الفاتيكان
07 أيار 2020, 10:20

البابا فرنسيس: بدون الجمال لا يمكننا أن نفهم الإنجيل

تيلي لوميار/ نورسات
"أريد أن أطلب من الرّبّ أن يبارك الفنّانين لأنّهم يساعدوننا لكي نفهم الجمال لأنّه بدون الجمال لا يمكننا أن نفهم الإنجيل"، هذا الدّعوة وجّهها البابا فرنسيس إلى المؤمنين خلال القدّاس الإلهيّ صباحًا الّذي ترأّسه في كابيلا القدّيسة مرتا، بعد أن تسلّم أمس رسالة من مجموعة من الفنّانين يشكرونه فيها على الصّلاة الّتي رفعها سابقًا من أجلهم.

وتأمّل البابا في نصّ أعمال الرّسل الّذي "يخبرنا عن بولس الّذي وإذ وصل إِلى أَنطاكِيَةِ بِسيدِية ذهب إلى المجمع وشرع يشرح تاريخ شعب إسرائيل معلنًا أنّ يسوع هو المخلّص المُنتَظَر"، وقال: "عندما يشرح بولس العقيدة الجديدة لكي يعلن يسوع هو يتحدّث عن تاريخ الخلاص: "ماذا هناك خلف يسوع؟" هناك تاريخ. تاريخ نعمة، تاريخ اختيار وتاريخ وعد. إنّ الرّبّ قد اختار إبراهيم وسار مع شعبه: لذلك عندما طُلب من بولس أن يشرح سبب الإيمان بيسوع المسيح، هو لا يبدأ بيسوع المسيح وإنّما بالتّاريخ. المسيحيّة هي عقيدة نعم ولكن ليس فقط. أيّ أنّها ليست مجرّد الأمور الّتي نؤمّن بها بل هي تاريخ يحمل هذه العقيدة الّتي هي وعد الله وعهده وبأنّ الله قد اختارنا. المسيحيّة ليست مجرّد أخلاقيّات، لديها مبادئ أخلاقيّة ولكنّنا لا نكون مسيحيّين فقط بنظرة أخلاقيّة. المسيحيّة هي أكثر. المسيحيّة ليست نخبة من الأشخاص تمَّ اختيارهم من أجل الحقيقة، أيّ ذلك الحسّ النّخبويّ الّذي يسير قدمًا في الكنيسة، عندما نقول: "أنا أنتمي لتلك المؤسّسة، أو أنا أنتمي لتلك الحركة الّتي هي أفضل من الحركة الّتي أنت تنتمي إليها..."؛ لا المسيحيّة ليست هكذا. المسيحيّة هي انتماء لشعب اختاره الله مجّانًا، وإن لم يكن لدينا هذا الوعي بالانتماء إلى شعب سنكون فقط مسيحيّين إيديولوجيّين مع عقيدة صغيرة للتّأكيد على الحقيقة ومع بعض الأخلاقيّات، أو إن كنّا نعتبر أنفسنا من النّخبة فسنشعر بأنّنا مجموعة اختارها الله فيما سيذهب الآخرون إلى الجحيم أو أنّهم سيُخلّصون فقط لأنّ الله قد خلّصهم برحمته ولم يقصيهم. وبالتّالي إن لم يكن لدينا هذا الوعي بالانتماء إلى شعب فنحن لسنا مسيحيّين حقيقيّين.

لذلك يشرح بولس يسوع انطلاقًا من الانتماء إلى شعب، غالبًا ما نقع في هذه التّجزئة أكانت عقائديّة أو خلقيّة أو نخبويّة. لكن الحسّ بالنّخبويّة هو الّذي يسبّب الأذى الأكبر فنفقد حسّ الانتماء إلى شعب الله المقدّس والأمين والّذي اختاره الله بإبراهيم ووعده بيسوع وجعله يسير برجاء ويتحلّى بحسّ ووعي كونه شعب؛ ولذلك علينا أن ننقل تاريخ الخلاص هذا وذكرى كوننا شعب، وفي تاريخ شعب الله هذا وصولاً إلى يسوع المسيح نجد العديد من القدّيسين والخطأة والأشخاص العاديّين والصّالحين بفضائلهم وخطاياهم، بمعنى آخر الجمع الّذي كان يتبع يسوع والّذي كان يتمتّع بحسّ الانتماء لشعب. والمسيحيّ الّذي لا يتحلّى بهذا الحسّ ليس مسيحيًّا حقيقيًّا لأنّه يشعر بأّنّه مبرّر بدون الشّعب. إنّ الانحراف الأخطر الّذي قد يتعرّض له المسيحيّون اليوم وأبدًا هو بدون شكّ غياب ذكرى الانتماء لشعب الله، وعندما يغيب هذا الأمر تبدأ بالظّهور العقائديّة والأخلاقيّة والحركات النّخبويّة وينقص شعب الله، شعب خاطئ على الدّوام، وجميعنا خطأة، ولكنّه يملك حسًّا بأنّه شعب مختار يسير خلف وعد وقطع وعدًا. لنطلب من الرّبّ هذا الإدراك الّذي تغنّت به العذراء مريم في نشيدها وكذلك زكريّا أيضًا: إدراك أنّنا شعب الله الأمين والمقدّس الّذي يملك الإيمان".