البابا فرنسيس: بتحويله الماء إلى خمر حوّل يسوع شريعة موسى إلى إنجيل
"يوم الأحد الماضي، مع عيد عماد الرّبّ بدأنا مسيرة زمن السّنة اللّيتورجيّ: الزّمن الذي نتبع خلاله يسوع في حياته العلنيّة، وفي الرّسالة التي أرسلها الآب من أجلها إلى العالم. نجد في إنجيل اليوم رواية أولى عجائب يسوع. تتمُّ أولى هذه الآيات في قرية قانا، في الجليل، خلال حفلة عرس. وبالتّالي، ليس من باب الصّدفة أنَّ تبدأ حياة يسوع العلنيّة في حفلة زفاف، لأنَّ اللّه به قد اقترن بالبشريّة: وهذه هي البشرى السّارة، حتّى وإن كان الذين دعوه لا يعرفون بعد أنّ ابن اللّه يجلس إلى مائدتهم، وأنّه هو العريس الحقيقيّ.
إنّ آية قانا كلّها في الواقع تقوم على حضور هذا العريس الإلهيّ الذي بدأ يظهر. يسوع يظهر كعريس شعب اللّه، الذي أعلنه الأنبياء ويظهر لنا عمق العلاقة التي تجمعنا به: إنّها عهد محبّة جديد.
وفي إطار العهد يمكننا أن نفهم بالكامل معنى رمز الخمر، محور هذه الآية. عندما بلغت هذه الحفلة ذروتها، فرغت الخمر، تنبّهت العذراء، وقالت ليسوع: "لَيسَ عِندَهم خَمْر". يشير الكتاب المقدّس، ولاسيّما الأنبياء إلى الخمر كعنصر نموذجيّ للوليمة المسيحانيّة. الماء ضروريّ لكي نحيا، ولكنَّ الخمر تعبّر عن وفرة الوليمة وفرح العيد. بتحويله إلى خمر ماء أَجْران الحَجَر التي تُستعمل "لِما تَقْتَضيه الطَّهارةُ عِندَ اليَهود" يقوم يسوع بآية بليغة: يحوّل شريعة موسى إلى إنجيل، حامل فرح.
وتأتي الكلمات التي وجّهتها مريم للخدم لكي تكلّل إطار عرس قانا: "مَهما قالَ لَكم فافعَلوه". هذه الكلمات هي إرث ثمين تركته لنا أمنا. في الواقع يطيع الخدم في قانا: "قالَ يسوعُ لِلخَدَم: «اِمْلأُوا الأَجرانَ ماءً». فمَلأُوها إِلى أَعْلاها. فقالَ لَهم: «اِغرِفوا الآنَ وناوِلوا وَكيلَ المائِدَة». فناوَلوه". في هذا العرس يعقد عهد جديد ولخدّام الرّبّ، أيّ إلى الكنيسة بأسرها توكَل رسالةً جديدةً: "مَهما قالَ لَكم فافعَلوه".
إنَّ خدمة الرّبّ تعني أن نصغي ونضع كلمته قيد التّطبيق. إنّها الوصيّة البسيطة والجوهريّة لأمِّ يسوع، إنّها برنامج حياة المسيحيّ. إنَّ الاستقاء من الأجران يعني، لكلِّ فرد منا، الاتّكال على الكلمة والأسرار لكي نختبر نعمة اللّه في حياتنا. عندها يمكننا أن نقول نحن أيضًا على مثال وكيل المائدة الذي ذاقَ الماءَ الَّذي صارَ خَمْرًا: "أَنتَ، حَفِظتَ الخَمرَةَ الجَيِّدَةَ إِلى الآن."