الفاتيكان
24 شباط 2023, 06:00

البابا فرنسيس استقبل كهنة ورهبانًا شبابًا من الكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البابا فرنسيس الخميس كهنة ورهبانًا شبابًا من الكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة، في إطار مشاركتهم في النّسخة الثّالثة من الزّيارات إلى روما. وللمناسبة وجّه إليهم الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أحيّيكم بفرح في الرّب. ويسعدني أن أستقبلكم أنتم الّذين تشاركون في النّسخة الثّالثة من هذه المبادرة الجميلة للزّيارات إلى روما من قبل الكهنة والرّهبان الشّباب من الكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة. لقد أتيتم هذا العام إلى هنا في بداية الصّوم الكبير، مسيرة يقوم بها المسيحيّون استعدادًا لفصح المسيح، جوهر إيماننا. وتبادر إلى ذهني مسيرة أخرى: المسيرة الّتي قام بها تلميذان مع القائم من بين الأموات في يوم عيد الفصح. يمكن لهذه المسيرة نحو عمّاوس أن ترمز نوعًا ما إلى المسيرة المسكونيّة للمسيحيّين نحو الشّركة الكاملة. في الواقع، أرى نقاطًا مشتركة بين المسيرتين وأريد أن أشارككم اليوم ثلاثة عناصر منها.

الأوّل هو أنّه إذا سار المسيحيّون معًا، كما فعل تلميذا عماوس، فسيرافقهم المسيح، الّذي سيدعمهم ويحفّزهم ويتمِّم مسيرتهم. في الواقع، انضمّ يسوع إلى هذين التّلميذين المرتبكين والمصدومين على طول الطّريق؛ واقترب منهما بشكل مجهول، وسافر معهما. عندها أصبحت الرّحلة حجًّا. بالطّبع، منع الحزن والانغلاق على الذّات أعينهما من التّعرّف عليه؛ وبالطّريقة عينها يمنع الإحباط والمرجعيّة الذّاتيّة المسيحيّين من مختلف الطّوائف من أن يروا ما يوحّدهم ومن أن يتعرّفوا على الّذي يوحّدهم. لذلك، كمؤمنين، علينا أن نؤمن أنّه كلّما سرنا معًا، كلّما رافقنا المسيح بشكل سرّيّ، لأنّ الوحدة هي حجّ مشترك.

يقول الإنجيليّ إنّ هذين التّلميذين "كانا يَتحدَّثانِ بِجَميعِ الأُمورِ الَّتي جَرَت. وكانا يَتَحَدَّثانِ ويَتَجادَلان". هذا هو العنصر الثّاني، الحوار: حوار المحبّة، حوار الحقيقة، حوار الحياة. إنَّ حوار حاجّي عمّاوس حملهما إلى الحوار مع يسوع الّذي أصبح مفسّره؛ وبناءً على محادثاتهما، خاطب المسيح قلبيهما، وأيقظهما، وجعلهما متحمِّسَين من خلال شرح ما يشير إليه في جميع الأسفار المقدّسة. وهذا الأمر يُظهر لنا أنّ الحوار بين المسيحيّين يقوم على كلمة الله الّتي يجعلنا الرّبّ يسوع نفهمها بنور روحه.

الحجُّ معًا والحوار؛ نأتي إلى العنصر الثّالث: يوضح الإنجيليّ أنّه عندما اقترب التّلميذان من عمّاوس، "تظاهَرَ يسوع أَنَّه ماضٍ إِلى مَكانٍ أَبَعد". إنَّ الرّبّ لا يفرض حضوره، لكن التّلميذان أَلَحَّا علَيه قالا: "أُمكُثْ مَعَنا، فقد حانَ المَساءُ ومالَ النَّهار". لقد رغبا أن يكونا مع المسيح، وهذا هو العنصر الثّالث: علينا أن نرغب في الوحدة بالصّلاة، بكلّ قلبنا وقوانا، بإصرار، وبدون كلل. لأنّه إذا انطفأت الرّغبة في الوحدة، فلا يكفي أن نمشي ونتحدّث: ويصبح كلّ شيء أمرًا واجبًا ورسميًّا. أمّا إذا دفعتنا الرّغبة إلى أن نفتح الأبواب للمسيح مع أخينا، فكلّ شيء سيتغيّر. يذكّرنا الكتاب المقدّس أنّ يسوع لا يكسر الخبز مع التّلاميذ المنفصلين؛ بل يترك الأمر لهم لكي يدعوه ويستقبلوه ويرغبوا به معًا. وربّما هذا هو أكثر ما يفتقر إليه المسيحيّون من مختلف الطّوائف اليوم: رغبة شديدة في الوحدة، تأتي قبل المصالح الحزبيّة.

أيّها الإخوة الأعزّاء الوحدة هي حجّ، الوحدة هي حوار، الوحدة هي رغبة. إذا عشنا هذه الأبعاد الثّلاثة في المسيرة المسكونيّة عندها سنتعرّف مثل هذين التّلميذين، على المسيح معًا عند كسر الخبز وسنستفيد من الشّركة معه على المائدة الإفخارستيّة عينها. ومثلما عاد تلميذا عمّاوس إلى القدس ليرويا بفرح وذهول ما عاشاه، هكذا سنكون قادرين نحن أيضًا على تقديم شهادة صادقة للمصلوب والقائم من بين الأموات، "لكي يؤمن العالم". أيّها الإخوة الأعزّاء، لقد سافرتم لكي تأتوا إلى هنا. وأنا أشكركم على ذلك. وآمل أن تكونوا قادرين في رحلة حجّكم إلى روما، من أن تشعروا بالحضور الحيّ للقائم من بين الأموات، وأن تنمو شركتنا في الحوار الأخويّ، وأن تتجدّد في كلّ واحد منّا الرّغبة الشّديدة في الوحدة.

ليبارككم الرّبّ ولتحفظكم العذراء مريم أمَّ الله. أطلب منكم أن تنقلوا تحيّاتي إلى أساقفتكم وكنائسكم. بعضكم يأتون من سوريا المعذّبة؛ وأودّ أن أعبّر عن قرب خاصّ من ذلك الشّعب العزيز، الّذي وبالإضافة إلى الحرب امتحنه الزّلزال أيضًا، كما هو الحال في تركيا، وتسبّب في وقوع العديد من الضّحايا وبدمار رهيب. إزاء ألم الكثير من الأطفال والنّساء والأمّهات والعائلات الأبرياء، آمل أن يتمّ القيام بكلّ ما هو ممكن من أجل النّاس، وألّا تكون هناك أسباب أو عقوبات تعيق المساعدة العاجلة والضّروريّة للسّكّان."