الفاتيكان
03 أيار 2022, 06:30

البابا فرنسيس: لصلاة مسبحة الورديّة يوميًا في شهر أيّار من أجل السّلام

تيلي لوميار/ نورسات
"في هذا الشّهر المخصّص للعذراء مريم، لنتعلّم منها أنَّ الصّلاة هي أفضل سلاح للحياة المسيحيّة: بدون المواظبة على الصّلاة، لا يمكننا أن ننتصر على الشّرّ". هذه كانت تغريدة البابا فرنسيس لأمس الإثنين الّتي حثّ فيها على المواظبة على الصّلاة على مثال مريم العذراء من أجل الانتصار على الشّرّ.

وكان البابا فرنسيس، قد أطلّ الأحد، مع بداية الشّهر المريميّ، على المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، لتلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، موصيًا إيّاهم بصلاة مسبحة الورديّة يوميًّا في شهر أيّار/ مايو من أجل السلام.

وفي تفاصيل كلمتيه قبل وبعد الصّلاة، قال البابا بداية بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم الظّهور الثّالث ليسوع القائم من بين الأموات للرّسل. إنّه لقاء يتمُّ بالقرب من بحيرة الجليل ويطال بشكل خاصّ سمعان بطرس. بدأ الأمر كلّه بقوله للتّلاميذ الآخرين: "أَنا ذاهِبٌ لِلصَّيد". لا شيء غريب، لقد كان صيّادًا، لكنّه كان قد تخلّى عن هذه المهنة منذ أن، وعلى شاطئ تلك البحيرة بالذّات، ترك شباكه ليتبع يسوع. والآن، بينما كانوا ينتظرون القائم من بين الأموات، اقترح بطرس، الّذي ربّما كان محبطًا بعض الشّيء، على الآخرين أن يعودوا إلى حياتهم السّابقة. وقبل الآخرون فقالوا له: "ونَحنُ نَذهَبُ معَكَ". ولكِنَّهم لم يُصيبوا في تِلكَ اللَّيلَةِ شَيئًا.

يمكن أن يحدث لنا أيضًا، بسبب التّعب، وخيبة الأمل، وربّما بسبب الكسل، أن ننسى الرّبّ ونهمل الخيارات العظيمة الّتي اتخذناها، لكي نكتفي بأشياء أخرى. على سبيل المثال، لا نكرّس وقتًا لكي نتحدّث مع بعضنا البعض في العائلة لأنّنا نفضِّل تسلياتنا الشّخصيّة؛ ننسى الصّلاة، ونسمح لاحتياجاتنا أن تتحكّم بنا، ونهمل أعمال المحبّة بحجّة الأمور الطّارئة اليوميّة. ولكن، بفعلنا ذلك، نجد أنفسنا محبطين: وشباكنا فارغة، على مثال بطرس.

وماذا فعل يسوع؟ عاد مرّة أخرى إلى شاطئ البحيرة حيث اختار بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنّا. هو لا يوبّخ التّلاميذ بل يدعوهم بحنان قائلاً: "أَيُّها الفِتْيان". ثمّ دعاهم، كما في السّابق، لكي يرموا شباكهم مجدّدًا بشجاعة. ومرّة أخرى امتلأت الشّبكات بما يفوق الخيال. أيّها الإخوة والأخوات، عندما تكون شباكنا فارغة في الحياة، لا يكون الوقت مناسبًا لكي نشعر بالأسف على أنفسنا، ونتلهّى، ونعود إلى تسالينا القديمة. وإنّما يكون قد حان الوقت لكي ننطلق مجدّدًا مع يسوع، ولكي نجد الشّجاعة لنبدأ من جديد، ونسير إلى العرضِ معه.

لقد كان بطرس بحاجة إلى تلك "الصّدمة". عندما سمع يوحنّا يصرخ: "إِنَّه الرَّبّ"، أَلْقى بِنَفْسِه في البُحَيرة وسبح نحو يسوع. إنّها بادرة حبّ، لأنّ الحبّ يذهب أبعد من المفيد والملائم والواجب؛ الحبّ يولِّد الدّهشة، ويلهم اندفاعات مبدعة ومجّانيّة. وهكذا، بينما كان يوحنّا الأصغر يتعرّف على الرّبّ، ألقى بطرس الأكبر بنفسه في البحيرة ليذهب للقائه، وفي هذه القفزة نجد كلّ الحماس الّذي استعاده سمعان المدعوّ بطرس. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نحن اليوم مدعوّون إلى زخم جديد، لكي نغوص في الخير دون أن نخاف من فقدان أيّ شيء، ودون حسابات كثيرة، ودون أن ننتظر إلى أن يبدأ الآخرون. لأنّه لكي نذهب للقاء يسوع، علينا أن نتخطّى أنفسنا. لنسأل أنفسنا إذًا: هل أنا قادر على بعض نوبات السّخاء، أم أنّني أكبح اندفاعات قلبي وأنغلق في العادة والخوف؟ علينا أن نلقي بأنفسنا ونغوص!

في نهاية هذا الحدث، وجّه يسوع لبطرس السّؤال لثلاث مرّات: "أتحبّني؟". إنَّ القائم من بين الأموات يسألنا نحن اليوم أيضًا: أتحبّني؟ لأنّه في عيد الفصح، يريد يسوع أيضًا أن يقوم قلبنا من جديد؛ لأنّ الإيمان ليس مسألة معرفة وإنّما هو مسألة حبّ. أتحبّني؟ يسألك يسوع، أنت، أنت وأنا، نحن الّذين شباكنا فارغة ونخاف من أن تبدأ من جديد؛ إلينا جميعًا، نحن الّذين لا نملك الشّجاعة لكي نُلقي بأنفسنا وقد فقدنا ربّما الاندفاع، يتوجّه يسوع بالسّؤال: أتُحبُّني؟ منذ ذلك الحين، توقّف بطرس عن الصّيد إلى الأبد وكرّس نفسه لخدمة الله وإخوته، إلى أن بذل حياته هنا، حيث نحن الآن. ونحن، هل نريد أن نحبّ يسوع؟ لتساعدنا العذراء مريم الّتي أجابت بالـ"نعم" فورًا على الرّبّ، لكي نجد مجدّدًا اندفاعنا إلى الخير."

بعد تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس، في ميلانو، تمّ تطويب الأب ماريو تشيشيري وأرميدا باريلي. كان الأوّل مساعد كاهن رعيّة في الرّيف؛ كرّس نفسه للصّلاة والاعتراف وزيارة المرضى والمكوث مع الأولاد في مراكز الرّعيّة كمربٍّ وديع ومرشد أمين. مثال ساطع للرّاعي. أمّا أرميدا باريللي فهي مؤسّسة ومحرِّكة الحركة النّسائيّة لشباب العمل الكاثوليكيّ. سافرت في جميع أنحاء إيطاليا لدعوة الفتيات والشّابّات إلى الالتزام الكنسيّ والمدنيّ. تعاونت مع الأب جميلي لإعطاء الحياة لمعهد علمانيّ للنّساء والجامعة الكاثوليكيّة للقلب الأقدس، الّتي تحتفل اليوم بيومها السّنويّ وتكريمًا لها أطلق عليه هذا العام عنوان "بقلب امرأة". لنُصفِّق للطّوباويَّين الجديدَين!

يبدأ اليوم الشّهر المخصّص لأُمِّ الله، أريد أن أدعو جميع المؤمنين والجماعات إلى صلاة مسبحة الورديّة يوميًّا في شهر أيّار من أجل السّلام. يتوجّه فكرنا مباشرةً إلى مدينة ماريوبول الأوكرانيّة، "مدينة مريم"، الّتي تعرّضت للقصف بوحشيّة ودُمِّرَت. والآن، ومن هنا، أجّدد طلب إنشاء ممرّات إنسانيّة آمنة للأشخاص المحاصرين في مصنع الصّلب في تلك المدينة. أتألّم وأبكي، إذ أفكر في معاناة الشّعب الأوكرانيّ ولاسيّما الأشدَّ ضعفًا والمسنّين والأطفال. لا بل تصل أيضًا أنباء مروّعة عن طرد أطفال وترحيلهم. وبينما نشهد تدهورًا مروّعًا للبشريّة، أتساءل، مع العديد من الأشخاص المتألِّمين، إن كنّا نسعى حقًّا إلى السّلام؛ وما إذا كانت هناك إرادة لتجنّب التّصعيد العسكريّ واللّفظيّ المستمرّ. إذا كنّا نفعل كلّ ما في وسعنا من أجل إسكات الأسلحة. من فضلكم لا تستسلموا لمنطق العنف ولدوّامة السّلاح الفاسدة. لنسلك طريق الحوار والسّلام!

واليوم هو عيد العمّال. ليكُن هذا العيد حافزًا لتجديد الالتزام لكي يكون العمل كريمًا في كلّ مكان وللجميع. ولكي تأتي من عالم العمل الرّغبة في تنمية اقتصاد سلام. كما أريد أن أتذكّر العمّال الّذين ماتوا في العمل؛ مأساة منتشرة للغاية، وربّما أكثر من اللّازم.

يُصادف بعد غد (اليوم)، الثّالث من أيّار مايو، اليوم العالميّ لحرّيّة الصّحافة، الّذي ترعاه اليونسكو. أحيّي الصّحفيّين الّذين يدفعون شخصيًّا من أجل خدمة هذا الحقّ. في العام الماضي قُتل سبعًا وأربعين صحافيًّا في جميع أنحاء العالم وسُجن أكثر من ثلاثمائة وخمسين صحافيّ. أتوجّه بشكر خاصّ من جميع الّذين يخبروننا بشجاعة عن آفات البشريّة".