الفاتيكان
14 آب 2023, 09:15

البابا فرنسيس:كيف أتصرّف وسط المخاوف والمصاعب؟

تيلي لوميار/ نورسات
قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر أمس الأحد، وجّه البابا فرنسيس كلمة أشار في مستهلها إلى الإنجيل الذي يحدثنا عن معجزة ليسوع: "ففي اللّيل، مشى يسوع على مياه بحيرة الجليل نحو التّلاميذ الذين كانوا يعبرون البحيرة بالسّفينة" (راجع متى ١٤، ٢٢- ٣٣). وقال بحسب فاتيكان نيوز":

"نتساءل لماذا فعل يسوع ذلك؟ ربما لحاجة ملحّة وغير متوقّعة لإغاثة تلاميذه الذين وجدوا أنفسهم محاصرين برياح معاكسة؟ ومع ذلك، كان يسوع نفسه مَن جعلهم ينطلقون في المساء - ويقول الإنجيل – "أَجبرَهم" (راجع متّى ١٤، ٢٢). لماذا إذا أراد يسوع المشي على المياه؟ وراء ذلك رسالة لا يمكننا فهمها على الفور. ففي ذاك الوقت، كانت المساحات الشّاسعة للمياه تُعتبر أماكن لقوى شريرة لا يستطيع الإنسان السّيطرة عليها؛ وحين تكون مضطربة بسبب العاصفة فإنّ الأعماق كانت ترمز إلى الفوضى وتذكّر بظلمات الجحيم. ويجد التّلاميذ أنفسهم وسط البحيرة في الظّلام، خائفين أن يغرقوا ويمتصّهم الشّرّ. ويأتي يسوع ماشيًا على المياه، أيّ فوق قوى الشّرّ، ويقول لتلاميذه: "ثِقوا. أَنا هو، لا تَخافوا!" (متّى ١٤، ٢٧). إنّها رسالة يعطينا إيّاها يسوع، ماشيًا على المياه، يربد أن يقول لنا" لا تخافوا، فأنا أجعل أعداءك تحت قدمي". لا الأشخاص! فهؤلاء ليسوا هم الأعداء، إنّما الموت والخطيئة والشّيطان.

المسيح يكرّر اليوم لكل واحد منا "ثِق. أَنا هو، لا تَخف!". الثّقة لأنّي هنا، لأنّك لم تعد وحيدًا في مياه الحياة المضطربة. وبالتّالي، ما العمل حين نجد أنفسنا في عرض البحر وتحت رحمة رياح معاكسة؟ ما العمل وسط الخوف وحين نرى الظّلام فقط ونشعر بأنّنا ضائعون؟ إنّ التّلاميذ، وكما جاء في الإنجيل، قاموا بأمرين اثنين: تضرّعوا إلى يسوع واستقبلوه. يتضرّع التّلاميذ إلى يسوع. مشى بطرس قليلًا على الماء نحو يسوع، ولكنّه من ثمّ خاف وأخذ يغرق، فصرخ قائلًا "يا رَبّ، نَجِّني!" (متى ١٤، ٣٠). جميلة هذه الصّلاة التي يتمّ التّعبير من خلالها على الثّقة بأنّ الرّبّ قادر على أن يخلّصنا، وأنّه يتغلب على مخاوفنا"، داعيًا إلى تكرار هذه الصّلاة ثلاث مرات:" "يا رب، نجّني!""

وأشار البابا "إلى أنّ التلاميذ استقبلوا يسوع على السّفينة"، وتوقّف عند ما جاء في الإنجيل، "فما إن صعد إلى السّفينة "سَكَنَتِ الرِّيح" (متّى ١٤، ٣٢). إنّ الرّبّ يعلم أنّ سفينة الحياة، كما سفينة الكنيسة، مهدّدة برياح معاكسة، وأنّ البحر الذي نبحر فيه هو هائج في أكثر الأحيان.  ولا يجنّبنا تعب الإبحار، لا بل – وكما يقول الإنجيل – يدفع تلاميذه إلى الانطلاق: أيّ يدعونا إلى مواجهة المصاعب، كي تصبح هي أيضًا "أماكن نجاة" وفرصًا للقائه. ففي الواقع، في لحظات الظّلام يأتي للقائنا، طالبًا أن يتمّ استقباله كما في ذاك اللّيل على البحيرة.

لنسأل أنفسنا: كيف أتصرّف وسط المخاوف والمصاعب؟ أأمضي إلى الأمام لوحدي، بقواي، أو أتضرّع إلى الرّبّ بثقة؟ وماذا عن إيماني؟ أأثق أنّ المسيح أقوى من الأمواج والرّياح المعاكسة؟ وخصوصًا: هل أُبحر معه؟ أأستقبل يسوع وأفسح له مكانًا في سفينة حياتي، وأسلّمه الدّفّة؟

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، وجّه البابا فرنسيس كلمة أشار في مستهلّها إلى الغرق المأساويّ لقارب الأيّام الماضية في البحر الأبيض المتوسّط حيث فقد واحد وأربعون شخصًا حياتهم. وقال إنّه صلّى من أجلهم، مشيرًا بألم إلى أنّ زهاء ألفي رجل وامرأة وطفل فقدوا حياتهم منذ مطلع العام الجاري في هذا البحر وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا. وتحدّث عن جرح مفتوح في إنسانيّتنا، وشجّع الجهود السّياسيّة والدّبلوماسيّة السّاعية إلى معالجة هذا الجرح، ذلك بروح تضامن وأخوّة، كما وشجّع التزام جميع الذين يعملون لتجنّب غرق القوارب ولإغاثة المهاجرين.

وتابع مشيرًا إلى أنّه عشيّة عيد انتقال مريم العذراء إلى السّماء، ستُقام في بافوسّام في الكاميرون مسيرة الحجّ من أجل طلب السّلام في البلاد التي لا تزال تعاني من العنف والحرب. وقال "لنتّحد بالصّلاة مع إخوتنا في الكاميرون، كيما، وبشفاعة العذراء، يعضد الله رجاء الشّعب الذي يعاني منذ سنوات، ويفتح دروب حوار لبلوغ الوئام والسلام."

ودعا البابا فرنسيس إلى الصّلاة من أجل أوكرانيا المعذّبة، وأكّد أيضًا صلاته من أجل ضحايا الحرائق التي اجتاحت جزيرة ماوي في هاواي. هذا وحيّا الحجّاج المتواجدين في ساحة القدّيس بطرس القادمين من بلدان عديدة، وخصّ بالذّكر الذين شاركوا من بينهم في اليوم العالميّ للشّباب في لشبونة.