الفاتيكان
20 حزيران 2022, 12:30

البابا فرنسيس لأعضاء سينودس أساقفة الرّوم الملكيّين: أنتم محقّون في قلقكم بشأن بقاء المسيحيّين في الشّرق الأوسط وهو الأمر الّذي أشارككم به بالكامل

تيلي لوميار/ نورسات
تشارك البابا فرنسيس مع أعضاء سينودس أساقفة الرّوم الملكيّين الكاثوليك قلقهم بشأن مسيحيّي الشّرق الأوسط، وذلك خلال استقبالهم صباحًا في القصر الرّسوليّ، قبيل انعقاد لقاءهم السّنويّ، يتقدّمهم البطريرك يوسف العبسيّ.

وللمناسبة، توجّه إليهم بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "لقد طلبتم أن تتمكّنوا من أن تعقدوا لقاءكم السّنويّ في روما، عند ضريح الرّسولين القدّيسين بطرس وبولس، وقبور العديد من الشّهداء الّذين ضحّوا بحياتهم من أجل الأمانة للرّبّ يسوع. نحن بحاجة إلى شفاعتهم، لأنّه حتّى في زمننا، في مجتمع تصفه بعض التّحليلات بأنّه "سائل"، مع روابط خفيفة تضاعف الشّعور بالوحدة والتّخلّي عن الأكثر هشاشة، يجب على الجماعة المسيحيّة أن تتحلّى بالشّجاعة لكي تشهد لاسم المسيح، مُبدئ إيماننا ومتمّمه. من بين خلفاء بطرس، هناك أيضًا من ولدوا في سوريا، وهذا الأمر يجعلنا نشعر، من ناحية، بالنّفس الكاثوليكيّ لكنيسة روما، الّتي دُعيت لكي ترأس بالمحبّة وتعتني بجميع الكنائس، ومن ناحية أخرى يجعلنا نذهب حجّاجًا إلى الأرض الّتي بعضكم هم فيها أساقفة ابتداء من البطريرك يوسف: سوريا الحبيبة المعذّبة.

إنَّ مآسي الأشهر الأخيرة، والّتي تجبرنا للأسف على تحويل أنظارنا إلى شرق أوروبا، لا يجب أن تنسينا ما يجري في أرضكم منذ اثني عشر عامًا: آلاف القتلى والجرحى، وملايين اللّاجئين الدّاخليّين وفي الخارج، استحالة البدء في إعادة الإعمار الضّروريّة. صدف أنّني التقيت في أكثر من مناسبة بشابّ سوريٍّ جاء إلى هنا وسمعت قصّته، وقد أثَّرت فيَّ المأساة الّتي كان يحملها في داخله، لما عاشه وشاهده، وإنّما أيضًا نظرته الّتي كانت خالية من الرّجاء، غير قادرة على أن تحلم بمستقبل لأرضه. لا يمكننا أن نسمح بأن تُزال شرارة الرّجاء الأخيرة من عيون وقلوب الشّباب والعائلات! ولذلك أجدّد ندائي إلى جميع الّذين يشغلون مناصب مسؤوليّة، سواء داخل البلد أو في المجتمع الدّوليّ، لكي يتمَّ التّوصّل إلى حلّ عادل ومنصف لمأساة سوريا.

أنتم أساقفة الكنيسة البطريركيّة للرّوم الملكيّين الكاثوليك مدعوّون لكي تسألوا أنفسكم حول الطّريقة الّتي تقدّمون بها، ككنيسة، شهادتكم البطوليّة نعم والسّخيّة ولكنّها تحتاج على الدّوام لأن توضع في نور الله لكي تتطهّر وتتجدّد. أنتم سينودس بفضل تلك الصّفات الّتي تمّ الاعتراف لكم بها ككنيسة بطريركيّة، وبالتّالي من الضّروريّ أن تسألوا أنفسكم حول الأسلوب السّينودسيّ لكيانكم وعملكم، بحسب ما طلبتُ من الكنيسة الجامعة: أيّ قدرتكم على عيش شركة الصّلاة والالتزام بين بعضكم البعض ومع البطريرك، بين الأساقفة والكهنة والشّمامسة، مع الرّهبان والرّاهبات، ومع المؤمنين العلمانيّين، مكوّنين هكذا معًا شعب الله المقدّس.

أنتم محقّون في قلقكم بشأن بقاء المسيحيّين في الشّرق الأوسط، وهو الأمر الّذي أشارككم به بالكامل؛ ومن ناحية أخرى، كان لحضور الكنيسة البطريركيّة للرّوم الملكيّين الكاثوليك بُعدًا عالميًّا لعقود: إذ توجد أبرشيّات لأستراليا وأوقيانيا، في الولايات المتّحدة وكندا، في فنزويلا والأرجنتين، على سبيل المثال لا الحصر؛ ويوجد العديد من المؤمنين أيضًا في أوروبا، على الرّغم من عدم تمكّنهم بعد من التّجمّع في أبرشيّاتهم الكنسيّة. هذا الجانب يمثّل بلا شكّ تحدّيًا كنسيًّا ولكنّه أيضًا ثقافيًّا واجتماعيًّا، لا يخلو من الصّعوبات والعقبات. وفي الوقت عينه، يُشكّل أيضًا فرصة عظيمة: أن تثبتوا متجذّرين في تقاليدكم وأصولكم، بينما تنفتحون على الإصغاء إلى الأزمنة والأماكن الّتي تشتَّتم فيها، لكي تُجيبوا على ما يطلبه الرّبّ اليوم من كنيستكم.

في السّينودس، أشجّعكم على ممارسة صلاحيّاتكم بحكمة كبيرة: أعلم أنّ بعض الكنائس الشّرقيّة قد بدأت في التّفكير في دور الأساقفة الفخريّين وحضورهم، ولاسيّما الّذين تجاوزوا الثّمانين عامًا، والّذين هم عدد ثابت في بعض السّينودسات. فصل آخر يتعلّق بانتخاب الأساقفة، والّذين أطلب منكم أن تفكّروا بذلك دائمًا بعناية وأن تصلّوا إلى الرّوح القدس لكي ينيركم، وتُعدّوا المواد والمعلومات مسبقًا وبشكل كافٍ عن المرشّحين المختلفين، وتتخطّوا منطق الحزبيّة والتّوازن بين الرّهبانيّات. أحثّكم- وأشكركم على الالتزام الّذي ستضعونه في هذا– لكي تجعلوا وجه الكنيسة يسطع، تلك الكنيسة الّتي اكتسبها المسيح بدمه، بعيدًا عن الانقسامات والتّذمّر، الّتي ليست إلّا سبب عثرة للصّغار وتُبدِّد القطيع الّذي أوكل إليكم.

أبارك من كلِّ قلبي كلّ فرد منكم وأعمال سينودسكم. لترافقكم العذراء مريم أمَّ الكنيسة، وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي."