الفاتيكان
18 كانون الثاني 2021, 07:30

البابا فرنسيس: علينا أن نبحث عن الحبّ الموجود خلف كلّ دعوة

تيلي لوميار/ نورسات
بعد رسالة التّعزية والتّضامن الّتي وجّهها إلى السّلطات الكنسيّة والمدنيّة في إندونيسيا، عبّر البابا فرنسيس، بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، عن قربه من سكّان جزيرة سولاويزي في إندونيسيا، الّتي ضربها زلزال قويّ يوم الجمعة. وصلّى من أجل الموتى والجرحى والّذين فقدوا منازلهم ووظائفهم، سائلاً الله أن يعزّيهم ويعضد جهود الّذين يلتزمون في عمليّات الإنقاذ. كما صلّى من أجل ضحايا حادث تحطّم الطّائرة الّذي وقع يوم السّبت الماضي في إندونيسيا أيضًا.

من جهة أخرى، أشار البابا فرنسيس إلى انطلاق أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين اليوم، تحت عنوان "اثبُتوا في مَحَبَّتي. واحملوا ثمارًا وافرة"، معلنًا عن اختتامه، يوم الإثنين 25 ك2/ يناير، بصلاة الغروب في بازيليك القدّيس بولس خارج أسوار روما مع ممثّلي الطّوائف المسيحيّة الأخرى. وسأل الجميع للمناسبة الصّلاة لكي تتحقّق رغبة يسوع: "ليكونوا بأجمعهم واحدًا".

وكان البابا فرنسيس قد تلا كلمة، قبيل الصّلاة، على ضوء لقاء يسوع مع تلاميذه الأوائل، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا إنجيل هذا الأحد الثّاني من زمن السّنة لقاء يسوع مع تلاميذه الأوائل. يتمُّ المشهد بالقرب من نهر الأردنّ، في اليوم التّالي لمعموديّة يسوع، وهو يوحنّا المعمدان نفسه الّذي يشير إلى المسيح لاثنين منهم بهذه الكلمات: "هُوَذا حَمَلُ الله!". وإذ وثِقا بشهادة المعمدان تبِعا يسوع؛ فَالتَفَتَ يسوعُ فرآهُما يَتبَعانِه فقالَ لَهما: "ماذا تُريدان؟" قالا له: "راِّبي (أَي يا مُعلِّم) أَينَ تُقيم؟".

لم يجب يسوع: "أنا أسكن في كفرناحوم أو في النّاصرة"، لكنّه قال: "هَلُمَّا فَانظُرا!". ليست بطاقة عمل، بل دعوة إلى لقاء. تبعه الاثنان وبعد ظهر ذلك اليوم أقاما عنده، وليس من الصّعب أن نتخيّلهما جالسَين يطرحان عليه الأسئلة ويصغيان إليه، ويشعران بأنّ قلبيهما يزدادان حرارة كلّما تحدث المعلّم. لقد شعرا بجمال الكلمات الّتي تستجيب لرجائهما الأكبر. وفجأة اكتشفا أنّه عندما حلّ الظّلام من حولهما، أشعَّ فيهما النّور الّذي وحده الله قادر على أن يمنحه. وعندما خرجا عادا إلى إخوتهما، فاض هذا الفرح وهذا النّور من قلبيهما كنهر هائج. وأحد هذين الإثنين، أندراوس، قال لأخيه سمعان- الّذي سيدعوه يسوع بطرس-: "وَجَدْنا المَشيح".

لنتوقّف للحظة عند خبرة اللّقاء هذه مع المسيح الّذي يدعونا لنقيم معه. إنَّ كلّ دعوة من الله هي مبادرة من محبّته. الله يدعو إلى الحياة ويدعو إلى الإيمان ويدعو إلى حالة معيّنة من الحياة. إنّ دعوة الله الأولى هي الدّعوة إلى الحياة الّتي يشكّلنا بها كأشخاص. إنّها دعوة فرديّة، لأنّ الله لا يفعل الأشياء في سلسلة. من ثمّ يدعونا الله إلى الإيمان ولكي نكون جزءًا من عائلته كأبناء لله. وأخيرًا يدعونا الله إلى حالة معيّنة من الحياة: لكي نبذل ذواتنا في درب الزّواج، وفي درب الكهنوت أو الحياة المكرّسة. إنّها دروب مختلفة لكي نحقّق مشروع الله لكلّ واحد منّا، والّذي هو على الدّوام مخطّط حبّ. وأعظم فرحة لكلّ مؤمن هي أن يستجيب لهذه الدّعوة، ويقدّم نفسه لخدمة الله والإخوة.

إزاء دعوة الرّبّ، الّتي يمكنها أن تصل إلينا بألف طريقة حتّى من خلال أشخاص وأحداث سعيدة وأليمة، يمكن أن يكون موقفنا في بعض الأحيان موقف رفض، لأنّها قد تبدو لنا متناقضةً مع تطلّعاتنا؛ أو يمكنه أن يكون موقف خوف، لأنّنا نعتبرها مُلزمةً وغير مريحة. لكن دعوة الله هي حبّ، وعلينا أن نبحث عن الحبّ الموجود خلف كلّ دعوة، والّتي نجيب عليها بالحبّ فقط. في البداية هناك لقاء، لا بل، هناك اللّقاء مع يسوع، الّذي يحدّثنا عن الآب، ويجعلنا نعرف محبّته. ومن ثمّ تولد فينا بشكل عفويٍّ أيضًا الرّغبة في إيصالها إلى الأشخاص الّذين نحبّهم: "لقد قابلت الحبّ"، "لقد وجدت المعنى لحياتي". بكلمة واحدة: "لقد وجدت الله".

لتساعدنا العذراء مريم لكي نجعل من حياتنا نشيد تسبيح لله، استجابةً لدعوته وفي التّحقيق المتواضع والسّعيد لمشيئته. ولنتذكّر هذا الأمر لكلّ واحد منّا، في حياته، كانت هناك لحظة جعل الله فيها نفسه حاضرًا بقوّة أكبر، من خلال دعوة. لنتذكّرها. ولنعد إلى تلك اللّحظة، لكي تجدّدنا ذكرى تلك اللّحظة دائمًا في اللّقاء مع يسوع."