البابا فرنسيس: المسيح يحيا ويريدك حيًّا!
"أيُّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، المسيح قام!؛ حقًّا قام! بهذه الكلمات ومنذ زمن بعيد يتبادل المسيحيّون في بلغاريا، أرثوذكس وكاثوليك، التّهاني في زمن الفصح. هي تُعبّر عن الفرح الكبير لانتصار يسوع المسيح على الشّرّ والموت. إنّها تأكيد وشهادة من القلب لإيماننا: المسيح حيّ، هو رجاؤنا والنّضارة الأجمل في هذا العالم. كلّ ما يلمسه يصبح جديدًا ويمتلأ بالحياة. بالتّالي، فإنّ أوّل كلمات أودّ أن أوجّهها لكلّ فرد منك هي: المسيح يحيا ويريدك حيًّا! إنّه فيك ومعك ولن يتركك أبدًا. ومهما ابتعدت عنه، يبقى القائم من الموت بجانبك، يدعوك وينتظرك كي تبدأ من جديد. وعندما تشعر بأنّك تشيخ من الحزن والضّغينة والمخاوف والشّكوك أو الفشل، سيكون معك كي يمنحك مجدّدًا القوّة والرّجاء.
هذا الإيمان بالمسيح القائم من الموت يُعلن منذ ألفي سنة في جميع زوايا الأرض من خلال الرّسالة السخيّة للعديد من المؤمنين الذين دعوا ليبذلوا كلَّ شيء في سبيل إعلان الإنجيل بدون الاحتفاظ بشيء لأنفسهم. نجد في تاريخ الكنيسة، وهنا في بلغاريا أيضًا، رعاة تميّزوا بقداسة الحياة؛ يطيب لي أن أذكر من بينهم سلفي الذي تدعونه "القدّيس البلغاريّ"، القدّيس يوحنّا الثّالث والعشرين، راع قدّيس، ذكراه حيّة بشكل خاصّ في هذه الأرض حيث عاش منذ عام ١۹٢٥ حتّى عام ١۹٣٤. هنا تعلّم أن يقدّر تقليد الكنيسة الشّرقيّة وبنى علاقات صداقة مع الطّوائف الدّينيّة الأخرى. لقد تركت خبرته الدّبلوماسيّة والرّاعويّة في بلغاريا بصمة قويّة في قلبه، قلب الرّاعي؛ لدرجة حملته على أن يفضّل في الكنيسة منظار الحوار المسكونيّ الذي أخذ دفعًا مهمًّا في المجمع الفاتيكانيّ الثّاني الذي أراده البابا رونكالي. بمعنى آخر علينا أن نشكر هذه الأرض على الإلهام الحكيم "للبابا الطّيّب".
في خطّ هذه المسيرة المسكونيّة سأفرح بعد قليل بإلقاء التّحيّة على ممثّلي مختلف الطّوائف الدّينيّة في بلغاريا الذي، وبالرّغم من أنّه بلد أرثوذكسيّ، هو تقاطع طرق تلتقي فيه وتتحاور ديانات متعددة. إنَّ حضوركم في هذا اللّقاء لممثّلي هذه الجماعات المختلفة يشير إلى رغبة الجميع في القيام يومًا بعد يوم بمسيرة تتبنّى ثقافة الحوار كدرب، والتّعاون المشترك كسلوك والمعرفة المتبادلة كأسلوب ومعيار.
نقف الآن بالقرب من الكنيسة القديمة للقدّيسة صوفيا، وبالقرب من الكاتدرائيّة البطريركيّة للقدّيس ألكسندر نيفسكي، حيث صليّت في ذكرى القدّيسَين كيرلُّس وميتوديوس، مُبشِّرَي الشّعوب السّلافية. وفي رغبتي في إظهار التّقدير والمودّة لهذه الكنيسة الأرثوذكسيّة المُكرّمة في بلغاريا، فرحتُ بإلقاء التحيّة ومعانقة أخي صاحب القداسة البطريرك نيوفيت وكذلك أعضاء السّينودس المقدّس.
نتوجّه في الختام إلى الطّوباويّة العذراء مريم، ملكة السّماء والأرض لكي تشفع لنا لدى الرّبّ القائم من الموت لكي يعطي هذه الأرض الحبيبة الدّفع الضّروري لتكون أرض لقاء تستمرّون فيها، بالرّغم من الاختلافات الثّقافيّة والدّينيّة أو الإثنيّة، بالاعتراف ببعضكم البعض وتقدير بعضكم البعض كأبناء للأب عينه. نعبّر عن صلاتنا بواسطة الصّلاة القديمة إفرحي يا ملكة السّماء، ونقوم بذلك هنا في صوفيا أمام أيقونة العذراء سيّدة نيسيبار التي يعني إسمها "باب السّماء" والعزيزة على قلب سلفي القدّيس يوحنا الثّالث والعشرين الذي بدأ بإكرامها هنا في بلغاريا وحملها معه حتّى الموت."