البابا فرنسيس: إنّنا لسنا بمفردنا على الطّريق لأنّ المسيح معنا ويساعدنا على السّير
"إنّ هذا سؤال يمكننا أن نطرحه نحن أيضا، ماذا يقول النّاس عن يسوع؟ إنّ النّاس عادة ما يقولون أشياء جميلة حيث يرى كثيرون يسوع كمعلّم كبير وشخص مميّز، صالح وعادل وشجاع. ولكن هل يكفي هذا لفهم مَن هو يسوع؟ وفي المقام الأوّل هل يكفي هذا يسوع؟ إنّ يسوع إن كان فقط شخصيّة من الماضي، مثلما كانت بالنّسبة للنّاس في تلك الفترة الشّخصيّات التي يحدّثنا عنها الإنجيل مثل يوحنّا المعمدان وموسى وإيليا والأنبياء الكبار، لكان مجرد ذكرى لطيفة من زمن مضى. هذا لا يكفي بالنّسبة ليسوع، وعاد إلى ما يرويه لنا الإنجيل حين سأل يسوع التّلاميذ "ومَن أَنا في قَولِكم أَنتُم؟"، "مَن أنا بالنسبة لكم الآن؟". يسوع لا يريد أن يكون بطل التّاريخ بل بطل حاضرنا، لا نبيًّا بعيدًا بل الإله القريب.
ليس يسوع ذكرى من الماضي بل هو إله الحاضر، يسوع إن كان مجرّد شخصيّة تاريخيّة لكان من المستحيل محاكاته اليوم، حيث كنّا سنجد أنفسنا أمام حاجز التّاريخ وفي المقام الأوّل أمام نموذج يشبه جبلًا مرتفعًا لا يمكن بلوغه، جبلًا نريد تسلّقه لكنّنا لا نملك القدرة ولا الأدوات اللّازمة لذلك. يسوع هو في المقابل حيّ ويرافقنا، هو بجانبنا يقدّم لنا كلمته ونعمته اللّتين تنيران وتعضدان في المسيرة، يسوع هو المرشد الخبير والحكيم الذي يسعده أن يرافقنا في المسارات الأكثر صعوبة.
إنّنا لسنا بمفردنا على الطّريق لأنّ المسيح معنا ويساعدنا على السّير مثلما فعل مع بطرس ومع التّلاميذ الآخرين. إنجيل اليوم يخبرنا بأنّ بطرس قد فهم هذا وأدرك حسبما قال ليسوع أنّه المسيح ابن الله الحيّ. ليس شخصيّة من الماضي إذاً بل المسيح المنتظَر في الحاضر، لا بطلًا مات بل ابن الله الحيّ الذي صار بشرًا وجاء ليتقاسم أفراح مسيرتنا ومشقّاتها."
ودعا البابا فرنسيس "إلى عدم اليأس والإحباط إن بدت لنا في بعض الأحيان قمّة الحياة المسيحيّة شديدة الارتفاع والطّريق وعرًا. فلننظر إلى يسوع الذي يسير جنبنا ويعانق ضعفنا، يشاركنا جهودنا ويحيط أكتافنا الضّعيفة بذراعه القويّة والحنونة. مع قرب يسوع منّا نمدّ نحن أيضًا أيادينا أحدنا إلى الآخر ونجدّد الثّقة، مع يسوع يمكن السّير قدمًا حتّى حين يبدو لنا ما يجب القيام به بمفردنا مستحيلًا.
من المفيد لنا أن نكرّر ذلك السّؤال الحاسم الذي نطق به يسوع: "من أَنا في قَولِكم أَنتُم؟ أيّ بكلمات أخرى، مَن هو يسوع بالنّسبة لي؟ هل هو شخصيّة عظيمة، مرجع، نموذج لا يمكن بلوغه، أم هو ابن الله الذي يسير بجنبي والذي يمكنه أن يقودني حتّى قمّة القداسة حيثما لا يمكنني أن أصل بمفردي؟ هل يسوع حيّ بالفعل في حياتي، هل هو ربّي؟ هل أتوكّل عليه في اللّحظات الصّعبة؟ هل أُنَمي حضوره من خلال الكلمة والأسرار؟ هل أدعه يقودني مع أخوتي وأخواتي في الجماعة؟".
وإخت البابا فرنسيس بالتّضرّع إلى مريم العذراء "كي تساعدنا على أن نشعر بابنها حيًّا وحاضرًا بالقرب منّا."
وعقب تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، تحدّث البابا فرنسيس عن الزّيارة الرّسوليّة التي سيقوم بها إلى منغوليا من ٣١ آب/ أغسطس حتّى ٤ أيلول/ سبتمبر. وأعرب "عن فرحه واعتزازه بزيارة هذا البلد والتّعرّف على شعبه النّبيل الغنيّ بالتّقاليد الدّينيّة". ودعا إلى مرافقة هذه الزّيارة بالصّلاة، وشدّد على ضرورة عدم نسيان شعب أوكرانيا المتألّم في صلواتنا. وطلب البابا الصّلاة من أجل ضحايا الحرائق في اليونان وقربه وتضامنه مع شعب هذا البلد.