الفاتيكان
20 تشرين الثاني 2023, 10:30

البابا فرنسيس: الثّقة تحرّر والخوف يشلّ

تيلي لوميار/ نورسات
طريقتان مختلفتان للاقتراب من الله أَضاءا عليهما البابا فرنسيس في كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ، مستقيًا إيّاهما من مثل الوزنات الّذي تحدّث عنه إنجيل الأحد، إذ "أراد رَجلٌ السَّفَر، فدعا عبيدَه، وسَلَّمَ إِلَيهِم وزناته، أيّ أَموالَه: كانت الوزنات تمثّل وحدة نقديّة. ووزّعها حسب قدرات كلّ شخص. ولدى عودته طلب منهم أن يؤدّوا الحساب لما فعلوه. إثنان منهم ضاعفا ما نالاه فمدحهما سيّدهما، أمّا الثّالث وبسبب الخوف دفن وزنته ولا يمكنه إلّا أن يردّها، ولهذا السّبب نال توبيخًا شديدًا."

و"من خلال النّظر إلى هذا المثل، يمكننا أن نتعلّم طريقتين مختلفتين للاقتراب من الله"، يشير البابا فرنسيس، ويقول في هذا السّياق بحسب "فاتيكان نيوز": "الطّريقة الأولى. هي طريقة الرّجل الّذي دفن الوزنة الّتي نالها: فهو لا يثق في سيّده ولا في نفسه. في الواقع يقول لسيّده: "يا سَيِّد، عَرَفتُكَ رَجُلًا شَديدًا تَحصُدُ مِن حَيثُ لَم تَزرَع، وَتَجمَعُ مِن حَيثُ لَم تُوَزِّع". هو يخاف من سيّده ولا يرى التّقدير والثّقة اللّذين يضعهما فيه، بل يرى تصرّفات سيّد يطلب أكثر ممّا يعطي، وقاضٍ. هذه هي صورته عن الله: وهو لا يستطيع أن يؤمن بصلاحه. ولهذا السّبب تجمّد ولم يلتزم بالمهمّة الّتي تلقّاها.

لنرَ الآن الطّريقة الثّانية، في البطلين الآخرين، اللّذين يبادلان سيّدهما الثّقة ويثقان بدورهما به. لقد استثمرا كلّ ما حصلا عليه، على الرّغم من أنّهما لم يعرفا في البداية ما إذا كان كلّ شيء سيسير على ما يرام: لقد قبلا مخاطرة الالتزام. وثقا وخاطرا. وهكذا كان لديهما الشّجاعة للتّصرّف بحرّيّة وإبداع، وولّدا غنى جديدًا.

أيّها الإخوة والأخوات هذا هو مفترق الطّرق أمام الله: الخوف أو الثّقة. ومثل أبطال المثل، نحن أيضًا– جميعنا– قد نلنا وزنات، أثمن بكثير من المال. لكن الكثير من كيفيّة استثمارها يعتمد على ثقتنا في الرّبّ، الّذي يحرّر قلوبنا ويجعلنا نشيطين ومبدعين في عمل الخير. إنَّ الثّقة تحرّر، والخوف يشلّ.

لنتذكّر ذلك: الخوف يشلّ، والثّقة تحرّر. ولنسأل أنفسنا: هل أؤمن أنّ الله هو أب ويأتمنني على المواهب لأنّه يثق بي؟ وأنا هل أثق به إلى درجة أن أخاطر وألتزم، دون أن تثبط عزيمتي، حتّى عندما تكون النّتائج غير أكيدة أو واضحة؟ هل أعرف كيف أقول كلّ يوم في الصّلاة: "يا ربّ، أنا أثق بك، أعطني القوّة لكي أسير قدمًا"؟ أخيرًا، ككنيسة: هل نعزّز في بيئاتنا مناخًا من الثّقة والاحترام المتبادل يحرّر الأشخاص ويحفّز في الجميع إبداع المحبّة؟ لتساعدنا العذراء مريم لكي نتغلّب على الخوف ونثق بالرّبّ".

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، تمّ بالأمس في إشبيلية إعلان تطويب مانويل غونزاليس سيرنا، كاهن أبرشيّ وتسعة عشر كاهنًا ورفاقه العلمانيّين، الّذين قتلوا عام ١٩٣٦ في جوّ الاضطهاد الدّينيّ خلال الحرب الأهليّة الإسبانيّة. هؤلاء الشّهداء شهدوا للمسيح حتّى النّهاية. ليعزِّ مثالهم العديد من المسيحيّين الّذين يتعرّضون في عصرنا للتّمييز بسبب إيمانهم.

أجدّد قربي من شعب ميانمار العزيز، الّذي للأسف لا يزال يعاني بسبب العنف والانتهاكات. وأصلّي لكي لا تثبط عزيمته ويثق على الدّوام في مساعدة الرّبّ. وأيّها الإخوة والأخوات، لنواصل الصّلاة من أجل أوكرانيا المعذّبة ومن أجل شعبي فلسطين وإسرائيل. إنَّ السّلام ممكن. والأمر يتطلّب حسن النّيّة. إنَّ السّلام ممكن، فلا نستسلمنَّ للحرب! ولا ننسينَّ أنّ الحرب هي على الدّوام هزيمة، يربح فيها فقط مصنِّعو الأسلحة.

نحتفل اليوم باليوم العالميّ السّابع للفقراء، وموضوع هذا العام هو "لا تُحَوِّلْ وَجهَكَ عن فَقير". أشكر جميع الّذين عزّزوا في الأبرشيّات والرّعايا مبادرات التّضامن مع الأشخاص والعائلات الّذين يكافحون من أجل المضيّ قدمًا".