الفاتيكان
25 تشرين الأول 2018, 05:00

البابا فرنسيس: الأمانة هي ميزة العلاقة البشريّة الحرّة والنّاضجة والمسؤولة

حول الوصيّة السّادسة "لا تزنِ"، تكلّم البابا فرنسيس أمس خلال مقابلته العامّة، وهي تتعلّق بالبعدين العاطفيّ والجنسيّ بحسب قوله، وتابع قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز":

 

"تشير هذه الوصيّة مباشرة إلى الأمانة، وفي الواقع لا وجود لعلاقة بشريّة حقيقيّة بدون أمانة وإخلاص. لا يمكننا أن نحبّ فقط طالما أنّ الأمر يناسبنا؛ لأنّ الحبّ يظهر أبعد من المصالح الشّخصيّة أيّ عندما يبذل ذاته بدون تحفُّظ، كما يؤكِّد التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة: "الحبُّ يتوخّى الدّينونة ولا يمكن أن يعقد لفترة مُحدّدة". الأمانة هي ميزة العلاقة البشريّة الحرّة والنّاضجة والمسؤولة. حتّى الصّديق تظهر حقيقته لأنّه يبقى كذلك في جميع الحالات وإلّا فليس بصديق. يُظهر المسيح المحبّة الحقيقيّة، هو الّذي يعيش من محبّة الآب الّتي لا تعرف الحدود، وبقوّة هذه المحبّة هو الصّديق الأمين الّذي يقبلنا حتّى عندما نخطئ ويريد خيرنا حتّى عندما لا نستحقّه.

إنَّ الكائن البشريّ يحتاج لأن يُحبَّ بلا شروط والّذي لا ينال هذا القبول يحمل في داخله نوعًا من النّقص بدون أن يعرف ذلك. وبالتّالي يسعى القلب البشريّ ليملأ هذا الفراغ بواسطة بدائل ويقبل تنازلات لا تمتُّ بأيّ صلة للحبّ. لذلك فالخطر هو أن نطلق اسم "حبّ" على علاقات غير ناضجة ونوهم أنفسنا بإيجاد نور حياة في شيء ليس إلّا مجرّد انعكاسًا له.

هكذا يُبالَغُ في تقدير الانجذاب الجسديّ الّذي هو في حدِّ ذاته عطيّة من الله ولكنّه موجّه ليعدَّ الدّرب لعلاقة حقيقيّة وأمينة مع الشّخص. كما كان القدّيس يوحنّا بولس الثّاني يقول إنّ الكائن البشريّ "مدعوٌّ إلى ملء ونضوج عفويّة العلاقات" والّتي هي "الثّمرة التّدريجيّة لتمييز اندفاعات القلب". إنّه أمر نكتسبه إذ أنّه "على كلِّ كائن بشريّ أن يتعلّم بمثابرة وصدق معنى الجسد".

إنَّ الدعوة للحياة الزّوجيّة تتطلّب تمييزًا دقيقًا لنوعيّة العلاقة وزمن خطوبة للتّحقق منها. لكي يبلغا إلى سرِّ الزّواج، على الخطّيبين أن ينضجا في اليقين أنّ يدَ الله حاضرة في علاقتهما وأنّها تسبقهما وترافقهما وستسمح لهما أن يقولا: "بنعمة المسيح أعد بأن أكون أمينًا لك للأبد" لا يمكنهما أن يعدا بعضهما البعض بالأمانة "في الفرح والألم، في الصّحّة والمرض" وأن يحبا ويحترما بعضهما البعض جميع أيّام حياتهما بناء فقط على الإرادة الصّالحة أو الأمل بأن تسير الأمور جيّدًا. بل يحتاجان أن يبنيا على الأرض الثّابتة لمحبّة الله الأمينة.

إنَّ الأمانة في الواقع هي أسلوب حياة فيعمل الشّخص بإخلاص ويتكلّم بصدق ويبقى أمينًا للحقيقة في أفكاره وأعماله لأنَّ الحياة المنسوجة بالأمانة تظهر في جميع الأبعاد وتحملنا لنكون رجالاً ونساء أمناء وجديرين بالثّقة في جميع الحالات. لكن لكي نصل إلى حياة جميلة لا تكفينا طبيعتنا البشريّة وإنّما نحتاج أيضًا لأن تدخل أمانة الله في حياتنا. تدعونا هذه الكلمة السّادسة لنوجّه نظرنا إلى المسيح الّذي يمكنه بأمانته أن يزيل منّا القلب الزّاني ويعطينا قلبًا أمينًا؛ إذ فيه وحده نجد الحبّ الّذي لا يتحفّظ ولا يعيد التّفكير، أيّ بذل الذّات الكامل وشجاعة القبول حتّى النّهاية.

من موت المسيح وقيامته تأتي أمانتنا، ومن محبّته اللّامشروطة يأتي الثّبات في العلاقات؛ ومن الشّركة معه ومع الآب والروح القدس تأتي الشّركة فيما بيننا وعيش الأمانة في علاقاتنا".