الفاتيكان
29 حزيران 2020, 07:50

البابا فرنسيس: لا وجود للحبّ الحقيقيّ بدون صليب

تيلي لوميار/ نورسات
عن الحبّ الحقيقيّ في بذل الذّات على مثال الرّبّ يسوع، تحدّث البابا فرنسيس ظهر الأحد قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين والحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"هذا الأحد يتردّد في الإنجيل صدى قوّة الدّعوة لكي نعيش اتّباعنا للرّبّ بالكامل وبدون تردّد. يطلب يسوع من تلاميذه أن يأخذوا على محمل الجدّ المتطلّبات الإنجيليّة حتّى عندما يتطلّب ذلك التّضحية والتّعب.

إنّ الطّلب الأوّل الّذي يوجّهه للّذين يتبعونه هو أن يضعوا محبّته فوق العواطف العائليّة ويقول: "مَن أَحَبِّ أَباهُ أو أُمَّه... ابنَه أو ابنَتَه أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني، فلَيسَ أَهْلاً لي". إنّ يسوع لا يريد بالتّأكيد أن يقلّل من قيمة المحبّة تجاه الوالدين والأبناء، ولكنّه يعرف أنّه إن وضعت روابط القربة في المركز الأوّل يمكنها أن تحوِّلنا عن الخير الحقيقيّ. ويمكننا جميعًا أن نقدّم أمثلة حول هذا الأمر. بدون أن نذكر تلك الحالات الّتي تختلط فيها العواطف العائليّة مع خيارات تتناقض مع الإنجيل. لكن عندما تكون محبّة الرّبّ هي المحرّك للمحبّة تجاه الوالدين والأبناء تصبح عندها المحبّة خصبة وتثمر ثمار خير في العائلة.

من ثمَّ يقول يسوع لتلاميذه: "مَن لَم يَحمِل صَليبَهُ وَيَتبَعني، فَلَيسَ أَهلاً لي" يتعلّق الأمر باتّباعه على الدّرب الّتي سارها هو بنفسه بدون البحث عن دروب مختصرة. لا وجود للحبّ الحقيقيّ بدون صليب أيّ بدون ثمن ندفعه شخصيًّا. وإذ حمله يسوع لم يعد الصّليب يخيفنا، لأنّه دائمًا إلى جانبنا لكي يعضدنا عند ساعة المحنة القاسية لكي يمنحنا القوّة والشّجاعة. ولسنا بحاجة لأن نقلق لكي نحافظ على حياتنا بموقف رعب وأنانيّة. ويحذّرنا يسوع: "مَن حَفِظَ حَياتَهُ يَفقِدُها، وَمَن فَقَدَ حَياتَهُ في سبيلي يَحفَظُها". إنّها مفارقة الإنجيل. وعن هذا أيضًا، بفضل الله نملك العديد من الأمثال. نجد ملء الحياة والفرح عندما نبذل أنفسنا في سبيل الإنجيل والإخوة بانفتاح وقبول ومحبّة.

هكذا يمكننا أن نختبر سخاء ومجّانيّة الله، وهذا ما يذكّرنا به يسوع: "مَن قَبِلَكُم قَبِلَني... وَمَن سَقى أَحَدَ هَؤُلاءِ ٱلصِّغار، وَلَو كَأسَ ماءٍ بارِدٍ... إِنَّ أَجرَهُ لَن يَضيع". إنّ الامتنان السّخيّ لله الآب يأخذ بعين الاعتبار أيضًا أصغر تصرّف محبّة وخدمة نقوم به إزاء الإخوة. إنّه امتنان مُعدٍ يساعد كلُّ فرد منّا على التّحلّي بالامتنان إزاء الّذين يعتنون باحتياجاتنا. عندما تُقدّم لنا خدمة ما لا يجب علينا أن نعتبر أنّ كلّ شيء واجب. الإمتنان هو قبل كلّ شيء علامة للتّربية الصّالحة ولكنّه أيضًا ميزة المسيحيّ. إنّه علامة بسيطة وإنّما أصليّة لملكوت الله، الّذي هو ملكوت محبّة مجّانيّة وممتنّة.

لتساعدنا العذراء مريم الكلّيّة القداسة الّتي أحبّت يسوع أكثر من حياتها وتبعته حتّى الصّليب، لكي نضع أنفسنا على الدّوام أمام الله بقلب مستعدّ وجاهز ونسمح لكلمته أن تحكم على تصرّفاتنا وخياراتنا."