الفاتيكان
02 شباط 2022, 13:30

البابا فرنسيس: القدّيسون ليسوا من يصنعون المعجزات بل نعمة الله الّتي تعمل من خلالهم

تيلي لوميار/ نورسات
أضاء البابا فرنسيس، خلال المقابلة العامّة اليوم في قاعة بولس السّادس، على شركة القدّيسين.

وذكّر البابا أنّه قد تعمّق "خلال الأسابيع الأخيرة في شخصيّة القدّيس يوسف لتقودنا الأخبار القليلة، ولكن الهامّة، حول هذا القدّيس الّتي يقدّمها الإنجيل، وتقودنا أيضًا شخصيّته الّتي تمكّنت الكنيسة عبر القرون من تسليط الضّوء عليها عبر الصّلاة والإكرام. أريد اليوم التّوقّف عند عنصر هامّ في الإيمان يمكنه أن يغني حياتنا المسيحيّة وأن ينظّم بشكل أفضل علاقتنا مع القدّيسين ومع مَن فقدنا من أشخاص أعزّاء، أيّ شركة القدّيسين.

إنّ المسيحيّة يمكن أن تسقط في بعض الأحيان في أشكال تعبّد يبدو أنّها تعكس عقليّة وثنيّة أكثر منها مسيحيّة. ويكمن الفرق الأساسيّ في أنّ صلاة وتعبّد الشّعب المؤمن لا يقومان على الثّقة في شخص بشريّ أو في صورة أو شيء حتّى وإن كانت مقدّسة."  

وذكَّر الأب الأقدس هنا بكلمات النّبيّ إرميا: "ملعون الرّجل الّذي يتّكل على البشر... مبارك الرّجل الّذي يتّكل على الرّبّ" (إرميا 17، 5-7). وأضاف بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّنا حتّى حين نوكل أنفسنا إلى شفاعة أحد القدّيسين، أو حتّى مريم العذراء، فإنّ اتّكالنا له قيمة فقط في العلاقة مع المسيح، والعلاقة الّتي توحّدنا به وتوحّدنا فيما بيننا لها اسم محدّد: "شركة القدّيسين". إنّ القدّيسين ليسوا مَن يصنعون المعجزات، بل تصنعها فقط نعمة الله الّتي تعمل من خلالهم.

شركة القدّيسين، وحسب ما يؤكّد تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، هي الكنيسة. هل يعني هذا أنّ الكنيسة هي للكاملين فقط؟ لا، يعني أنّها جماعة خطأة خُلِّصوا، فقداستنا هي ثمرة محبّة الله الّتي ظهرت في المسيح الّذي يقدّسنا بمحبّته لنا في بؤسنا، ومخلّصًا إيّانا من هذا البؤس. وبفضله نحن نكوِّن جسدًا يسوع هو رأسه ونحن الأعضاء، حسب ما ذكر القدّيس بولس. إنّ صورة الجسد هذه توضح لنا على الفور معنى ارتباطنا أحدنا بالآخر في شركة: "فإِذا تَأَلَّمَ عُضوٌ تَأَلَّمَت مَعَه سائِرُ الأَعضاء، وإِذا أُكرِمَ عُضوٌ سُرَّت معَه سائِرُ الأَعضاء. فأَنتُم جَسَدُ المَسيح وكُلُّ واحِدٍ مِنكُم عُضوٌ مِنه" (1 قور 12، 26-27).

إنّ ما تشهد حياتي من أفراح وآلام أمر يهمّ الجميع، وعلى العكس، أيّ أنّ فرح وآلام حياة أخي وأختي القريبَين تهمّني أنا أيضًا. ويعني هذا أنّ خطيئة شخص واحد أمر يعني الجميع، وأيضًا محبّة شخص واحد. وبفضل شركة القدّيسين فإنّ كلّ عضو في الكنيسة يرتبط بي بشكل عميق، وهذا رباط قويّ جدًّا لا يمكن أن يُكسر حتّى بالموت. إنّ شركة القدّيسين لا تشمل فقط الأخوة والأخوات القريبين منّي في هذه اللّحظة، بل أيضًا مَن أنهوا الحجّ الأرضيّ وعبروا عتبة الموت. وفي المسيح، لا يمكن لأحد أن يفرّقنا عمّن نحبّ، بل يختلف فقط شكل كوننا معهم، لا يمكن لأيّ شيء أو لأيّ شخص أن يكسر هذا الرّباط. فشركة القدّيسين توحّد جماعة المؤمنين في الأرض وفي السّماء.

ومن هذا المنطلق فإنّ علاقات الصّداقة الّتي يمكننا إقامتها مع أخ أو أخت بالقرب منّي يمكنني أن أقيمها أيضًا مع أخ أو أخت في السّماء. القدّيسون هم أصدقاء غالبًا ما ننسج معهم علاقات صداقة، وما نسمّيه إكرامًا هو في الواقع أسلوب للتّعبير عن المحبّة بدءًا من هذا الرّباط الّذي يوحّد بيننا. إنّنا جميعًا نعلم أنّ بإمكاننا اللّجوء إلى الصّديق دائمًا، وخاصّة عند مواجهة مصاعب أو عند الحاجة إلى مساعدة، فجميعنا في حاجة إلى أصدقاء وإلى علاقات هامّة تساعدنا على مواجهة الحياة. إنّ يسوع أيضًا كان لديه أصدقاؤه وقد لجأ إليهم في أهمّ لحظات خبرته الإنسانيّة."

ثمّ تحدث الأب الأقدس عن ثوابت ترافق جماعة المؤمنين في تاريخ الكنيسة، "وفي المقام الأوّل المحبّة الكبيرة والرّباط القويّ اللّذان تشعر بهما الكنيسة دائمًا تجاء مريم أمّ الله وأمّنا. هناك أيضًا التّكريم والمحبّة الخاصّان للقدّيس يوسف، فإليه قد أوكل الله أثمن ما لديه، ابنه يسوع ومريم العذراء. إنّنا وبفضل شركة القدّيسين نشعر بالقدّيسين والقدّيسات شفعائنا قريبين منّا، وهذه الثّقة هي ما يجب أن يحفّزنا دائمًا على التّوجّه إليهم في أهمّ لحظات حياتنا. إنّ هذا يعني التّحدّث إلى أخ أو أخت هو أو هي أمام الله، عاش حياة صالحة ومقدّسة، حياة نموذجيّة، وهو الآن أمام الله، أتحدّث إليه أو إليها طالبًا الشّفاعة."

وفي الختام، قرأ البابا فرنسيس صلاة إلى القدّيس يوسف يتلوها كلّ يوم إلى هذا القدّيس الّذي يرتبط به بشكل خاصّ حسب ما ذكر. ودعا الجميع إلى الصّلاة من أجل شخص أصدر صرخة، وقال: "لقد سمعنا قبل دقائق شخصًا يصرخ، كانت لديه مشكلة لا أدري إن كانت جسديّة أم نفسيّة أم روحيّة، ولكن هناك أخ لنا لديه مشكلة. أريد أن أختتم بالصّلاة من أجله"، وسأل الصّلاة إلى العذراء من أجل هذا الشّخص المتألّم.

وفي تحيّاته، حيّا البابا النّاطقين اللّغة العربيّة قائلًا: "أحيّي المؤمنين النّاطقين باللّغة العربيّة. في عيد تقدمة الرّبّ يسوع إلى الهيكل، لنَمْثُل أمام الله وَنفوسنا نقيّة، حتّى تستطيع أعيننا أن ترى نور الخلاص، فنستطيع حمله إلى العالم كلّه كما فعل القدّيسون. بارككم الرّبّ جمِيعًا وحماكم دائمًا من كلّ شرّ!".