الفاتيكان
09 تشرين الثاني 2021, 13:30

البابا فرنسيس: قلب الإنسان لا يحتاج إلى الخبز وحسب وإنّما إلى الثقافة أيضًا

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس على قيمة الجمال الّذي "يولد من جذور الصّلاح والحقيقة والعدالة الّتي هي مرادفاته"، مشدّدًا أيضًا على أهمّيّة الثّقافة لقلب الإنسان، وذلك في كلمة ألقاها خلال افتتاح قاعة العرض الجديدة في مكتبة الفاتيكان الرّسوليّة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"في إنجيل يوحنّا، تُستخدم صفة kalòs (جميل) حصريًّا للإشارة إلى يسوع ورسالته. صحيح أنَّ يسوع هو الرّاعي الصّالح، ولكنّه أيضًا الرّاعي الجميل. أمّا في إنجيل متّى، يتحدّث يسوع عن جمال تلاميذه: ويتحدّاهم لكي يتألَّقوا ويُظهروا جمال أعمالهم كشكل من أشكال تسبيح لله: "ليضيء نُورُكُم لِلنَّاس، لِيَرَوْا أَعمالَكُمُ الصَّالحة، فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات".

إنَّ الجمال ليس الوهم العابر لمظهر أو زخرفة: ولكنّه يولد من جذور الصّلاح والحقيقة والعدالة الّتي هي مرادفاته. لكن لا يجب أن نهمل التّفكير والتّحدّث عن الجمال، لأنّ قلب الإنسان لا يحتاج إلى الخبز فقط، ولا يحتاج فقط إلى ما يضمن بقاءه الفوريّ، لكنّه يحتاج أيضًا إلى الثقافة، إلى ما يلمس الرّوح، وما يقرّب الإنسان إلى كرامته العميقة. لهذا يجب على الكنيسة أن تشهد لأهمّيّة الجمال والثّقافة، وتتحاور مع العطش الخاصّ إلى اللّامحدود الّذي يميّز الإنسان.

لقد أردتم أن يكون المعرض الافتتاحيّ تأمُّلاً حول الرّسالة العامّة "Enciclica Fratelli" وقد أعدتُّموه بإعداده كحوار مبنيّ على أعمال تنتمي إلى المكتبة وعلى أعمال فنّان معاصر، أحيّيه وأشكره. أُقدِّر هذا الرّهان لخلق حوار. الحياة هي فنّ اللّقاء، والثّقافات تمرض عندما تصبح مرجعيّة لذاتها، وعندما تفقد فضولها وانفتاحها على الآخرين، وعندما تهمّش بدلاً من أن تدمج.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، يحتاج العالم لخرائط جديدة، في هذا التّغيّر التّاريخيّ الّذي حمله الوباء تحتاج البشريّة إلى خرائط جديدة لكي تكتشف معنى الأخوَّة والصّداقة الاجتماعيّة والخير العامّ. إنّ منطق الكتل المغلقة عقيم ومليء بسوء الفهم. نحن بحاجة إلى جمال جديد، لا يكون الانعكاس المعتاد لقوّة البعض، وإنّما الفسيفساء الشّجاع لتنوّع الجميع، وألّا يكون مرآة لمركزيّة بشريّة استبداديّة، بل نشيد مخلوقات جديد، تجد فيه الإيكولوجيا المتكاملة تجسيدًا فعّالاً.

منذ بداية حبريّتي دعوت الكنيسة لتصبح كنيسة في انطلاق ورائدة لثقافة اللّقاء. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على المكتبة. إنَّ المكتبة تخدم الكنيسة بشكل أفضل إذا، وبالإضافة إلى حماية الماضي، تتجرّأ أن تكون حدودًا للحاضر والمستقبل. أنا أعلم أنّكم تدركون ذلك: أنّ مسؤوليّتنا هي أن نحافظ على الجذور والذّاكرة مُمتدّة على الدّوام نحو الزّهور والثّمار. لنحلم معًا "بخرائط جديدة". أفكّر بشكل خاصّ بضرورة الانتقال من التّناظريّة إلى الرّقميّة وترجمة تراثنا إلى لغات جديدة. إنّه تحدٍّ تاريخيّ علينا أن نواجهه بحكمة وشجاعة. وأنا أعتمد على المكتبة الرّسوليّة لترجمة الوديعة المسيحيّة وغنى الإنسانيّة إلى لغات اليوم والغد."