الفاتيكان
08 كانون الأول 2022, 14:50

البابا فرنسيس في عيد سيّدة الحبل بلا دنس: أمسكيني بيدي يا أمّي وأرشديني

تيلي لوميار/ نورسات
"لتساعدنا مريم البريئة من دنس الخطيئة الأصليّة لكي نحافظ على جمالنا من الشّرّ"، هي الصّلاة الّتي رفعها البابا فرنسيس في عيد سيّدة الحبل بلا دنس خلال تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهرًا مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس.

وقبل الصّلاة، ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يدخلنا إنجيل عيد اليوم إلى بيت مريم لكي يخبرنا عن البشارة. عندما دخل الملاك جبرائيل، قال أوّلاً للعذراء: "إفرحيِ، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ". لنلاحظ شيئًا: هو لا يدعوها باسمها، مريم، وإنّما باسم جديد لم تكن تعرفه: المُمتَلِئَة نِعْمَةً، أيّ الخالية من الخطيئة، وبالتّالي فالاسم الّذي أعطاها الله إيّاه المُمتَلِئَة نِعْمَةً، هو ما نحتفل به اليوم.

لكن لنفكّر في دهشة مريم: في تلك اللّحظة فقط اكتشفت هويّتها الحقيقيّة. لقد كانت بالتّأكيد تعرف الكثير عن نفسها، وعن والديها، وخطِّيبها، لكن الله كشف لها الآن سرًّا أعظم، لم تكن تعرفه من قبل. قد يحدث شيء مشابه لنا نحن أيضًا. بأيّ معنى؟ بمعنى أنّنا نحن الخطأة أيضًا قد تلقّينا عطيّة أوَّليّة ملأت حياتنا، خيرًا أعظم من جميع الأمور الأخرى، نعمة أصليّة، غالبًا ما نكون غير مُتنبِّهين لها.

عن ماذا أتكلّم؟ عن ما نلناه يوم معموديّتنا، والّذي من الجيّد أن نتذكّره ونحتفل به أيضًا! في المعموديّة نزل الله في حياتنا، وأصبحنا أبناءه المحبوبين إلى الأبد. هذا هو جمالنا الأصليّ، الّذي علينا أن نفرح به! واليوم، إذ فاجأتها النّعمة الّتي جعلتها جميلة منذ اللّحظة الأولى في حياتها، تقودنا مريم لكي نندهش بجمالنا. يمكننا أن نفهم ذلك من خلال صورة: صورة ثوب المعموديّة الأبيض؛ هي تذكّرنا أنّه تحت الشّرّ الّذي وصمنا به أنفسنا على مرّ السّنين، هناك خير أعظم في داخلنا. لنصغِ إلى صدى صوته، لنُصغِ إلى الله الّذي يقول لنا: "يا بُنيّ، أنا أحبّك وأنا معك على الدّوام، أنت مهمّ بالنّسبة لي، وحياتك ثمينة". عندما تسوء الأمور وتثبط عزيمتنا، وعندما نشعر بالإحباط ونواجه خطر أن نشعر بأنّنا عديمي الفائدة أو غير كفوئين، لنفكّر في هذا الأمر، وفي النّعمة الأصليّة.

تعلّمنا كلمة الله اليوم شيئًا آخرًا مهمًّا: أنّ الحفاظ على جمالنا يتطلّب ثمنًا وكفاحًا. في الواقع، يُظهر لنا الإنجيل شجاعة مريم الّتي قالت "نعم" لله والّتي اختارت مجازفة الله؛ والمقطع من سفر التّكوين، حول الخطيئة الأصليّة، يخبرنا عن كفاحٍ ضدّ المجرِّب وإغراءاته. لكنّنا نعرف ذلك أيضًا من الخبرة: يتطلّب الأمر جهدًا لكي نختار الخير، ونحافظ على الخير الموجود فينا. لنفكّر في عدد المرّات الّتي ضيّعنا فيها الخير بالاستسلام لتملّق الشّرّ، أو من خلال التّصرّف بحنكة لمصالحنا أو من خلال فعل شيء من شأنه أن يلوّث قلوبنا؛ أو حتّى من خلال تضييع الوقت في أشياء غير مجدية وضارّة، ومن خلال تأجيل الصّلاة وقول "لا أستطيع" لمن يحتاج إلينا، بينما كان بإمكاننا أن نساعد.

لكن إزاء هذا كلّه، لدينا اليوم بشرى سارّة: مريم، الخليقة البشريّة الوحيدة في التّاريخ بدون خطيئة، هي معنا في النّضال، إنّها أختنا وأمّنا. ونحن، الّذين نجد صعوبة في اختيار الخير، يمكننا أن نوكل أنفسنا إليها. بالاستسلام للعذراء والتّكرُّس لها نقول لها: "أمسكيني بيدي يا أمّي وأرشديني: معك سيكون لديّ قوّة أكبر في محاربة الشّرّ، معك سأكتشف مجدّدًا جمالي الأصليّ". لنوكل اليوم وكلَّ يوم أنفسنا لمريم ولنردّد لها: "يا مريم، أوكل إليكِ حياتي وعائلتي وعملي وقلبي وكفاحي. وأكرّس نفسي لكِ". لتساعدنا مريم البريئة من دنس الخطيئة الأصليّة لكي نحافظ على جمالنا من الشّرّ".