البابا فرنسيس: الله ينتظرنا دائمًا، لا يتعب
"إنّ إنجيل اليوم يبدأ بانتقادات وجهّها البعض إلى يسوع، إذ رأوه برفقة العشّارين والخطأة، وقد قالوا بتذمّر "هذا الرجل يستقبلُ الخاطئينَ ويأكلُ معهم"(لوقا 15، 2). وأضاف أنّ الرّبّ ردّ على الّذين انتقدوه راويًا ثلاثة أمثال رائعة، وقال في المَثَل الأوّل "أيّ امرئ منكم إذا كان له مائةُ خروفٍ فأضاعَ واحدًا منها، لا يتركُ التّسعةَ والتّسعينَ في البرّيّة، ويسعى إلى الضّال حتّى يجدَه؟" إنّ الله لا يستسلم، تهمّه أنتَ تحديدًا، أنتَ الّذي لا تعرف بعد جمالَ محبّته، ولم تقبل بعد يسوع في محور حياتك، ولا تتمكّن من تخطّي خطيئتك. وفي المثل الثّاني، أنتَ ذاك الدّرهم الصّغير الّذي يبحث عنه الرّبّ بدون توقّف: يريد أن يقول لك إنّك ثمين في عينيه. لا أحد يستطيع أن يحلّ محلّك في قلب الله. وفي المثل الثّالث الله هو أب ينتظر عودة الابن الضّال: الله ينتظرنا دائمًا، لا يتعب. لأنّ كلّ واحد منّا هو ذاك الابن المُعانَق مجدّدًا، وذاك الدّرهم الّذي عُثر عليه مجدّدًا، وذاك الخروف الّذي حُمل مجدّدًا على الكتف. إنّه ينتظر كلّ يوم أن ننتبه إلى محبّته. لا تخف، الله يحبّك ويعرف أن محبّته وحدها قادرة على أن تبدّل حياتك.
إنّ محبة الله اللّامتناهية لنا نحن الخطأة، والّتي هي جوهر الإنجيل، قد يتمّ رفضها. وهذا ما فعله الابن الأكبر في المَثَل. لم يفهم المحبّة في تلك اللّحظة. إنّ الله يخلّص بالمحبّة، يقترح نفسه، لا يفرض نفسه.
إنّ الابن الأكبر الّذي لم يقبل رحمة الأب، ارتكب خطأ أسوأ: اعتبر نفسه عادلاً وحكم على كلّ شيء على أساس نظرته للعدل. وهكذا غضب من أخيه ووبَّخ أباه قائلاً "لمَّا رجَع ابنُكَ هذا ذبحت له العِجلَ المُسمَّن" (راجع لوقا 15، 30). ابنُكَ هذا: لا يدعوه أخي، بل ابنُك. نحن أيضًا نخطئ عندما نعتبر أنفسنا محقّين، وعندما نفكّر أنّ الآخَرين هم السّيّئون. لا ينبغي أن نعتبر أنفسنا صالحين، لأنّه لوحدنا، وبدون معونة الله الّذي هو صالح، لا نتمكّن من التّغلّب على الشّرّ. أدعوكم إلى قراءة هذه الأمثال الثّلاثة في إنجيل لوقا، الفصل الخامس عشر، وقال: ستكون مفيدة لكم.
كيف يمكن التّغلّب على الشّرّ؟ من خلال تلقّي مغفرة الله. ويحصل ذلك كلّ مرة نذهب فيها لنعترف: هناك ننال محبّة الآب الّتي تتغلّب على خطيئتنا: الله ينساها. فالله عندما يغفر ينسى خطايانا، لا مثلنا نحن الّذين وبعد أن نقول "لا يهمّ" نتذكّر في أوّل فرصة الإساءات الّتي أُلحقت بنا. إنّ الله يمحو الشّرّ، ويجدّدنا من الدّاخل وهكذا يجعل الفرح يولد فينا مجدّدًا. لتجعلنا مريم العذراء نشعر بحاجة الذّهاب إلى الرّبّ الّذي ينتظرنا دائمًا ليعانقنا ويغفر لنا."
بعد الصّلاة، توقّف البابا فرنسيس عند تطويب بينيدتّا بيانكي بورّو، في فورلي- إيطاليا يوم السّبت، والّتي توفّيت عام 1964 وهي في سنّ الثّامنة والعشرين بعد أن قاست المرض محوّلة إيّاه إلى شهادة ساطعة للإيمان والمحبّة. وعند احتفال ألمانيا الأحد، بتطويب الكاهن ريكاردو هينكس الذي قُتل في داخاو في العام 1945. وسأل البابا فرنسيس "أن يعضد مثَل تلميذي المسيح الشّجاعين هذين أيضًا مسيرتنا في القداسة".