الفاتيكان
27 كانون الأول 2023, 06:55

البابا فرنسيس: لتساعدنا سلطانة الشّهداء لكي نشهد ليسوع ولنكافح من أجل السّلام!

تيلي لوميار/ نورسات
"اليوم، بعد عيد الميلاد مباشرة، نحتفل بعيد القدّيس إسطفانوس أوّل الشّهداء. نجد قصّة استشهاده في كتاب أعمال الرّسل، الّذي يصفه كرجل حسن السّمعة، يخدم على الموائد ويؤدّي الصّدقات. وبسبب هذه النّزاهة السّخيّة، لم يكن بإمكانه إلّا أن يشهد لأثمن ما لديه: أن يشهد للإيمان بيسوع، وهذا الأمر أطلق العنان لغضب خصومه، الّذين قتلوه إذ رجموه بالحجارة بدون رحمة. وهذا كلّه حدث أمام شابّ اسمه شاول، مضطهد غيور للمسيحيّين، والّذي كان بمثابة "الضّامن" لقتله."

هكذا افتتح البابا فرنسيس كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الثّلاثاء، في عيد القدّيس إسطفانوس أوّل الشّهداء، وتابع متوقّفًا عند هذا المشهد وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "لنفكّر للحظة في هذا المشهد: شاول وإسطفانوس، المضطهِد والمضطَهَد. يبدو أنّ هناك جدارًا منيعًا بينهما، قاس مثل أصوليّة الشّابّ الفرّيسيّ ومثل الحجارة الّتي رُجم بها الرّجل الّذي حُكم عليه بالموت. ولكن، بعيدًا عن المظاهر، هناك شيء أقوى يوحّدهما: في الواقع، من خلال شهادة إسطفانوس، يُعدُّ الرّبّ في قلب شاول، دون علمه، الارتداد الّذي سيقوده لكي يصبح رسولاً عظيمًا. إنَّ خدمة إسطفانوس وصلاته والإيمان الّذي يعلنه، وشجاعته ولاسيّما مغفرته عندما كان على شفير الموت، لم تذهب سدى. يبدو أنّها قد انتهت في العدم، ولكن تضحيته في الواقع، تطلق بذرة، إذ تجري في الاتّجاه المعاكس للحجارة، تُزرع بطريقة خفيّة في صدر أسوأ منافسيه.

واليوم، بعد مرور ألفي عام، نرى للأسف أنّ الاضطهاد ما زال مستمرًّا: لا يزال هناك- وهم كثيرون- الّذين يتألّمون ويموتون من أجل الشّهادة ليسوع، تمامًا كما هناك الّذين يعاقبون على مستويات مختلفة بسبب سلوكهم بطريقة تتماشى مع الإنجيل، والّذين يكافحون كلّ يوم لكي يبقوا أمناء، بدون صخب، لواجباتهم الصّالحة، بينما يستهزئ العالم بها ويبشّر بشيء آخر. يمكن لهؤلاء الإخوة والأخوات أيضًا أن يبدوا فاشلين، لكنّنا اليوم نرى أنّ الأمر ليس كذلك. والآن كما في الماضي في الواقع، فإنّ بذار تضحياتهم، الّتي يبدو أنّها ماتت، تُزهر وتثمر، لأنّ الله يستمرّ من خلالهم في صنع العجائب، وفي تغيير القلوب وتخليص البشر.

لنسأل أنفسنا إذًا: هل أهتمّ بالّذين لا يزالون اليوم في مختلف أنحاء العالم، يتألّمون ويموتون من أجل إيمانهم وأصلّي من أجلهم؟ وهل أحاول بدوري أن أشهد للإنجيل بصدق ووداعة وثقة؟ هل أؤمن أنّ بذرة الخير ستُثمر حتّى لو لم أر نتائج فوريّة؟ لتساعدنا العذراء مريم، سلطانة الشّهداء، لكي نشهد ليسوع."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أجدّد لكم جميعًا أطيب التّمنّيات بالسّلام والخير الّلذين ينبعان من عيد ميلاد الرّبّ. وأغتنم هذه الفرصة لكي أشكر الّذين أرسلوا لي رسائل معايدات من روما ومن مناطق عديدة من العالم. أشكركم، وخاصّة على صلواتكم! واصلوا صلاتكم من أجل البابا! هو يحتاج لها.

تحت شعار شهادة القدّيس إسطفانوس، أنا قريب من الجماعات المسيحيّة الّتي تتألّم بسبب التّمييز وأحثّها على المثابرة في المحبّة تجاه الجميع، والنّضال السّلميّ من أجل العدالة والحرّيّة الدّينيّة. وأوكل أيضًا إلى شفاعة الشّهيد الأوّل طلب السّلام للشّعوب الّتي تمزِّقها الحرب. تُظهر لنا وسائل الإعلام ما تنتجه الحرب: لقد رأينا سوريا، ونرى غزّة. ولنفكّر في أوكرانيا المعذبة. صحراء موت. هل هذا ما نريده؟ إنّ الشّعوب تريد السّلام. لنصلِّ من أجل السّلام. ولنكافح من أجل السّلام".