الفاتيكان
02 كانون الثاني 2024, 11:20

البابا فرنسيس: في بداية العام الجديد، لننظر إلى مريم ولنفكّر في أمّهاتنا أيضًا ولننظر إليهنَّ لنتعلّم الحبّ الّذي ينمو في الصّمت

تيلي لوميار/ نورسات
"في هذا اليوم الّذي نحتفل فيه بمريم والدة الله القدّيسة، نضع تحت نظرها المحبّ الزّمن الجديد الّذي أُعطي لنا، لكي تحرسنا في هذا العام." هكذا استهلّ البابا فرنسيس كملته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الإثنين لمناسبة عيد العذراء مريم أمّ الله، مسلّمًا بذلك الزّمن الجديد لوالدة الإله.

وتابع البابا كلمته إلى الحجّاج والمؤمنين في ساحة القدّيس بطرس قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "يكشف لنا الإنجيل اليوم أنّ عظمة مريم لا تكمن في قيامها بعمل استثنائيّ؛ لا بل، وبينما كان الرّعاة، بعد أن نالوا الإعلان من الملائكة، يسرعون نحو بيت لحم، هي بقيت صامتة. إنّ صمت الأمّ هو صفة جميلة. هو ليس مجرّد غياب كلمات، وإنّما صمت مليء بالدّهشة والعبادة للعظائم الّتي يصنعها الله. "كانت مريم– يقول القدّيس لوقا– تحفظ جميع هذه الأمور، وتتأمّلها في قلبها". بهذه الطّريقة هي تفسح المجال في داخلها للّذي قد ولد؛ في الصّمت والعبادة، تضع يسوع في المحور وتشهد له كمخلّص. وهكذا تكون أمًّا ليس فقط لأنّها حملت يسوع في أحشائها وولدته، بل لأنّها تُظهره دون أن تأخذ مكانه. وستقف بصمت أيضًا تحت الصّليب، في أحلك السّاعات، وهكذا ستستمرّ في إفساح المجال له وولادته لنا. كتب كاهن وشاعر من القرن العشرين: "أيّتها العذراء، كاتدرائيّة الصّمت؛ أنت تحملين جسدنا إلى السّماء والله إلى جسدنا". كاتدرائيّة الصّمت: إنّها صورة جميلة. ومريم، بصمتها وتواضعها، هي "كاتدرائيّة" الله الأولى، المكان الّذي يمكن فيه لله والإنسان أن يلتقيا.

ولكن حتّى أمّهاتنا، برعايتهنَّ الخفيّة، وعطفهنَّ، غالبًا ما يكُنَّ هنَّ أيضًا كاتدرائيّات صمت رائعة. هنَّ يلِدننا ومن ثمَّ يستَمرِرنَ في متابعتنا، دون أن نلاحظهنَّ في كثير من الأحيان، لكي نتمكّن من أن ننمو. لنتذكّر هذا: إنَّ الحبّ لا يخنق أبدًا، الحبّ يفسح المجال للآخر ويجعله ينمو.

أيّها الإخوة والأخوات، في بداية العام الجديد، لننظر إلى مريم، وبقلب ممتنّ، لنفكّر في أمّهاتنا أيضًا ولننظر إليهنَّ، لكي نتعلّم ذلك الحبّ الّذي ينمو قبل كلّ شيء في الصّمت، والّذي يعرف كيف يفسح المجال للآخر ويحترم كرامته ويترك له حرّيّة التّعبير ويرفض جميع أشكال التّملّك والقمع والعنف. هناك حاجة كبيرة لهذا اليوم! وكما تذكّرنا رسالة اليوم العالميّ للسّلام: "تتعرّض الحرّيّة والتّعايش السّلميّ للتّهديد عندما يستسلِم البشر لتجربة الأنانيّة والمصلحة الشّخصيّة والجشع في الرّبح والتّعطّش إلى السّلطة". أمّا الحبّ فهو يقوم على الاحترام واللّطف: وبهذه الطّريقة يكسر الحواجز ويساعد على عيش العلاقات الأخويّة، وبناء مجتمعات أكثر عدالة وإنسانيّة وأكثر سلامًا.

لنصلّ اليوم إلى أمِّ الله القدّيسة وأمّنا، لكي نتمكّن في العام الجديد من أن ننمو في هذا الحبّ الوديع والخفيّ الّذي يولِّد الحياة ويفتح في العالم دروب سلام ومصالحة."