الفاتيكان
28 نيسان 2022, 13:50

البابا فرنسيس: تتطلّب الرّحمة اليوم "مخيّلة" عظيمة

تيلي لوميار/ نورسات
بروح سينودسيّة ومسكونيّة حجّوا إلى قبر الرّسول بطرس، وعلى عزمهم المسكونيّ هذا حيّاهم البابا فرنسيس داعيًا إيّاهم إلى التّذكّر دائمًا أنّ "الحركة المسكونيّة في الكنيسة ليست أمرًا اختياريًّا أو زخرفيًّا، بل هي موقف أساسيّ"، متطرّقًا خلالها إلى الرّحمة الّتي تتطلّب اليوم "مخيّلة عظيمة".

إنّهم مجموعة من الحجّاج القادمين من أبرشيّة لودز في بولندا الّذين استقبلهم البابا ظهرًا في قاعة بولس السّادس، متوجّهًا إليهم بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أرحّب بكم في قبر الرّسول بطرس على بعد أمتار قليلة من مكان استشهاده. هنا نسمع صدى كلماته بوضوح وبلا هوّادة: "يا ربّ، أنت تعلم أنّي أحبّك". ونحن هنا نقارن أنفسنا بشهادته القويّة والجذريّة. هنا يشكّل حضوركم أيضًا شهادة. شهادة لإيمانكم وحبّكم للكنيسة. إنّه تعبير جميل عن مكانتكم الرّوحيّة ومحبّتكم للبابا، الّذي أوكل إليه الرّبّ اليوم، برحمته اللّامتناهيّة، خدمة القدّيس بطرس.

أشكركم على رغبتكم في لقاء البابا، وعلى رفقتكم العديدة والمتنوّعة والاحتفاليّة؛ على انفتاحكم على السّلطة التّعليميّة للبابا: أعلم أنّكم خلال سنوات السّينودس الرّعويّ لأبرشيّتكم، قد قرأتم بعناية وثائق تعليم البابا. أشكركم أيضًا بشكل خاصّ على صلواتكم بحسب نوايا البابا، وأنا أيضًا أُصلّي من أجلكم، وأنا مستعدّ للإصغاء إليكم بانتباه. هذا هو هدف المسيرة الحاليّة لسينودس الأساقفة حول موضوع "من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة"، الّتي تشارف مرحلتها الأولى، الأبرشيّة، على الانتهاء أيضًا في أبرشيّتكم. آمل ألّا تكونوا قد التزمتم بهذا السّينودس فحسب، وإنّما أن تكونوا قد تذوّقتم الخبرة، واكتشفتم جمال الشّركة الكنسيّة، وعيش الإيمان معًا، وتحمّل المسؤوليّة المتبادلة تجاه بعضكم البعض، ومشاركة خبرة الله مع الآخرين، حتّى الّذين يبدون بعيدين في الظّاهر أو يفكّرون بشكل مختلف. إنَّ الحجّ هو أيضًا صورة جميلة للكنيسة السّينودسيّة، الّتي تسير في الواقع على دروب الرّسل معًا، كعائلة من الأخوات والإخوة، قادمون من رعايا مختلفة وجماعات ومجموعات كنسيّة مختلفة: كهنة ومؤمنون علمانيّون، متزوّجون ومكرّسون. جميعهم موجودون ومفعمون بالقوّة والحماس، بما فيهم العديد من الشّباب، ومعظمهم من طلّاب الجامعات؛ هناك أيضًا الكشّافة، وأشخاص بلا مأوى وأشخاص ذوي احتياجات خاصّة.

يسعدني أيضًا أنّ السّلطات المدنيّة حاضرة معكم: رئيس المجلس الإقليميّ، وعمدة مدينة لودز. أشعر بفرح كبير لرؤية مثل هذا التّمثيل الكبير للإخوة والأخوات المنتمين إلى كنائس مسيحيّة أخرى. أحيّي بحرارة الأسقف الأرثوذكسيّ والأسقف الكالفينيّ. أحيّي أعضاء قسم لودز في المجلس المسكونيّ البولنديّ، الحاضرين هنا مع رئيسهم. أعلم أنّ حضوركم هنا وصلاتكم المشتركة في روما هما جزء من العلاقات والنّشاطات المسكونيّة المستمرّة واليوميّة. إنّ شراكتكم في التّنوّع هي علامة على السّينودسيّة، إنّها السّينودسيّة في الأعمال. أيّها الأعزّاء، لقد جئتم في رحلة حجّ إلى روما لتختتموا اليوبيل المئويّ لأبرشيّتكم. وخلال هذه السّنة اليوبيليّة، تذكّرتم بدايات كنيستكم، ولاسيّما أسقفكم الأوّل، المطران فينسينتي تيمينيكي. لقد كان رجلاً ذات رحمة واسعة وحساسيّة مسكونيّة كبيرة. من خلال خدمته الأسقفيّة، طبع الرّوح القدس هذين الجانبين الأساسيّين للمسيحيّة- الرّحمة والمسكونيّة- في "الحمض النّوويّ" لكنيستكم في لودز، كإرث ومهمّة للأجيال القادمة.

تتطلّب الرّحمة اليوم "مخيِّلة" عظيمة. وتأخذ وجوهًا كثيرة، مثل عدد الجرحى والّذين سقطوا على الأرض. كلٌّ منهم يحمل في داخله بعض الجراح، على الرّغم من أنّها ليست كلّها مرئيّة. أبارك من كلِّ قلبي أعمال المحبّة الّتي تقومون بها، حتّى تلك الّتي تتمّ بطريقة شخصيّة وعفويّة. أبارك الّذين يفتحون عقولهم وقلوبهم ومنازلهم ومواردهم للمرضى والمسنّين والعاطلين عن العمل والمشرّدين والمهاجرين وجميع الفقراء والمُتألِّمين والمهمّشين والأطفال الّذين يحتاجون إلى بيت وعائلة. بهذه الطّريقة تتّخذ الكنيسة وجهًا إنجيليًّا، وهو وجه السّامريّ الصّالح، الّذي لا يريد ولا يعرف كيف يكون غير مبالٍ. لقد عرف الأسقف تيمينيكي كيف يجمع في ذاته شجاعة الرّحمة وشجاعة العمل المسكونيّ. وإختار درب المسكونيّة قبل أن تنطلق فيها الكنيسة الكاثوليكيّة رسميًّا. وبالتّالي أحثّكم على أن تحافظوا على شجاعة راعيكم الأوّل حيّة فيكم، وأن تحافظوا على العزم المسكونيّ، مُتذكّرين على الدّوام بأنّ الحركة المسكونيّة في الكنيسة ليست أمرًا اختياريًّا أو زخرفيًّا، بل هي موقف أساسيّ. أشجّعكم على السّير معًا، في التّأمُّل اللّاهوتيّ وفي البشارة، في الصّلاة المشتركة، وفي الإصغاء إلى كلمة الله، وفي شهادة الأخوَّة. على هذا الدّرب أنتم تبنون المجتمع المحلّيّ الّذي تسمّونه بفخر "جماعة الثّقافات الأربع".

اليوبيل هو أيضًا فرصة لتبادل التّهاني. لذلك أودّ أن أتمنّى لكم جميعًا أن تخرجوا من خبرة اليوبيل متجدّدين ككنيسة. تجدّدكم وتعزّزكم البشارة. ليساعدكم الرّوح القدس في تفسير التّحدّيات الجديدة الّتي يضعها الزّمن أمامنا؛ وفي تمييز الأدوات المناسبة لمواجهتها. أتمنّى لكم المصداقيّة والتّماسك والقوّة الجذّابة للشّهادة؛ وأن تختبروا وتعزّزوا المزيد من العلاقات الأخويّة في كنيستكم؛ أن تكونوا كنيسة جميلة تعيش "في انطلاق" ويكون لديها، مثلما تجعل الخميرة العجين كلّه يتخمّر، قوّة حبّة الخردل الّتي هي أصغر الحبوب ولكنّها تصبح شجرة يمكن فيها للطيور أن تبني أعشاشها. ليبارككم الرّبّ، ولترافقكم صلاة وشفاعة والدة الإله مريم، والقدّيس يوسف- شفيع الأبرشيّة- والقدّيسة فوستينا، شفيعة لودز. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."