الفاتيكان
23 آب 2021, 08:45

البابا فرنسيس: لا بدّ من عيش علاقة حقيقيّة وملموسة مع الله

تيلي لوميار/ نورسات
شدّد البابا فرنسيس على أهمّيّة التّعرّف على الله في إنسانيّة الرّبّ يسوع وبالتّالي في إنسانيّة الأخوة والأخوات الّذين نلتقي بهم في دروب هذا العالم، وذلك في كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ، فقال بحسب "فاتكيان نيوز":

"إنّ مقطع الإنجيل الّذي تقترحه علينا اللّيتورجيا اليوم (يوحنّا الفصل 6) يُظهر لنا تفاعل الحشود والتّلاميذ مع ما قاله يسوع في أعقاب معجزة الأرغفة إذ دعاهم إلى تفسير هذه الآية والإيمان به، الّذي هو الخبزُ الحقيقيّ النّازل من السّماء، خبز الحياة. وكشف أنّ الخبز الّذي سيعطيه هو جسده ودمه. وقد بدت هذه العبارات صعبة وغير مفهومة بالنّسبة للنّاس، وكانت النّتيجة أنّ العديد من التّلاميذ توقّفوا عن اتّباع المعلّم. بعدها دعا الرّبّ يسوع الاثني عشر إليه وسألهم ما إذا كانوا يريدون الرّحيل هم أيضًا. فأجاب بطرس، نيابة عن المجموعة كلّها قائلاً: "إلى من نذهب يا ربّ وكلمات الحياة الأبديّة عندك؟ وقد عرفناك وآمنّا أنّك أنت قدّوس الله"."

وتساءل البابا: "من أين يأتي عدم الإيمان هذا، وما هو سبب هذا الرّفض؟ وأوضح أنّ الرب قال "إنّ الله اختار أن يُظهر نفسه، وأن يحقّق الخلاص بواسطة ضعف الجسد البشريّ. هذا هو سرّ التّجسّد. وتجسُّد الله كان حجر عثرة بالنّسبة للنّاس، وهذا يصحّ اليوم أيضًا. فقد أكّد يسوع أنّ خبز الخلاص الحقيقيّ، الّذي يعطي الحياة الأبديّة، هو جسدُه. وبغية الدّخول في علاقة شركة مع الله، وقبل التّقيّد بالشّرائع والمفاهيم الدّينيّة، لا بدّ من عيش علاقة حقيقيّة وملموسة معه. لأنّ الخلاص جاء منه، من تجسّده. وهذا يعني أنّه لا ينبغي أن نتبع الله من خلال الأحلام وصور العظمة والجبروت، بل لا بدّ من التّعرّف عليه في إنسانيّة يسوع، وبالتّالي في إنسانيّة الأخوة والأخوات الّذين نلتقي بهم على دروب حياتنا. وذكّر فرنسيس بأنّ الله صار جسدًا، وعندما نقول ذلك في صلاة "النؤمن"، ويوم عيد الميلاد أو عيد البشارة، نجسّد أمامنا هذا السّرّ. لقد صار لحمًا ودمًا، وانحنى حتّى صار إنسانًا مثلنا، وأذلّ نفسه عندما حمل معاناتنا وخطايانا، وهو يطلب منّا أن نبحث عنه، لا خارج الحياة والتّاريخ، بل من خلال العلاقة مع المسيح والأخوة. هذه هي الطّريق المؤدّية نحو اللّقاء مع الله.  

إنّ تجلّي الله في إنسانيّة يسوع، يمكن أن يشكّل حجر عثرة اليوم، وليس من السّهل تقبّل هذا الأمر. وهذا ما يسمّيه القدّيس بولس بـ"جهالة الإنجيل"، حيال من يبحثون عن المعجزات وعن حكمة هذا العالم. وهذا الأمر ينطبق على سرّ الإفخارستيّا. فماذا يعني بالنّسبة للعالم أن يركع الإنسان أمام قطعة من الخبز، وأن يتغذّى من هذا الخبز؟ إنّ يسوع صنع معجزة وتمكّن من سدّ جوع الآلاف من الأشخاص بواسطة خمسة أرغفة وسمكتين، وشاء الجميع أن يجعلوا منه ملكًا. وعندما قال إنّ هذه الفعلة هي علامة للتّضحية بحياته، بجسده ودمه، وإنّ من يتبعه عليه أن يتغذّى منه، من إنسانيّته المقدّمة إلى الله والآخرين، لم يعد مقبولاً لدى النّاس!  

يمكن أن نجد أنفسنا في مأزق بسبب الرّبّ، وينبغي أن نقلق إن لم يحصل هذا الأمر."  

وسأل البابا الجميع في الختام أن يطلبوا نعمة الارتداد بفعل كلمات الحياة الأبديّة، طالبًا من العذارء القدّيسة الّتي حملت جسد الطّفل يسوع وشاركته تضحيته، أن تساعدنا على الشّهادة دومًا لإيماننا من خلال الحياة اليوميّة.

وفي أعقاب تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، وجه البابا كعادته تحيّات إلى وفود الحجّاج والمؤمنين، وخصّ بالذكر الكهنة والإكليريكيّين من المعهد الحبريّ لأميركا الشّمالية. كما حيّا مجموعات الشّبّان القادمين من مناطق إيطاليّة مختلفة. ثمّ تمنّى للكلّ أحدًا سعيدًا وسأل الجميع أن يصلّوا من أجله.