الفاتيكان
27 تموز 2020, 05:55

البابا فرنسيس: إنّ علامة الّذين يسيرون على درب الملكوت هي الإبداع

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس "إنّ بناء ملكوت السّماوات لا يتطلّب نعمة الله فحسب، وإنّما يتطلّب أيضًا جهوزيّة الإنسان الفاعلة"، مشدّدًا على أنّ الإبداه هو علامة السّائرين على هذه الدّرب. هذه النّقاط تحدّث عنها الأب الأقدس قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، مع الحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، إذ قال بحسب "فاتيكان نيوز":

"يقدّم لنا إنجيل هذا الأحد الآيات الأخيرة من الفصل الّذي يكرّسه الإنجيليّ متّى لأمثال ملكوت السّماوات. يتضمّن النّصّ ثلاثة أمثال مقتضبة: مثل الكنز الخفيّ، ومثل اللّؤلؤة الثّمينة ومثل الشّبكة الّتي أُلقيت في البحر.

سأتوقّف عند المثلين الأوّلين اللّذين يُشبّه فيهما ملكوت السّماوات بواقعين ثمينين مختلفَين، الكنز المدفون في الحقل، واللّؤلؤة الثّمينة. إنّ ردّة فعل الّذي وجد اللّؤلؤة أو الكنز هي عينها: لقد باع الرّجل والتّاجر كلَّ شيء لكي يشتريا أكثر ما يهمّهما. بهذين التّشبيهين يريد يسوع أن يشركنا في بناء ملكوت السّماء مقدّمًا لنا ميزة أساسيّة للحياة المسيحيّة وحياة ملكوت السّماوات: ينتمي إلى ملكوت السّماوات فقط جميع الّذين يُظهرون استعدادهم للمخاطرة بكلِّ شيء. في الواقع باع كلّ من الرّجل والتّاجر، في المثلين، كلّ ما لديهما، وبالتّالي تخلّيا عن ضماناتهما المادّيّة. من هذا الأمر نفهم أنّ بناء ملكوت السّماوات لا يتطلّب نعمة الله فحسب، وإنّما يتطلّب أيضًا جهوزيّة الإنسان الفاعلة.

إنّ تصرّفات ذلك الرّجل وذلك التّاجر اللّذين سعيا، إذ حرما نفسيهما من خيورهما، لكي يشتريا واقعًا أثمن، هي تصرّفات حازمة وجذريّة، لا بل قاما بها بفرح لأنّ كليهما قد وجدا الكنز. نحن مدعوّون لكي نتحلّى بموقف هاتين الشّخصيّتين في الإنجيل وأن نصبح بدورنا نحن أيضًا باحثين قلقين عن ملكوت السّماوات. فنترك الحمل الثّقيل لضماناتنا الدّنيويّة الّتي تمنعنا من أن نبحث ونبني ملكوت السّماوات: الشّوق للامتلاك، والعطش للمكاسب والسّلطة، والتّفكير في أنفسنا فقط.

يمكن لحياة البعض، في أيّامنا هذه، أن تبدو دون المستوى وباهتة لأنّهم ربما لم يبحثوا عن الكنز الحقيقيّ: بل اكتفوا بأشياء جذّابة ولكنّها سريعة الزّوال، وبتوهّجات برّاقة ولكنّها وهميّة لأنّها تتركهم بعدها في الظّلام. أمّا ملكوت السّماوات فهو عكس الأمور الزّائدة الّتي يقدّمها العالم، إنّه عكس الحياة السّخيفة: إنّه كنز يجدّد الحياة يوميًّا ويفتحها على آفاق أوسع. في الواقع، إنَّ الّذين قد وجدوا هذا الكنز يملكون قلوبًا مبدعة وباحثة، قلوب لا تكرّر بل تخترع وترسم وتسير على مسارات جديدة تقودنا إلى محبّة الله، ومحبّة الآخرين، وإلى حبّ حقيقيٍّ لأنفسنا. إنّ علامة الّذين يسيرون على درب الملكوت هي الإبداع. والإبداع يبحث على الدّوام عن أساليب لبذل الحياة.

يسوع هو الكنز الخفيّ واللّؤلؤة الثّمينة الّذي لا يمكنه إلّا أن يولّد الفرح، فرح العالم كلّه: فرح اكتشاف معنى حياتنا وفرح أن نشعر بأنّها تلتزم في مغامرة القداسة. لتساعدنا العذراء مريم القدّيسة لكي نبحث مجدّدًا ويوميًّا عن كنز ملكوت السّماوات ولكي تظهر من خلال كلماتنا وتصرّفاتنا المحبّة الّتي وهبنا الله إيّاها بواسطة يسوع."