الفاتيكان
02 آذار 2023, 06:55

البابا فرنسيس: الإنجيل هو نبوءة تُزعج الحسابات البشريّة

تيلي لوميار/ نورسات
"مثل برق يأتي من الشّرق" كتاب جديد كتب البابا فرنسيس مقدّمته، وهو للأب فرانشيسكو كوسينتينو يجمع فيه يجمع فيه من خلال حوار خبرة عميد الدّائرة الفاتيكانيّة للإكليروس الكاردينال لازارو يو هيونغ سيك.

وفي هذه المقدّمة، كتب البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "بعد انتظار تعزية الرّبّ لسنوات عديدة، تعرَّف سمعان الشّيخ في الطّفل على المسيح الّذي أرسله الله، وحمله بين ذراعيه وبارك الله بقلب مُتأثِّر، واعترف في ذلك الطّفل بنور الخلاص الّذي كانت تنتظره جميع الشّعوب.

يسوع هو النّور الّذي أرسله الآب في ليالي البشريّة المظلمة. إنّه الفجر الّذي أراد الله أن يجعله يُشرق فيما كنّا لا نزال نسير في الظّلام. إنّه هو الّذي فتح أبواب الرّجاء حيث كنّا ضالّين، وأنار زوايا الأرض النّائية وأخاديد قلوبنا المكسورة والمُحطّمة والجريحة. إنّه نور الخليقة الأصليّ الّذي يضيء الآن بيننا لكي يبدِّد ظلمات حياتنا. يسوع هو نور العالم، وبالتّالي، حتّى لو كنّا أحيانًا نتلمَّس في الظّلام ونفتقر إلى "الرّؤية"، فهناك دائمًا رجاء لنا. لأنّه يمكننا دائمًا أن نذهب إليه ونصرخ له مثل الأعمى بارتيماوس وننال من يسوع عيونًا جديدة ومنيرة.

وإذ يحرِّكها هذا الرّجاء، توجّهت الكنيسة، في تقليدها اللّاهوتيّ واللّيتورجيّ، على الدّوام إلى الشّرق وتدعونا لكي ننظر إلى هناك، لأنّه من الشّرق يشرق النّور، شمس العدالة، والنّجم المنير الّذي هو المسيح. تحتاج الكنيسة على الدّوام إلى أن تستنير بالمسيح وإنجيله، لأنّها دائمًا، مثل السّفينة الّتي تُبحر عبر أمواج التّاريخ المضطربة في كثير من الأحيان، يمكنها أن تواجه خطر ألّا تكون كنيسة يسوع. قال سمعان الشّيخ لمريم ويوسف: هذا الطّفل الّذي وُلد قد "جُعِل لسقوط كثير من النّاس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية معرّضة للرّفض". لا يزال المسيح يمثّل اليوم أيضًا عثرة لنا، وعلامة تناقض تقوّض يقيننا وتهزّ قلوبنا لكي لا يشلَّها الخوف، ويسجنها الرّياء، وتقسى في الخطيئة. إنّ فرح الإنجيل، في الواقع، بينما يعزّينا ويرفعنا، يكون أيضًا نبوءة تضعنا في أزمة، ولا تزال تزعج منطق السّلطة البشريّة، والحسابات الدّنيويّة، وأسلحة القهر، ومنطق الانقسام والغموض. لا يزال يسوع الشّخص الّذي يزعج السّلام الزّائف للّذين يبدون في الظّاهر جميلين، وأمّا داخلهم فممتلئ من عظام الموتى وكلّ نجاسة وباطنهم ممتلئ رياء وإثمًا.

لهذا السّبب يسعدني أن أقدّم هذا الكتاب الّذي يهدف إلى إعطاء صوت للكنيسة الشّرقيّة من خلال قصص وحكايات وتأمّلات الكاردينال لازارو يو هيونغ سيك، الّذي التقيت به لأوّل مرّة في عام ٢٠١٤، خلال يوم الشّباب الآسيويّ، والّذي دعوته اليوم لقيادة الدّائرة الفاتيكانيّة للإكليروس. بأسلوبه الودود واللّطيف، يسمح لنا بأن نجني ثمار الإيمان الّذي زرُع في أرض الشّهداء ونبت بكلّ بساطة بفضل الشّهادة الفرِحة لكنيسة حيَّة. ومن القصّة الّتي تتبلور ببطء، يمكننا أن نرى الطّريق لكي نبقى، جميعًا، كنيسة أمينة ليسوع وإنجيله، بعيدًا عن روح العالم.

من المحادثات الواردة في هذه الصّفحات، والّتي تجمع بين عناصر السّيرة الذّاتيّة والتّأمّلات الرّوحيّة والرّعويّة، يبرز الكاردينال لازارو صورة إيمان يولد من لقاء دائم بكلمة الله وشهود الإنجيل؛ صورة كنيسة شابّة وجريئة ولدت من مؤمنين علمانيّين، وتصبح أداة رجاء ورأفة تعتني بالجريح؛ صورة خدمة كهنوتيّة تحتاج إلى أن تتجدّد في ضوء الإنجيل، وتُفرغ نفسها من أيّ إكليروسيّة وتُعيد التّفكير في نفسها "بقرب" الإخوة العلمانيّين ومعهم، في جماعات سينودسيّة وجماعات خدمة.

لذلك أعبّر عن امتناني للكاردينال لازارو ولجميع الّذين قاموا بتحرير هذه الصّفحات. لأنّنا جميعًا بحاجة إلى هذا النّور القادم من الشّرق. نحن بحاجة لكي نُصغي إلى الشّهادة الجريئة للعديد من الأخوات والإخوة الّذين، بحماس وعلى الرّغم من الآلام الشّديدة، قبلوا يسوع بأذرع مفتوحة كما فعل سمعان الشّيخ، بقبولهم لإعلان القدّيس أندريا كيم والعديد من المرسلين الّذين بذلوا حياتهم في سبيل فرح الإنجيل. نحن بحاجة لأن نحيد تركيزنا عن أنفسنا، ونقوم برحلة إلى الشّرق ونضع أنفسنا في مدرسة أسلوب حياة روحيّ وكنسيّ يمكنه أن يُنعش إيماننا. ونحن بحاجة إلى أن نتذكّر على الدّوام أنّه حتّى في المصاعب والظّلام، يأتي الرّبّ كالبرق، ويريد أن ينير حياتنا."