بنوع من استطلاع الرّأي ليعرف ما يقوله الآخرون عنه، وليطّلع على الشّهرة الّتي كان يتمتّع بها، لكن هذه الشّهرة ليست مهمّة بالنّسبة له. لماذا إذا طرح هذا السّؤال؟ فعل ذلك ليُظهر اختلافًا، هذا الاختلاف الأساسيّ في الحياة المسيحيّة. هناك من يتوقّف عند السّؤال الأوّل، عند آراء الآخرين ويتحدّث عن يسوع. وهناك من يتحدّث مع يسوع مقدّمًا له حياته، ومقيمًا علاقة معه، ومتمّمًا النّقلة المقرّرة. هذا ما يهمّ الرّبّ، أن يبقى في محور أفكارنا، وأن يصير مرجعًا لعواطفنا، وأن يكون– بالمختصر المفيد– حبّ حياتنا. لا تهمّه آراؤنا به".

وعن عيد القدّيسين بطرس وبولس، قال: "إنّهما أتمّا هذه النّقلة المقرّرة وصارا شاهدين، حملا يسوع في قلبيهما. لم يكتفيا بالإعجاب بيسوع بل اقتديا بمثله. لم يكونا متفرّجين على الإنجيل، بل رائدين له. آمنّا بفضل الوقائع، لا بالكلام وحسب. لم يتحدّث بطرس عن الرّسالة، لقد عاشها وكان صيّاد بشر. والقدّيس بولس لم يُصدر كتبًا منمّقة، إنّما رسائل معاشة، فيما كان يسافر ويشهد للإنجيل. وقد قدّما حياتهما من أجل الرّبّ والأخوة. وهما يحفّزاننا، لأنّنا نواجه خطر التّوقّف عند السّؤال الأوّل: أن نقدّم الآراء، وأن نطرح الأفكار الكبرى والكلمات الجميلة، لكن دون أن نفعل شيئًا.

كم مرّة، على سبيل المثال، نقول إنّنا نريد كنيسة أكثر أمانة للإنجيل، وأكثر قربًا من النّاس، وأكثر نبويّة وإرساليّة، لكن لا نفعل شيئًا على أرض الواقع. من المحزن أن نرى أنّ كثيرين يتحدّثون، يعلّقون ويناظرون، لكن قلّة هم من يشهدون. وهؤلاء الشّهود لا يتوقّفون عند الكلمات بل يحملون الثّمار. لا يتذمّرون من الآخرين ومن العالم، بل يبدأوون من أنفسهم. ويذكّروننا بأنّه لا ينبغي أن نثبت وجود الله إنّما أن نُظهره بشهادتنا. لا أن نعلنه بل أن نشهد له من خلال المثال الّذي نقدمه.

عندما ننظر إلى حياة بطرس وبولس، قد نلقى اعتراضًا يقول: لقد كانا شاهدين، لكنّهما لم يعيشا حياة مثاليّة. كانا خاطئين، فبطرس نكر يسوع، وبولس اضطهد المسيحيّين. لكنّهما في الواقع شهدا أيضًا لسقوطهما. كان باستطاعة بطرس أن يقول لمن كتبوا الإنجيل: لا تكتبوا عن الأخطاء الّتي ارتكبتُها. لكن هذا لم يحصل، إذ تحدّثنا الأناجيل عن قصّته بشكل واضح وصريح، كما عن أوضاع البؤس الّتي عاشها. وقد فعل الشّيء نفسه القدّيس بولس الّذي كتب في رسائله عن أخطائه وضعفه. من هنا يبدأ الشّاهد: من الحقيقة المتعلّقة به، من نضاله في وجه الازدواجيّة والأمور الباطلة. والرّبّ قادر على صنع أمور عظيمة من خلالنا عندما لا نكترث للدّفاع عن صورتنا، بل نبقى شفّافين معه ومع الآخرين.

أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، إنّ الرّبّ يحاكينا اليوم. والسّؤال الّذي يطرحه علينا "من أنا بالنّسبة لك؟" يغوص في أعماقنا. ومن خلال الشّاهدين القدّيسين بطرس وبولس يحثّنا على نزع أقنعتنا، والتّخلّي عن المواقف المتردّدة، وعن الأعذار الّتي تجعلنا فاترين واعتياديّين. وسأل العذراء ملكة الرّسل أن تشعل بداخلنا الرّغبة في الشّهادة ليسوع".