البابا فرنسيس: الإيمان هو خير الفقراء الأكبر!
"تعبّر المزامير الثّلاثة الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجية اليوم عن حزن صاحب المزمور في لحظة التّجربة والخطر. لكن اسمحوا لي أن أتوقّف عند المزمور الأوّل، أيّ عند المزمور التّاسع عشر بعد المائة. إنّ مؤلّفه بدون شكّ هو رجل تأمّل، شخص يعرف أن يخصّص أوقات طويلة وجميلة للصّلاة.
إنّ الشّخص المصلّي يتحرّق شوقًا في رغبة اللّقاء بالله، وأنتنَّ الشّهادة الحيّة لهذه الرّغبة الّتي لا تنضبّ والّتي تُقيم في قلوب جميع البشر. أنتنّ تمثّلنَ بشكل مرئيّ الهدف الّذي تسير نحوه الجماعة الكنسيّة بأسرها الّتي تسير على دروب الزّمن ونظرها محدّق إلى اللّحظة الّتي سيُجمع فيها كلُّ شيء في المسيح فتعلن بهذه الطّريقة المجد السّماويّ مسبقًا. أنتنَّ منارات للقريبين ولكن وبشكل خاصّ للبعيدين أيضًا. أنتنَّ مصابيح ترافق مسيرة الرّجال والنّساء في ليل الزّمن المظلم. أنتنَّ رقيبات الصّبح اللّواتي يُعلنَّ بزوغ الشّمس؛ وبحياتكنَّ المتجلّية وبكلمات بسيطة تتأمّلونها في الصّمت أنتنَّ تُشرنَ إلى الّذي هو الطّريق والحقّ والحياة، الرّبّ الوحيد الّذي يعطي الكمال لحياتنا ويمنحنا الحياة وافرة.
لكنَّ المزمور يتحدّث أيضًا عن تحرّق آخر وهو الّذي يشير إلى نوايا الأشرار والّذين يريدون أن يهلكوا البار فيضّطهدونه وينصبون له الأشراك ويسعون للإيقاع به. لذلك تنبّهنَ لصرخة وبؤس الرّجال والنّساء حولكم والّذين يستنفدهم الألم والإستغلال واليأس. لا تكُنَّ من أولئك الّذين يسمعون فقط للتّغلّب على الضّجر أو لإشباع فضولهم أو لتجميع مواضيع للمحادثات. ولذلك يجب أن تؤدِّينَ رسالة أساسيّة، لأنّ حياة الحصن تضعكنَّ في قلب الله، وبالتّالي حيث قد وضع الله قلبه، فأصغوا إذًا إلى قلب الرّبّ لكي تصغوا إليه أيضًا في إخوتكم وأخواتكم.
الإيمان هو خير الفقراء الأكبر! وبالتّالي من المهمّ جدًّا أن يُعلن هذا الإيمان ويُعزَّز فيهم فيساعدهم لكي يعيشوا ويرجوا حقًا. وليسمح لكنَّ التّأمل في أسرار الله والّذي تعبرنَ عنه في ليتورجيّتكنَّ وأوقات الصّلاة من أن تكتشفنَ بشكل أفضل حضوره الفعّال في كلّ واقع بشريّ حتّى الأكثر ألمًا، وأن ترفعنَ الشّكر لكي، ومن خلال التّأمّل، يمنحكنَّ الله عطيّة الشّفاعة، وعلى مثال الأمّهات تأخذنَ بصلاتكنّ الأبناء على أكتافكنَّ وتحملنَهم نحو أرض الميعاد".
وتابع البابا فرنسيس: "أيّتها الأخوات التّأمليّات العزيزات من دونِكُنَّ، ماذا سيحصل للكنيسة وللّذين يعيشون في الضّواحي الإنسانيّة في مدغشقر؟ ماذا سيحدث للّذين يعملون في الصّفّ الأوّل في التّبشير وهنا بالأخصّ في هذه الأوضاع غير المستقرّة والصّعبة والخطيرة أحيانًا؟ الجميع يعتمدون على صلواتكنَّ وعلى العطيّة المتجدّدة لحياتكنَّ، عطيّة قيِّمة جدًّا في عينيّ الله الّذي يجعلكنَّ تشاركونه في سرّ فداء هذه الأرض والأشخاص المحبوبين المقيمين فيها".
وفي ختام كلمته قال فرنسيس: "أشكركنَّ على هذه اللّحظة الّتي تشاركناها. وأوكّل نفسي لصلاتكنَّ. وأوكّل إليكنّ جميع النّوايا الّتي أحملها خلال هذه الزّيارة في مدغشقر، لنصلّ معاً ليتمكّن روح الإنجيل من أن يزهّر في قلوب جميع الشّعب".