الفاتيكان
15 أيار 2023, 06:30

البابا فرنسيس: لتجعلنا مريم العذراء مطيعين لصوت الرّوح القدس ومتنبّهين لحضوره

تيلي لوميار/ نورسات
عن البارقليط: الرّوح القدس "المعزّي" و"المحامي"، تحدّث البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، توجّه بها ظهر الأحد إلى المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان.

وعن هذا الموضوع، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "يحدّثنا إنجيل اليوم، الأحد السّادس من زمن الفصح، عن الرّوح القدس الّذي يسمّيه يسوع البارقليط. البارقليط هي كلمة تعني في الوقت عينه المعزّي والمحامي. أيّ أنَّ الرّوح القدس لا يتركنا وحدنا وهو قريب منّا، كمحامٍ يساعد المتّهم بالبقاء إلى جانبه. ويقترح علينا الدّفاع عن أنفسنا في وجه من يتّهمنا. لنتأمّل حول هذا: قربه منّا ومساعدته لنا ضدَّ من يتّهمنا.

قربه: إنّ الرّوح القدس يقول يسوع "يُقيمُ عِندكم ويَكونُ فيكم". هو لا يتركنا. إنَّ الرّوح القدس يريد أن يكون معنا: فهو ليس ضيفًا عابرًا يأتي ليقوم بزيارة مجاملة لنا. إنّه رفيق الحياة، وحضور ثابت، إنّه روح ويريد أن يقيم في أرواحنا. إنّه صبور ويبقى معنا حتّى عندما نسقط. هو يبقى لأنّه يحبّنا حقًّا: هو لا يتظاهر بأنّه يحبّنا لكي يتركنا بعدها وحدنا في الصّعوبات. لا. إنّه أمين وواضح وحقيقيّ.

يقول لا بل، إذا وجدنا أنفسنا في تجربة، فإنّ الرّوح القدس يعزّينا، ويحمل لنا مغفرة الله وقوّته. وعندما يضعنا أمام أخطائنا ويصلحنا، يقوم بذلك بلطف: وفي صوته الّذي يخاطب القلب هناك دائمًا طابع الحنان ودفء الحبّ. بالطّبع، الرّوح البارقليط هو متطلِّب، لأنّه صديق حقيقيّ وأمين لا يخفي شيئًا، ويقترح علينا ما يجب علينا أن نُغيِّره وكيف ننمو. ولكن عندما يصلحنا هو لا يهيننا أبدًا ولا يبعث فينا عدم الثّقة أبدًا. بل على العكس، هو ينقل إلينا اليقين أنّنا مع الله سوف ننجح على الدّوام. هذا هو قربه.

لنرى الآن الرّوح البارقليط، إنّه محامينا، يدافع عنّا ضدّ الّذي يتّهمنا. هو يدافع عنّا أمام أنفسنا، عندما لا نحبّ بعضنا البعض ولا نسامح بعضنا البعض، لدرجة أنّه قد يقول لنا ربّما أنّنا فاشلون ولا خير منّا؛ إزاء العالم، الّذي يُهمِّش ويضع جانبًا الّذين لا يتوافقون مع مخطّطاته ونماذجه؛ وإزاء الشّيطان، الّذي هو "المُتَّهم" والمقسم بامتياز والّذي يفعل كلّ شيء لكي يجعلنا نشعر بالعجز والحزن.

إزاء جميع الأفكار المتَّهِمة، يقترح علينا الرّوح القدس كيفيّة الرّدّ. كيف؟ إنّ البارقليط، يقول يسوع، هو الّذي "يذكّرنا بكلّ ما قاله لنا يسوع". وبالتّالي هو يذكّرنا بكلمات الإنجيل، ويذكّرنا بيسوع ابن الله، وهكذا يسمح لنا بالرّدّ على الشّيطان المتّهمّ ليس بكلماتنا الخاصّة، بل بكلمات الرّبّ عينها. يذكّرنا أوّلاً أنّ يسوع كان يتحدّث على الدّوام عن الآب الّذي في السّماوات، أبوه وأبونا، وأخبرنا عنه وأظهر لنا محبّته لنا، نحن أبناءه. وبالتّالي إذا استدعينا الرّوح القدس، سنتعلّم أن نقبل ونتذكّر أهمّ حقيقة في الحياة، والّتي تحمينا من اتّهامات الشّرّ: أنّنا أبناء الله المحبوبون.

أيّها الإخوة والأخوات، لنسأل أنفسنا اليوم: هل نستدعي الرّوح القدس، هل نرفع إليه صلاتنا غالبًا؟ لا ننسينَّه أبدًا هو القريب منّا، لا بل المقيم في داخلنا! ومن ثمَّ، هل نُصغي إلى صوته، سواء عندما يشجّعنا أو عندما يصلحنا؟ هل نردّ بكلمات يسوع على اتّهامات الشّرّ وعلى "محاكم" الحياة؟ هل نتذكّر أنّنا أبناء الله المحبوبين؟ لتجعلنا مريم العذراء مطيعين لصوت الرّوح القدس ومتنبِّهين لحضوره."

بعد تلاوة صلاة افرحي "يا ملكة السّماء"، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد شهدنا في الأيّام الأخيرة مرّة أخرى اشتباكات مسلّحة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين، راح ضحيّتها أناس أبرياء، من بينهم نساء وأطفال أيضًا. آمل أن تصبح الهدنة الّتي تمّ التّوصّل إليها للتّوّ مستقرّة، وأن تسكت الأسلحة، لأنّ السّلاح لن يحقّق الأمن والاستقرار أبدًا، بل على العكس سيواصل في تدمير كلّ رجاء في السّلام أيضًا.  

أحيّي مسؤولي جماعة سانت إيجيديو من ٢٥ دولة أفريقيّة؛ وكذلك السّلطات وأساتذة جامعة رادوم في بولندا. كما أحيّي كاريتاس الدّوليّة، الّتي اجتمعت وانتخبت رئيسًا جديدًا. سيروا بشجاعة إلى الأمام على درب الإصلاح!

نحتفل اليوم في العديد من البلدان بعيد الأمّ؛ وبالتّالي نتذكّر بامتنان ومحبّة جميع الأمّهات، تلك اللّواتي لا يزلن بيننا وتلك اللّواتي رحلنَ إلى السّماء. لنوكلهنَّ إلى مريم، أمِّ يسوع، ولنتوجّه إليها طالبين منها أن تخفّف آلام أوكرانيا المعذّبة وجميع الأمم الّتي تجرحها الحروب وأعمال العنف."