الفاتيكان
08 أيلول 2019, 14:00

البابا فرنسيس: حلم الله ليس النّجاح الشّخصيّ فقط بل في المقام الأوّل الجماعيّ

في إطار جولته إلى مدغشقر، زار البابا فرنسيس "مدينة الصّداقة"، وهو مشروع أسّسه الإرساليّ الأرجنتينيّ الأب بيدرو أوبيكا سنة 1989، حيث يتلقّى من خلاله حوالى 25 ألف شخص يعيشون في القرى المحيطة بالعاصمة و30 ألفًا من الفقراء الّذين يتوجّهون إليه سنويًّا، مساعدات وخدمات عديدة. كان في استقبال البابا مؤسّس المشروع الأب أوبيكا، ومن ثمّ توجّه معه إلى القاعة حيث ينتظره حوالي 800 شابّ.

وبحسب "الفاتيكان نيوز"، ألقى البابا كلمة حيّا فيها الحضور واصفًا هذا المكان "بتعبير عن حضور الله وسط شعبه الفقير". وأضاف: "إنّ هذا ليس حضورًا استثنائيًّا بل حضور إله قرّر العيش والبقاء دائمًا وسط شعبه". ونوّه إلى "الوجوه الباسمة للأعداد الكبيرة من المشاركين في هذا اللّقاء والّذين شيّدوا هذا المشروع وسيواصلون ذلك كي تعيش عائلات كثيرة بكرامة"، وشكر "الرّبّ الّذي أصغى إلى صرخة الفقراء وأبرز محبّته عبر علامات ملموسة مثل هذا المشروع". وتكلّم البابا فرنسيس إلى الحضور عن "صرخاتهم النّاتجة عن عدم التّمكّن من العيش بلا سكن ومن رؤية أبنائهم يعانون من سوء التّغذية، من عدم توفّر العمل ومن النّظّرة غير المبالية وربّما المزدرية، صرخات قد تحوّلت إلى أناشيد رجاء. إنّ كلّ زاوية وكلّ مدرسة أو مخزن في هذا المكان هو أنشودة رجاء تنفي الرّؤية القدريّة"، وركّز على أنّ "الفقر ليس قدرًا".
وبعدها بيّن فرنسيس أنّ مشروع "مدينة الصّداقة" في أكامازوا هو "تعبير عن تاريخ طويل من الشّجاعة والمساعدة المتبادلة وعمل شاقّ أساسه إيمان حيّ تُرجم إلى أعمال ملموسة قادرة على "تحريك الجبال"، إيمان سمح برؤية الرّجاء حيثما كانت تُرى القدريّة، وبرؤية الحياة حيثما كان يتحدّث كثيرون عن الموت والدّمار". وأشار البابا إلى حديث يعقوب الرّسول عن أنّ الإيمان "إِن لم يَقتَرِنْ بِالأَعمال كانَ مَيّتًا في حَدِّ ذاتِه" (راجع يع 2، 17)". كما أضاف أنّ "أسس العمل الّذي تمّ القيام به معًا قد جدّدت الثّقة بشكل حرفيّ وصبور لا فقط الثّقة في أنفسهم بل وأيضًا فيما بينهم، ثقة جعلتهم أيضًا أبطال وصنّاع هذا التّاريخ". ونوّه أيضًا إلى "التّربية الّتي نقلت من خلالها العائلات الأولى الّتي بدأت مشروع الأب بيدرو أوبيكا كنز الالتزام والنّظام والنّزاهة، احترام الذّات واحترام الآخرين، وهكذا كان ممكنًا إدراك أنّ حلم الله ليس النّجاح الشّخصيّ فقط بل في المقام الأوّل الجماعيّ، وإنّه ما من عبوديّة أسوأ من عيش كلّ شخص لذاته فقط".
وطلب البابا فرنسيس من شباب هذه الجماعة "ألّا يستسلموا أبدًا أمام تبعات الفقر وألّا يسقطوا أمام تجربة الحياة الّسهلة أو الإنغلاق على الذّات". وشجّعهم إلى "مواصلة العمل في هذا المشروع الّذي بدأه المسنّون"، وأكد أنّهم "سيجدون القوّة للقيام بذلك في إيمانهم والشّهادة الحيّة الّتي تشكّلت في حياتهم". كما دعاهم إلى "أن يطلبوا من الله أن يساعدهم كيّ يضعوا أنفسهم في خدمة أخوتهم وأخواتهم، وهكذا تصبح "مدينة الصّداقة" لا فقط مثالًا للأجيال القادمة، بل وفي المقام الأّول نقطة انطلاق عمل مستلهَم من الله سيجد تطوّره الكامل في مواصلة الشّهادة للمحبّة لأجيال اليوم والغد".
وتضرّع البابا فرنسيس كي "يشعّ هذا النّور في مدغشقر بكاملها وفي مناطق أخرى من العالم، وأن نتمكّن من بلوغ نماذج تنمية تفضِّل محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعيّ، وذلك انطلاقًا من الثّقة والتّربية، العمل والالتزام، والّتي لا غنى عنها لكرامة الشّخص البشريّ". وشكر الأب الأقدس الأب بيدرو أوبيكا ومعاونيه، وأيضًا المشاركين على شهادتهم النّبويّة والمانحة للرّجاء طالبًا بركة الله لهم.
والجدير ذكره أنّ البابا فرنسيس قد زار، قبل هذا اللّقاء، ورشة عمل ماهاتازانا، وهي مكان أحد النّشاطات المختلفة في هذا المشروع، حيث رفع البابا فرنسيس صلاة من أجل العمّال جميعًا.