الفاتيكان
17 تموز 2023, 06:30

البابا فرنسيس: لتساعدنا سيّدة الكرمل أن نكون زارعين أسخياء وفرحين للبشرى السّارّة

تيلي لوميار/ نورسات
عند مثل الزّارع في الإنجيل توقّف البابا فرنسيس في كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، داعيًا إيّاهم إلى زرع بذار الإنجيل في حياتهم اليوميّة.

وفي تفاصيل كلمته، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ إنجيل اليوم يحدّثنا عن مثل الزّارع، مضيفًا أنّ صورة الزّرع جميلة جدًّا يستخدمها يسوع ليصف هبة كلمته. إنّ البذرة تكون عادة صغيرة جدًّا، لكنّها تؤدّي إلى نموّ نبتات تحمل ثمرًا، وهكذا هي كلمة الله. فلنفكّر بالإنجيل، الّذي هو كتاب صغير وبسيط، في متناول الجميع، يولّد حياة جديدة لدى من يقبله. وإذا كانت الكلمة بذرة، فنحن التّربة، ويمكن أن نقبلها أو ننبذها، بيد أنّ يسوع، "الزّارع الصّالح"، لا يتعب من زرعها بسخاء، وهو يعلم أنّ حجارة عدم الثّبات وأشواك الرّذيلة يمكن أن تخنق الكلمة، لكنّه يأمل دائمًا أن نتمكّن من حمل ثمار وافرة.

إنّ هذا ما يفعله الرّبّ، وهذا ما يدعونا إلى فعله، إلى الزّرع بلا كلل أو تعب."  

وتوقّف البابا فرنسيس عند دور الوالدين، على سبيل المثال، الّذين يزرعون بذار الخير والإيمان في البنين، وهم مدعوّون إلى فعل ذلك دون أن يفقدوا الشّجاعة، عندما يبدو أنّ البنين لا يفهمونهم أو لا يثمّنون تعاليمهم، وعندما تدفعهم ذهنيّة العالم في الاتّجاه المعاكس. إنّ البذرة الطّيبة تبقى، وهذا هو الأهمّ، وهي تنمو في الوقت الملائم. لكن إذا استسلم الوالدون لانعدام الثّقة وتخلّوا عن الزّرع تاركين الأبناء تحت رحمة الموضة والهاتف الخلويّ، ولم يكرّسوا لهم الوقت ولم يوفّروا لهم التّربة فتمتلئ التّربة الخصبة بالأعشاب السّيّئة".

وعن الشّبّان، قال: "إنّ هؤلاء أيضًا قادرون على زرع الإنجيل في حياتهم اليوميّة. وهذا الأمر يتمّ، على سبيل المثال، بواسطة الصّلاة الّتي هي بذرة صغيرة، غير مرئيّة، لكن من خلالها نوكل إلى الرّبّ يسوع حياتنا فيجعلها تنضج. أفكّر أيضًا بالوقت الّذي ينبغي أن نكرّسه للآخرين، لاسيّما للمحتاجين. قد يبدو هذا الوقت ضائعًا، لكنّه في الواقع وقت مقدّس، خلافًا للفراغ النّاجم عن الاستهلاكيّة والبحث عن المتعة. أنا أفكّر أيضًا بالدّراسة، الّتي هي متعبة ولا تكافئ الإنسان فورًا، تمامًا كعمليّة الزّرع، لكنّها جوهريّة من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع".

ثمّ ضرب الحبر الأعظم مثلاً آخر يتعلّق بزرع بذار الإنجيل، وهو العديد من الكهنة والرّهبان والعلمانيّين الملتزمين في إعلان البشارة، والّذين يعيشون كلمة الله ويعلنونها، دون أن يسجّلوا نجاحات وانجازات فوريّة. وأكّد أنّه "حيث نُعلن الكلمة، حتّى عندما يبدو أنّ شيئًا لم يتغيّر، فالرّوح القدس يعمل في الواقع، وملكوت الله ينمو، من خلال جهودنا ويتخطّى هذه الجهود." ودعا البابا المؤمنين ليتذكّروا الأشخاص الّذين زرعوا بذرة كلمة الله في حياتهم وقال: "إنّ هذه البذرة قد نمت ربّما بعد سنوات، لكن هذا الأمر تحقّق بفضل هؤلاء الأشخاص."

وطلب من كلّ مؤمن "أن يسأل نفسه ما إذا كان يزرع جيّدًا، ويهتمّ بالزّرع من أجل الآخرين عوضًا عن الاهتمام بالحصاد لنفسه فقط، وإذا ما كان يرمي بذار الإنجيل في حياته اليوميّة، في فترات الدّرس والعمل وحتّى في الوقت الحرّ، وما إذا كان يصاب بالإحباط أو يستمرّ في عمليّة الزّرع، على غرار يسوع، حتّى عندما لا يرى نتائج آنيّة."  

وسأل البابا في الختام العذراء مريم، الّتي تكرّمها الكنيسة اليوم كسيّدة الكرمل، أن تساعدنا على أن نكون زارعين أسخياء وفرحين للبشرى السّارّة.

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا الحجّاج والمؤمنين القادمين من روما وإيطاليا ومختلف بلدان العالم، وخصّ بالذّكر الرّاهبات مرسلات سيّدة الرّسل اللّواتي يتواجدن في روما لمناسبة التئام مجمعهنّ العامّ. ووجّه أيضًا تحيّة قلبيّة إلى جماعة العلّيّة، الّتي تشكّل منذ أربعين سنة فسحة للضّيافة والتّنمية البشريّة.

بعدها ذكّر أنّه "في التّاسع عشر من تموز يوليو عام ١٩٤٣ تعرّضت بعض أحياء روما، لاسيّما حيّ سان لورنزو، للقصف، وعلى أثر ذلك شاء البابا المكرّم بيوس الثّاني عشر أن يكون وسط النّاس المصدومين"،  ولفت إلى أنّ "هذه المآسي تتكرّر اليوم أيضًا وللأسف"، متسائلاً "كيف يمكن أن يحصل ذلك؟ هل فقدنا الذّاكرة؟" مصلّيًا أن "يرأف الرّبّ بنا وليحرّر العائلة البشريّة من آفة الحرب، ولنصلّ بنوع خاصّ على نيّة الشّعب الأوكرانيّ الّذي يتألم كثيرًا".

في الختام، "وجّه البابا كلمة شكر إلى الرّعايا الّتي تنظم نشاطات صيفيّة للأطفال والفتيان، معربًا عن امتنانه للعديد من الكهنة والرّاهبات والشّبّان والعائلات. وتمنّى في هذا السّياق أن تتكلّل بالنّجاح النّسخة المقبلة لمهرجان جيفوني السّينمائيّ، المخصّص للفيتان والشّبّان. بعدها تمنى البابا لجميع المؤمنين والحجّاج أحدًا سعيدًا طالبًا منهم أن يصلّوا من أجله."