الفاتيكان
16 آب 2018, 05:50

البابا فرنسيس: العذراء كانت تصلّي وتدير عائلتها وبيتها وتصعد إلى الهيكل

تلا البابا فرنسيس أمس صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس، في عيد انتقال العذراء مريم بالنّفس والجسد إلى السّماء، فقال نقلاً عن "فاتيكان نيوز".

 

"في عيد انتقال الطّوباويّة مريم العذراء يعبّر شعب الله المقدّس بفرح عن إكرامه للعذراء الأمّ، وذلك من خلال اللّيتورجيّة وآلاف أشكال التّقوى المختلفة وهكذا تتحقّق نبوءة مريم: "سَوفَ تُهَنِّئُني جَميعُ الأَجيال" لأنَّ الرّبّ قد رفع أمّته المتواضعة. إنّ الانتقال إلى السّماء بالنّفس والجسد هو امتياز إلهيٌّ مُنح لأمِّ الله القدّيسة من أجل اتّحادها المميّز بيسوع. إنّه اتّحاد جسديّ وروحيّ، بدأ في البشارة ونضج في حياة مريم من خلال مشاركتها الفريدة في سرِّ الابن.

إنَّ حياة العذراء قد تمّت كحياة امرأة عاديّة في زمنها: كانت تصلّي وتدير عائلتها وبيتها وتصعد إلى الهيكل... ولكنّ كلّ عمل كانت تقوم به كان في اتّحاد كامل مع يسوع. وعلى الجلجلة بلغ هذا الاتّحاد ذروته في المحبّة والرّأفة وفي ألم القلب. لذلك منحها الله مشاركة كاملة أيضًا في قيامة يسوع. لقد حُفظ جسد الأمِّ القدّيسة من الفساد، تمامًا كجسد الابن.

تدعونا الكنيسة اليوم للتّأمُّل في هذا السّرّ: هو يُظهر لنا أنَّ الله يريد أن يخلّص الإنسان بكامله، نفسًا وجسدًا. يسوع قد قام بالجسد الّذي ناله من مريم وصعد إلى الآب ببشريّته المتجلِّية. وانتقال مريم، الخليقة البشريّة، يؤكِّد لنا مصيرنا المجيد. لقد فهم الفلاسفة اليونانيّون أنّ نفس الإنسان موجّهة نحو السّعادة بعد الموت، ولذلك كانوا يحتقرون الجسد– معتبرينه سجنًا للّنفس– ولكنّهم لم يفهموا تدبير الله بأن يكون جسد الإنسان متّحدًا بالنّفس أيضًا في السّعادة السّماويّة. إنَّ "قيامة الجسد" هي عنصر خاصّ بالوحي المسيحيّ وأساس لإيماننا.

إنّ واقع انتقال العذراء الرّائع يُظهر ويؤكّد على وحدة الشّخص البشريّ ويذكِّرنا بأنّنا مدعوّون لنخدم الله ونمجّده بكلّ كياننا، نفسًا وجسدًا. إنّ خدمة الله بالجسد فقط هي مجرّد عمل عبيد، وخدمته بالنّفس فقط تتعارض مع طبيعتنا البشريّة. يؤكِّد أحد آباء الكنيسة الكبار القدّيس إيريناوس أنَّ: "مجد الله هو الإنسان الحيّ وحياة الإنسان تقوم على رؤية الله". فإن عشنا هكذا في خدمة الله الفرحة الّتي يُعبَّر عنها أيضًا في خدمة الإخوة السّخيّة سيكون مصيرنا في يوم القيامة شبيهًا بمصير أمّنا السّماويّة وسيُعطى لنا عندها أن نحقّق بشكل كامل دعوة بولس الرّسول: "مجِّدوا اللهَ إِذًا بِأَجسادِكم" وسنمجّده في السّماء على الدّوام.

لنرفع صلاتنا إلى مريم لكي تساعدنا بشفاعتها الوالديّة على عيش مسيرتنا اليوميّة في الرّجاء العامل بأن نبلغ جميعنا يومًا مع جميع القدّيسين وأحبّائنا إلى الفردوس.".