الفاتيكان
19 تشرين الأول 2020, 08:45

البابا فرنسيس: إنّ كلّ مسيحيّ مدعوّ لكي يكون ناسج أخوّة

تيلي لوميار/ نورسات
في اليوم الإرساليّ العالميّ، دعا البابا فرنسيس إلى الصّلاة من أجل المرسلين الكهنة والعلمانيّين والمكرّسين، بعد تلاوة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، متوجّهًا إلى الحاضرين قائلاً:

"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء نحتفل اليوم باليوم الإرساليّ العالميّ حول موضوع: "هأنذا أرسلني! ناسجو أخوّة". جميلة جدًّا هي كلمة "ناسجون". إنّ كلَّ مسيحيّ مدعوٌّ لكي يكون ناسج أخوّة، والمرسلون والمرسلات هم كذلك بشكل خاصّ– كهنة وعلمانيّون ومكرّسون– يزرعون الإنجيل في حقل العالم الكبير. لنصلِّ من أجلهم ولنقدّم لهم دعمنا الملموس.

في هذا السّياق، أودّ أن أشكر الله على الإفراج الّذي طال انتظاره عن الأب بييرلويجي ماكالي الّذي اختطف قبل عامين في النّيجر. كذلك نبتهج أيضًا بإطلاق سراح ثلاثة رهائن آخرين معه. نستمرّ في الصّلاة من أجل المرسلين وأساتذة التّعليم المسيحيّ وكذلك من أجل الّذين يتعرّضون للاضطهاد أو الخطف في مختلف أنحاء العالم".

كما توجّه البابا بكلمة تشجيع ودعم للصّيّادين المتواجدين في ليبيا منذ أكثر من شهر ولعائلاتهم فيتمكّنوا قريبًا من معانقة أحبّائهم مجدّدًا، سائلاً الله أن تكون المحادثات القائمة دوليًّا مفيدة لمستقبل ليبيا، إذ "حان الوقت لوقف جميع أشكال العداوة من خلال تعزيز الحوار الّذي يحمل إلى سلام واستقرار ووحدة البلاد."

وقبل صلاة التّبشير، كانت للبابا فرنسيس كلمة روحيّة قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "يُظهر لنا إنجيل هذا الأحد يسوع يناضل مع رياء أعدائه. فهم يثنون عليه كثيرًا ثمّ يطرحون عليه سؤالاً ماكرًا ليضعوه في مأزق ويشوّهون مصداقيّته أمام الشّعب، ويسألوه: "أَيحِلُّ دَفعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَر أَم لا؟". في ذلك الزّمان، كانت سيطرة الإمبراطوريّة الرّومانيّة في فلسطين غير مُحتملة، لأسباب دينيّة أيضًا. وبالنّسبة للسّكّان، كانت عبادة الإمبراطور، الّتي سلّطت عليها الضّوء أيضًا صورته على العملات، إهانة لإله إسرائيل. لقد كان محاورو يسوع مقتنعين بأنّه لا يوجد بديل لسؤالهم: إمّا "نعم" أو "لا". ولكنّه إذ كان يعرف حقدهم حرّر نفسه من الفخّ. وطلب منهم أن يروه نقد الجزية، فأخذه بين يديه وسألهم لِمَن هي الصُّورَةُ المطبوعة عليه. فأجابه هؤلاء بأنّها لقيصر، أيّ الإمبراطور. فأجابهم عندها يسوع: " أَدُّوا إِذًا لِقَيصَرَ ما لِقَيصر، وللهِ ما لله".

بهذا الجواب يضع يسوع نفسه فوق الجدل. فيعترف من جهة، أنّه يجب دفع الجزية لقيصر، لأنّ الصّورة الموجودة على العملة هي له؛ ولكنّه يذكّر بشكل خاصّ أنَّ كلّ شخص يحمل في داخله صورة أخرى، صورة الله، وبالتّالي فهو له، وله وحده، يدين كلّ شخص بوجوده.

في حكم يسوع هذا، لا نجد معيار التّمييز بين المجالين السّياسيّ والدّينيّ وحسب، بل تظهر أيضًا إرشادات واضحة لرسالة مؤمني جميع الأزمنة، ولنا نحن اليوم أيضًا. إنَّ دفع الضّرائب هو واجب على المواطنين، وكذلك الالتزام بقوانين الدّولة العادلة. وفي الوقت عينه، من الأهمّيّة بمكان أن نؤكّد على أولويّة الله في حياة الإنسان وفي التّاريخ، ونحترم حقّ الله فيما يخصّه.

من هنا تأتي رسالة الكنيسة والمسيحيّين: التّحدّث عن الله والشّهادة له لرجال ونساء زمنهم. كلّ فرد مدعوٌّ، بقوّة المعموديّة، ليكون حضورًا حيًّا في المجتمع، ويحييه بالإنجيل وبالعصارة الحيويّة للرّوح القدس. إنّها مسألة الالتزام بتواضع وشجاعة في الوقت عينه، حاملين إسهامنا في بناء حضارة الحبّ، حيث يسود العدل والأخوَّة.

لتساعد العذراء مريم الكليّة القداسة الجميع لكي يهربوا من جميع أشكال الرّياء ويكونوا مواطنين صادقين وبنّاءين. ولتعضدنا نحن تلاميذ المسيح في رسالة الشّهادة أنّ الله هو محور الحياة ومعناها."