البابا فرنسيس: السّلطة ليست قيادة ونفوذًا بل صدقًا وشهادة
ما هي سلطة يسوع؟ إنّها أسلوب الرّبّ، تلك السّيادة– إذا صحّ القول– الّتي كان الرّبّ يسير بواسطتها ويعلّم ويشفي ويصغي. هذا الأسلوب يأتي من الدّاخل وعلى ماذا يدلّ؟ يدلُّ على الصّدق. لقد كان يسوع يملك سلطة لأنّ تعاليمه كانت تنسجم مع أفعاله، أيّ لأنّ حياته كانت صادقة؛ وهذا الصّدق هو الّذي يشير إلى أنّ شخصًا ما يملك سلطة، وبالتّالي فالّذي يملك سلطة هو صادق أيّ يقدّم شهادة والسّلطة تظهر في هذا: في الصّدق والشّهادة.
إنّ الكتبة لم يكونوا صادقين وبالتّالي كان يسوع من جهة يحذّر الشعب قائلاً: "إسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم"، ومن جهة أخرى في كلّ مرّة كانت تسنح له الفرصة كان يوبّخ الكتبة لأنّهم من خلال تصرّفاتهم هذه كانوا يعيشون نوعًا من الانفصام الرّاعويّ: يقولون شيئًا ويفعلون شيئًا آخر. وهذا الأمر نجده في أحداث متعدّدة في الإنجيل، فنرى يسوع يوبخّهم أحيانًا، أو لا يجيبهم في أحيان أخرى، وأحيانًا أيضًا واصفًا إيّاهم بكلمات قاسية.
والكلمة الّتي يستعملها يسوع ليصف غياب الصّدق هذا وهذا الانفصام هي كلمة "رياء". إذا أخذنا الفصل الثّالث والعشرين من إنجيل متّى فسنجد يسوع في عدّة مرّات يقول "أنتم مراؤون لهذا الأمر...، أو أيّها المراؤون..." يسوع يصفهم بالمرائين. الرّياء هو طريقة تصرّف الّذين لديهم مسؤوليّة تجاه النّاس– في هذه الحالة المسؤوليّة هي رعويّة– ولكنّهم ليسوا صادقين أو أسياد ولا يملكون السّلطة. وشعب الله متواضع ومتسامح: يسامح العديد من الرّعاة المرائين، العديد من الرّعاة المنفصمين الّذين يقولون ولا يفعلون.
ولكن شعب الله الّذي يسامح يعرف كيف يميّز قوّة النّعمة.
إنّ القراءة الأولى الّتي تقدّمها اللّيتورجيا اليوم والّتي نجد فيها الكاهن المسنّ عالي الّذي كان قد فقد كلّ السّلطة، وبقيت له نعمة المسح بالزّيت، وبهذه النّعمة بارك وقام بالمعجزة لحنّة الّتي ومن شدّة الحزن والألم كانت تصلّي لتصبح أمًّا. ومن هنا يأتي تعليق البابا حول شعب الله؛ مسيحيّون ورعاة: إنّ شعب الله يميّز جيّدًا بين سلطة شخص ما ونعمة المسحة.
لكن أنت تذهب إلى الاعتراف عند ذلك الشّخص الّذي هو كذا وكذا..." – "ولكنّ ذاك بالنّسبة لي هو الله. إنّه يسوع". هذه هي حكمة شعبنا الّذي يسامح كثيرًا العديد من الرّعاة غير الصّادقين، رعاة كهؤلاء الكتبة وكذلك أيضًا مسيحيّون يذهبون إلى القدّاس أيّام الأحد ومن ثمَّ يعيشون كالوثنيّين. والنّاس تقول: "غياب الصّدق هذا هو فضيحة". كم من الشّرّ يسبّبه المسيحيّون غير الصّادقين والرّعاة المنفصمي الشّخصيّة الّذين لا يقدّمون شهادة صالحة".
وفي الختام، رفع الأب الأقدس الصّلاة إلى الرّبّ "لكي يتحلّى جميع المعمّدين بالسّلطة الّتي لا تقوم على القيادة والنّفوذ وإنّما على الصّدق والشّهادة، أيّ على أن يكونوا رفقاء درب في اتّباع الرّبّ".