الفاتيكان
24 تشرين الثاني 2020, 12:15

البابا فرنسيس: سوف نحاسب على الأعمال وعلى الرّحمة!

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه البابا فرنسيس تحيّة خاصّة "للعائلات الّتي تتعب كثيرًا في هذه الفترة"، و"الّتي تواجه صعوبات في الوقت الحاليّ لأنّها ليس لديها عملاً، أو فقدت عملها، ولديها طفل أو طفلان... وأحيانًا، بسبب الخجل، لا يدعون النّاس يعرفون ذلك"، داعيًا المؤمنين إلى "الذّهاب إليهم والبحث عن الأشخاص المعوزين، وحيثما هو يسوع، وحيثما هو معوز."

هذه الدّعوة أتت في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ الّذي تلاه البابا فرنسيس ظهر الأحد مع المؤمنين والحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس. وقبل الصّلاة ألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نحتفل اليوم بعيد ربّنا يسوع المسيح، ملك الكون، الّذي به تُختتم السّنة اللّيتورجيّة، والمثل العظيم الّذي ينكشف فيه سرّ المسيح خلال السّنة اللّيتورجيّة بأسرها. هو الألف والياء، بداية التّاريخ وتمامه؛ وليتورجيا اليوم تركّز على "الياء" أيّ على الهدف النّهائيّ. يمكننا أن نفهم معنى التّاريخ من خلال إبقاء ذروته أمام عينينا: النّهاية هي الهدف أيضًا. وهذا ما يفعله القدّيس متّى، في إنجيل هذا الأحد، إذ يضع خطاب يسوع حول الدّينونة العامّة في نهاية حياة المسيح على الأرض: الّذي سيدينه النّاس، هو في الواقع الدّيّان الأسمى. في موته وقيامته، سيظهر يسوع نفسه ربّ التّاريخ، وملك الكون، ديّان الجميع. لكن المفارقة المسيحيّة هي أنّ القاضي ليس لديه ملوكيّة مخيفة، ولكنّه راع مليء بالوداعة والرّحمة.

في الواقع، في المثل العظيم للدّينونة الأخيرة، يستخدم يسوع صورة الرّاعي، الّتي يأخذها من النّبيّ حزقيال، الّذي تحدّث عن تدخّل الله لصالح الشّعب، ضدّ رعاة إسرائيل الأشرار. لقد كانوا قساة ومستغلّين، وفضّلوا رعاية أنفسهم على رعاية القطيع؛ لذلك يعد الله بأن يعتني بقطيعه بنفسه، ويدافع عنه ضدَّ الظّلم والانتهاكات. وقد تحقّق وعد الله هذا لشعبه بالكامل في يسوع المسيح الرّاعي الصّالح والّذي يقول عن نفسه: "أنا الرّاعي الصّالح".

في إنجيل اليوم، يشبّه يسوع نفسه ليس فقط بالملك الرّاعي، وإنّما أيضًا بالخراف الضّالّة، أيّ بالإخوة الأصغر والأشدَّ عوزًا. ويشير هكذا إلى معيار الحكم: الّذي سيتمُّ على أساس الحبّ الملموس الّذي نعطيه لهؤلاء الأشخاص أو نحبسه عنهم، لأنّه هو نفسه، القاضي، حاضر في كلِّ فرد منهم. يقول يسوع: "الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك (وأَيَّما مَرَّةٍ لم تَصنَعوا ذلك) لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه (ولي لم تَصنَعوه)" (الآيات 40. 45). سوف نُحاسب على الحبّ، وليس على المشاعر، لا: سوف نحاسب على الأعمال، وعلى الرّحمة الّتي تصبح قربًا وعناية.

لذلك، فإنّ الرّبّ، في نهاية العالم، سوف يتفقّد قطيعه، وسوف يقوم بذلك لا كراعي وحسب، وإنّما كجزء من الخراف الّتي تشبّه بها. وسيسألنا: "هل كنت ولو لقليل راعيًا على مثالي؟". "هل كنت راعيًا لي أنا الّذي كنت حاضرًا بين هؤلاء المحتاجين، أم أنّك كنت غير مبال؟" أيّها الإخوة والأخوات، لنحترس من منطق اللّامبالاة، وما يبادر إلى أذهاننا فورًا. أيّ أن ننظر في الاتّجاه الآخر عندما نرى مشكلة. لنتذكّر مثل السّامريّ الصّالح. ذلك الرّجل الفقير، الّذي جرحه قطّاع الطّرق، وطرحوه أرضًا، بين الحياة والموت، وكان هناك وحيدًا. فمرّ كاهن رآه ومضى. ونظر إلى الجهة الأخرى. مرّ لاوي ورأى ونظر في الاتّجاه الآخر، وبالتاّلي أمام إخوتي وأخواتي المحتاجين، هل أنا غير مبال على مثال هذا الكاهن، وهذا اللّاوي، وأنظر في الاتّجاه الآخر؟ سوف أُحاكم على هذا: كيف اقتربت من الآخر، وكيف نظرت إليه. إنَّ يسوع حاضر في المحتاجين. هذا هو المنطق، ولا أقوله أنا بل يسوع هو الّذي يقوله: " كُلَّما صَنعتُم شَيئًا لهذا أو لذاك فلي قد صَنَعتُموه؛ وأَيَّما مَرَّةٍ لم تَصنَعوا ذلك لهذا أو لذاك، فلي لم تَصنَعوه لأنّني كنت هناك". ليعلمنا يسوع هذا المنطق، منطق القرب هذا، فنقترب منه، بمحبّة، في الأشخاص الّذين يعانون.

لنطلب من مريم العذراء أن تعلّمنا أن نملك في الخدمة. إنّ العذراء، الّتي انتقلت إلى السّماء، نالت التّاج الملكيّ من ابنها، لأنّها تبعته بأمانة في درب الحبّ. لنتعلّم منها أن ندخل ملكوت الله منذ الآن من باب الخدمة المتواضعة."