الفاتيكان
24 تشرين الأول 2022, 06:30

البابا فرنسيس: الصّلاة هي قوّة السّلام

تيلي لوميار/ نورسات
"حيث يوجد الكثير من الـ"أنا"، لا يوجد سوى القليل من الله"، هذا ما أكّده البابا فرنسيس، قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، لافتًا إلى أنّه "في التّواضع نصبح قادرين على أن نحمل إلى لله بدون ادّعاءات، ما نحن عليه، محدوديّتنا والجراح والخطايا والمآسي الّتي تثقِّل قلوبنا، وأن نطلب رحمته لكي يداوينا ويشفينا وينهضنا"، مشدّدًا على أهمّيّة الصّلاة كقوّة للسّلام.

وفي هذه الكلمة، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم مثلًا له بطلان، فرّيسيّ وعشّار، أيّ رجل متديّن وخاطئ كامل. كلاهما يصعدان إلى الهيكل ليصلّيا، لكن العشّار وحده هو الّذي يرتفع حقًّا إلى الله، لأنّه بتواضع ينزل في حقيقة نفسه ويقدّم نفسه كما هو، بدون أقنعة، وبفقره. يمكننا أن نقول، إذن، أنّ المثل موجود بين حركتين، يتمُّ التّعبير عنهما بفعلين: الصّعود والنّزول.

الحركة الأولى هي الصّعود. في الواقع، يبدأ النّصّ بالقول: "صَعِدَ رَجُلانِ إِلى الهَيكَلِ لِيُصَلِّيا". يذكّرنا هذا الجانب بالعديد من أحداث الكتاب المقدّس، حيث ولمقابلة الرّبّ يصعد المرء إلى جبل حضوره: صعد إبراهيم إلى الجبل ليقدّم الذّبيحة؛ صعد موسى إلى سيناء لكي ينال الوصايا؛ صعد يسوع إلى الجبل حيث تجلّى. لذلك فإنّ الصّعود يعبِّر عن حاجة القلب للانفصال عن حياة مملّة بدون حماس لكي يذهب للقاء الرّبّ، وللارتقاء من سهول أنفسنا لكي نرتفع نحو الله؛ ولكي نجمع ما نعيشه في الوادي ونحمله أمام الرّبّ.

ولكن لكي نعيش اللّقاء مع الرّبّ وتحوّلنا الصّلاة ونرتقي إلى الله، هناك حاجة إلى الحركة الثّانية: النّزول. لكي نصعد إلى الرّبّ، علينا أن ننزل إلى داخلنا: أن نعزّز صدق وتواضع القلب اللّذين يعطياننا نظرة صادقة على ضعفنا وفقرنا. في التّواضع في الواقع، نصبح قادرين على أن نحمل إلى لله بدون ادّعاءات، ما نحن عليه، محدوديّتنا والجراح والخطايا والمآسي الّتي تثقِّل قلوبنا، وأن نطلب رحمته لكي يداوينا ويشفينا وينهضنا. وبقدر ما ننزل بتواضع، بقدر ما سيجعلنا الله نصعد إلى العلى!

في الواقع، وقف العشّار في المثل بتواضع بعيدًا، يطلب المغفرة، فرفعه الرّبّ. أمّا الفرّيسيّ، فكان يعظّم نفسه واثقًا من نفسه، مقتنعًا بأنّه كامل: انتصب قائمًا وبدأ يتحدّث إلى الرّبّ عن نفسه فقط، ويمدح نفسه، ويعدّد قائمة جميع أعماله الدّينيّة الصّالحة، ويحتقر الآخرين. لأنّ هذا ما يفعله الكبرياء الرّوحيّ: فهو يقودك إلى الاعتقاد بأنّك صالح وإلى الحكم على الآخرين. وهكذا، ودون أن تتنبّه، تعبد نفسك وتمحو إلهك.

أيّها الإخوة والأخوات إنّ الفرّيسيّ والعشّار يطالاننا عن كثب. وإذ نفكّر فيهما، لننظر إلى أنفسنا: ولنتحقّق ممّا إذا كنّا، مثل الفرّيسيّ، مُستيقِنين أّنَّنا أَبرار ونحتقر الآخرين. يحدث، على سبيل المثال، عندما نبحث عن مجاملات ونضع دائمًا قائمة بمزايانا وأعمالنا الجيّدة، عندما نقلق بشأن المظاهر بدلاً من أن نكون حاضرين للآخرين، عندما نسمح بأن تمسكنا النّرجسيّة وحبّ الظّهور. لنسهر على النّرجسيّة وحبّ الظّهور، القائمين على المجد الباطل، واللّذين يقوداننا نحن المسيحيّين، نحن الكهنة، نحن الأساقفة إلى أن تكون دائمًا كلمة "أنا" على شفاهنا: "أنا فعلت هذا، أنا كتبت هذا، أنا قلت ذلك، أنا فهمت ذلك"، وما إلى ذلك. حيث يوجد الكثير من الـ"أنا"، لا يوجد سوى القليل من الله.

لنطلب شفاعة مريم الكلّيّة القداسة، أمة الرّبّ المتواضعة، الصّورة الحيّة لما يحبّ الرّبّ أن يفعله، أن يحطّ الأقوياء عن العروش ويرفع الوضعاء".

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال:أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، يُحتفل اليوم باليوم الإرسالي العالمي، وموضوعه "وتكونون شهودًا لي". إنّها مناسبة مهمّة لكي نوقظ في جميع المعمّدين الرّغبة في المشاركة في رسالة الكنيسة الشّاملة، من خلال الشّهادة وإعلان الإنجيل. أشجّع الجميع على دعم المرسلين بالصّلاة والتّضامن الملموس، لكي يتمكّنوا من مواصلة عمل البشارة والتّعزيز البشريّ في جميع أنحاء العالم.

اليوم يفتح التّسجيل لليوم العالميّ للشّباب الّذي سيُقام في لشبونة في شهر آب أغسطس 2023. لقد دعوت شبابًا برتغاليّين ليكونوا معي هنا بينما أتسجّل أنا أيضًا كحاجّ، سأفعل ذلك الآن لأذهب أنا أيضًا. هاءنذا قد تسجّلت. أيّها الشّباب الأعزّاء، أدعوكم لكي تتسجّلوا في هذا اللّقاء الّذي سنجد فيه مجدّدًا، بعد فترة طويلة من البعد، فرح العناق الأخويّ بين الشّعوب والأجيال، الّذي نحن في أمسّ الحاجة إليه!

بالأمس، في مدريد، تمّ تطويب فينتشينزو نيكاسيو رينونسيو توريبيو ورفاقه الأحد العشر من رهبانيّة الفادي الأقدس، الّذين قتلوا في إسبانيا في عام 1936 بسبب إيمانهم. ليدفعنا مثال شهود المسيح هؤلاء، وصولاً إلى سفك الدّمّ، لكي نكون صادقين وشجعان ولتعضد شفاعتهم جميع الّذين يتعبون اليوم لكي يزرعوا الإنجيل في العالم.

أتابع بخوف حالة الصّراع المستمرّة في إثيوبيا. مرّة أخرى أكرّر أنّ العنف لا يحلّ الخلافات، بل يزيد من عواقبها المأساويّة. وبالتّالي أناشد جميع الّذين لديهم مسؤوليّات سياسيّة، لكي تتوقّف معاناة السّكّان العزّل ويتمَّ إيجاد حلول عادلة من أجل سلام دائم في جميع أنحاء البلاد. لتؤدّي جهود الأطراف من أجل الحوار والبحث عن الخير العامّ إلى مسار مصالحة ملموس. ولا تغيبنَّ أبدًا عن الإخوة والأخوات الأثيوبيّين، المُمتحنين بشدّة، صلواتنا وتضامننا والمساعدات الإنسانيّة اللّازمة.

تؤلمني الفيضانات الّتي عصفت بالعديد من البلدان الأفريقيّة وتسبّبت في الموت والدّمار. أصلّي من أجل الضّحايا وأنا قريب من ملايين النّازحين، وأتطلّع إلى جهد مشترك أكبر لمنع هذه الكوارث.

بعد غد، الثّلاثاء المصادف 25 تشرين الأوّل أكتوبر، سأذهب إلى الكولوسيوم للصّلاة من أجل السّلام في أوكرانيا والعالم، مع ممثّلي الكنائس والجماعات المسيحيّة والدّيانات العالميّة، المجتمعين في روما لحضور لقاء "صرخة السّلام". أدعوكم للانضمام روحيًّا إلى هذه الصّلاة إلى الله: الصّلاة هي قوّة السّلام، لنصلِّ، ولنواصل الصّلاة من أجل أوكرانيا المعذّبة."