الفاتيكان
19 كانون الثاني 2024, 14:20

البابا فرنسيس: التّواضع والسّخاء هما فضيلتا الفنّان الحقيقيّ

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس على فضيلتي التّواضع والسّخاء لدى الفنّان الحقيقيّ على ضوء تاريخ أعضاء جمعيّة حلبة فيرونا ونشاطاتها الفنّيّة الّتي "جمعت تراثًا ثمينًا" على مرّ الزّمان.

البابا الّذي استقبل أعضاء الجمعيّة صباح الخميس، توجّه إليهم بكلمة قال فيها بحسب "فاتكيان نيوز": "يسعدني أن أستقبلكم بمناسبة الاحتفالات بالذّكرى المئويّة "للولادة الجديدة" لحلبة فيرونا، الّتي بدأت عام ١٩١٣بالأداء الرّائع لعايدة لجوزيبي فيردي واستمرّت حتّى يومنا هذا. مائة موسم من النّشاطات الفنّيّة على أعلى مستوى، جمعت تراثًا ثمينًا من الماضي وحافظت عليه حيًّا، لكي تُسلِّمه بشكل أغنى للأجيال القادمة. وهذا أمر جميل جدًّا: إنّه شكل ذكيّ ومبدع وملموس من الامتنان والمحبّة.

إنّ الإرث الّذي نتحدّث عنه متعدّد الأوجه. يعود تاريخ مبنى الحلبة في المقام الأوّل إلى عشرين قرنًا، وقد تمّ الحفاظ عليها مع مرور الوقت بفضل واقع أنّها كانت على الدّوام مكانًا مُعاشًا. كما يحدث غالبًا، تمّ تكييفها لاستخدامات مختلفة، وهي رائدة لأحداث مختلفة: تمّ تقديرها، في بعض الفترات، في وظيفتها الأصليّة كمكان للتّرفيه؛ وفي حالات أخرى، تمّ تخفيضها إلى استخدامات أكثر تواضعًا، إلى حدّ المخاطرة، في بعض الأوقات، إلى تحويلها إلى مقلع للحجارة. ومع ذلك، فقد خلّصتها دائمًا المودّة الّتي من خلالها حمى بها شعب فيرونا بقاءها من وقت لآخر، وعادوا لترميمها وإعادة إنعاشها مرّات عديدة. وهكذا وصل بها الأمر في بداية القرن العشرين لكي تستضيف ميلاد ما سيصبح مهرجان فيرونا.

كم من العمل في كلّ هذا، وكم من التّفاني وكم من الجهد: بدءًا من الّذين بنوا وأعادوا بناء الهيكليّات، إلى جهود المؤلّفين والفنّانين، وجهود منظّمي الأحداث المختلفة وجميع الّذين عملوا، كما يقال، "خلف الكواليس". عند التّفكير في ذلك، يتبادر إلى ذهني ما قاله القدّيس بولس عن الكنيسة عندما قارنها بجسد متعدّد الأعضاء: كلّ عضو يكمل الأعضاء الأخرى في وظيفته المحدّدة. في الواقع، لا يمكن لشخص واحد، ولا حتّى لمجموعة صغيرة من الأشخاص المختارين، أن ينتجوا مائة عام من الفنّ: فهي تتطلّب مساهمة جماعة كبيرة، يذهب عملها أبعد من حياة الأفراد، ويعرف فيه من يعمل أنّه لا يبني شيئًا لنفسه وحسب، وإنّما للّذين سيأتون بعده أيضًا. لهذا السّبب، إذ أنظر إليكم، أرى معكم حشدًا أكبر من الرّجال والنّساء الّذين سبقوكم والّذين حملتموهم إلى هنا بشكل مثاليّ: حشد حاضر على الدّوام، حتّى على المسرح، وفي كلّ عرض، يذكّرنا بمدى أهمّيّة أن نكون متواضعين وأسخياء، في الفنّ كما في الحياة. التّواضع والسّخاء هما فضيلتا الفنّان الحقيقيّ الّذي يحدّثنا عنه تاريخكم!

لذلك أشجّعكم على مواصلة هذا العمل، وعلى القيام به بحبّ، ليس من أجل النّجاح الشّخصيّ، وإنّما من أجل فرح أن تعطوا شيئًا جميلاً للآخرين. أن نُعطي السّعادة بالفنّ، وننشر الصّفاء، وننقل الانسجام! جميعنا بحاجة إلى هذه الأمور كثيرًا. أبارككم من كلِّ قلبي. وأسألكم ألّا تنسوا أن تصلّوا من أجلي".