البابا فرنسيس: الرّوح القدس صانع الشّركة وفنّان المصالحة
"إنّ الرّسل في ذلك اليوم، أيّ خمسين يومًا بعد الفصح، كانوا مجتمعين في الصّلاة، ولا يمكن لأحد بدون صلاة أن يكون تلميذًا ليسوع، بدون صلاة لا يمكن أن نكون مسيحيّين، فالصّلاة هي هواء، رئة الحياة المسيحيّة. ذلك اليوم في العلّيّة، الّتي أصبحت بيتهم يجمعهم حضور مريم أمّ الله، عاش التّلاميذ حدثًا يفوق توقّعاتهم، فقد فاجأهم الله بشكل لا يقبل الانغلاق ففتح الأبواب بقوّةِ ريح تُذكّرنا بالرّوح، النّفخة الأولى، وحقّق الوعد بالقوّة، وعد القائم قبل صعوده (راجع رسل 1، 8).
وبعد الرّيح، تأتي النّار الّتي تُذكِّرنا بالعلّيقة المشتعلة وبسيناء الّتي أعطى الله فيها الوصايا العشر (راجع خروج 19، 16-19). إنّ النّار ترافق في الكتاب المقدّس تجلّي الله، وفي النّار يسلِّم الله كلامه الحيّ والنّاجع (راجع عب 4، 12)، كما وترمز النّار إلى عمل الله الّذي ينير القلوب ويدفئها".
وتابع متحدّثًا عن تكلّم بطرس، الصّخر الّذي اختاره المسيح ليبني عليه كنيسته، فقال: "إنّ كلمات بطرس الضّعيفة، الّتي كانت قادرة حتّى على إنكار الرّبّ، قد اكتسبت قوّة بفضل نار الرّوح القدس وأصبحت قادرة على اختراق القلوب والتحّفيز على التّوبة... إنّ كلمة الرّسل قد أصبحت كلمة جديدة ومختلفة ولكن مفهومة وكأنّها مترجمة إلى اللّغات كافّة... لغة الحقيقة والمحبّة الّتي يفهمها الجميع".
"إنّ الرّوح القدس هو صانع الشّركة وفنّان المصالحة، قادر على إزالة الحواجز بين اليهود واليونانيّين، بين العبيد والأحرار، ليجعل منهم جسدًا واحدًا. يبني الرّوح القدس جماعة المؤمنين في وحدة الجسد وتعدّد الأعضاء، وينَمّي الكنيسة مساعدًا إيّاها على تجاوز الحدود البشريّة والخطايا وأيّة عثرة".
وأضاف الأب الأقدس: "إنّ تلك العطيّة النّبويّة ليست للبعض فقط بل هي لجميع مَن يدعون باسم الرّبّ. إنّ الرّوح القدس يحفّز القلوب على تقبّل الخلاص الّذي يمرّ عبر شخص يسوع المسيح، وإنّ الرّوح القدس يُفعِّل جاذبيّة الله لنا بالمحبّة ليجعلنا نحرّك التّاريخ ونطلق مسيرات تمرّ من خلالها الحياة الجديدة".
وأنهى البابا ضارعًا إلى الله "كي يجعلنا نختبر عنصرة جديدة توسّع قلوبنا وتجعل مشاعرنا متناغمة مع مشاعر المسيح، فنُعلن بلا خجل كلمته المحوِّلة ونشهد لقوّة المحبّة الّتي تدعو إلى الحياة كلّ ما تلقّى".