الفاتيكان
06 تموز 2020, 05:55

البابا فرنسيس: الحكمة الحقيقيّة تأتي أيضًا من القلب وليس فقط من فهم الأفكار

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس أنّ الحكمة الحقيقيّة تنبع من القلب، بخاصّة من قلب الّذين ينفتحون بثقة على كلمة الرّبّ، وذلك خلال كلمته قبل التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يقوم إنجيل هذا الأحد على ثلاثة أجزاء: أوّلاً يرفع يسوع نشيد بركة وشكر إلى الآب لأنّه أظهر للفقراء والبسطاء سرَّ ملكوت السّماوات، بعدها يكشف العلاقة الحميمة والفريدة بينه وبين الآب، وفي الختام يدعونا لكي نذهب إليه ونتبعه لكي نجد الرّاحة.

أوّلاً يرفع يسوع التّسبيح إلى الآب لأنّه أخفى أسرار ملكوته وحقيقته على "الحُكَماءِ وَالأَذكِياء". يسمّيهم هكذا بنوع من السّخريّة لأنّهم يعتبرون أنفسهم كذلك وبالتّالي فإنّ قلوبهم مغلقة. والحكمة الحقيقيّة تأتي أيضًا من القلب، وليس فقط من فهم الأفكار، وبالتّالي إن كنت تعرف الكثير من الأمور ولكن قلبك مغلق فلست بحكيم. ويقول يسوع إنّ أسرار أبيه قد كُشفت "للصّغار" أيّ للّذين ينفتحون بثقة على كلمته، كلمة الخلاص ويشعرون بالحاجة إليه وينتظرون منه كلَّ شيء. من ثمَّ يشرح يسوع أنّه نال كلَّ شيء من الآب، ويدعوه "أبي" ليؤكِّد على فرادة علاقته به. في الواقع نجد بين الآب والابن فقط تبادلاً كاملاً: الأوّل يعرف الآخر، والأوّل يعيش في الآخر. ولكنَّ هذه الشّركة الفريدة هي كزهرة تُزهر لكي تكشف مجّانًا جماله وصلاحه. وها هي دعوة يسوع: "تَعالَوا إِليَّ..."، فهو يريد أن يعطينا ما يستقيه من الآب.

وكما أنّ الآب يملك تفضيلاً إزاء "الصّغار"، هكذا أيضًا يتوجّه يسوع إلى "المُرهَقينَ المُثقَلين"؛ لا بل يضع نفسه بينهم لأنّه "وَديعٌ مُتَواضِعُ القَلب". كما في الطّوبى الأولى والثّالثة، الطّوبى للمتواضعين أو لفقراء الرّوح والطّوبى للودعاء. وهكذا يسوع "الوديع والمتواضع" ليس مثالاً للمستسلمين وليس مجرّد ضحيّة بل هو الإنسان الّذي يعيش من كلِّ قلبه هذه الحالة في شفافيّة تامّة لمحبّة الآب، أيّ الرّوح القدس. إنّه مثال "فقراء الرّوح" وجميع الآخرين الّذين يمنحهم الإنجيل الطّوبى والّذين يتمّمون مشيئة الله ويشهدون لملكوته.

من ثمَّ يقول يسوع إنّنا إن ذهبنا إليه فسنجد الرّاحة: إنّ الرّاحة الّتي يقدّمها المسيح للمرهقين والمثقلين ليست راحة نفسيّة أو صدقة يمنحها ولكنّها فرح الفقراء بأن يكونوا مبشَّرين وبناة لبشريّة جديدة. إنّها رسالة لجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة، يوجّهها يسوع اليوم أيضًا لعالم يُعظّم من يغتني ويصبح قديرًا، بغضّ النّظر عن الأساليب الّتي يستعملها، ويسحق أحيانًا الشّخص البشريّ وكرامته. وهذا الأمر نراه يوميًّا... وهذه رسالة للكنيسة الّتي دُعيت لكي تعيش أعمال الرّحمة وتبشِّر الفقراء وتكون وديعة ومتواضعة.

لتطلب لنا مريم العذراء، المخلوقة الأسمى والأكثر تواضعًا بين الخلائق، من الله حكمة القلب لكي نعرف أن نميِّز علاماته في حياتنا ونشارك في هذه الأسرار الّتي وإذ تُخفى عن المتكبّرين تُكشف للمتواضعين".