الفاتيكان
27 نيسان 2020, 09:30

البابا فرنسيس: إنّ حياة النّعمة تبدأ بلقائنا بيسوع

تيلي لوميار/ نورسات
في صبيحة الأحد، صلّى البابا فرنسيس من أجل الحزينين لأنّهم وحيدون أو لا يعرفون أيّ مستقبل ينتظرهم أو لأنّهم لا يمكنهم أن يسيروا قدمًا بعائلاتهم لأنّهم لا يملكون المال أو ليس لديهم عملاً"، وذلك خلال القدّاس الإلهيّ الّذي ترأّسه في كابيلا القدّيسة مرتا.

ثمّ توقّف عند إنجيل القدّيس لوقا حول لقاء يسوع القائم من الموت بتلميذي عمّاوس، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "المسيحيّة هي لقاء مع يسوع، والمسيحيّ هو شخص يسمح للرّبّ أن يلتقي به. نحن قد ولدنا ونحمل في داخلنا بذرة قلق، وبالتّالي حتّى بدون أن نتنبّه لذلك قلبنا يعطش للقاء بالله ويبحث عنه دائمًا وأحيانًا أيضًا على دروب خاطئة. كذلك يعطش الله للقائنا ولذلك أرسل ابنه يسوع لكي يلتقي بنا ويجيب على قلقنا هذا. نرى في إنجيل اليوم أنّ يسوع يحترم مسيرتنا ويتبع وتيرتنا ووقتنا، إنّه ربّ الصّبر ويسير إلى جانبنا ويصغي إلى قلقنا ومخاوفنا ويعرفها. إنّ يسوع يحبّ أن يسمعنا كيف نتكلّم، وبالتّالي هو لا يُسرّع الخطوات وهذا هو صبره، هو يسير بحسب خطوات الشّخص الأبطأ، يسوع يصغي ثمّ يجيب ويشرح ما ينبغي شرحه. نحن نلتقي يسوع خلال مسيرتنا حتّى في اللّحظات المظلمة وهو يرافقنا لأنّه يريد أن يلتقي بنا ولذلك نقول إنَّ نواة المسيحيّة هو اللّقاء بيسوع؛ وهناك أشخاص يلتقون بيسوع بدون أن يتنبّهوا له. إنّ حياة النّعمة تبدأ بلقائنا بيسوع.

لقد سمعنا مرارًا أنَّ المسيحيّة ليست فقط عقيدة وليست قواعد للتّصرّف كما وأنّها ليست ثقافة. نعم هي كلّ هذا أيضًا ولكنّ الأهمّ أوّلاً هو أنّها لقاء. يكون الشّخص مسيحيًّا لأنّه التقى بيسوع المسيح وسمح له بأن يلتقيه. يخبرنا هذا النّصّ من إنجيل لوقا عن لقاء وعن الطّريقة لكي نفهم بشكل أفضل كيف هو أسلوب عمل الرّبّ وكيف هو أسلوب عملنا. لقد ولدنا ونحن نحمل في داخلنا بذرة قلق، وهذا ما أراده الله: إنّه قلق لكي نجد الكمال وقلق لكي نجد الله وغالبًا بدون أن نعرف أنّنا نملك هذا القلق. إنّ قلبنا قلِق وقلبنا ظمآن ويعطش للقاء الله وبالتّالي هو يبحث عنه وغالبًا أيضًا عبر دروب خاطئة: نضيع ونعود ونبحث... من جهة أخرى يعطش الله أيضًا للقائنا لدرجة أنّه أرسل ابنه ليلتقي بنا ويجيب على هذا القلق. وكيف يتصرّف يسوع؟ نرى جيّدًا في هذا المقطع من الإنجيل كيف يحترم حالتنا ولا يسير قدمًا، وإنّما فقط في بعض الأحيان مع العنيدين كما فعل مع بولس وأوقعه عن صهوة حصانه، ولكنّه عادة يسير ببطء ويحترم أوقاتنا. إنّه ربّ الصّبر، وهو يتحلّى بصبر كبير تجاه كلّ فرد منّا! إنّ الرّبّ يسير بقربنا.

وكما رأينا مع هذين التّلميذين، هو يصغي إلى قلقنا ومخاوفنا ويعرفها، إنّ يسوع يحبّ أن يسمعنا كيف نتكلّم لكي يفهمنا بشكل أفضل ويقدّم لنا الجواب الصّحيح على قلقنا. إنّ الرّبّ لا يسرّع الخطوات أبدًا بل يسير دائمًا بحسب وتيرتنا؛ وغالبًا ما يسير ببطء لأجلنا ولكن هذا هو صبره. هناك قاعدة قديمة للحجّاج تقول إنَّه على الحاج الحقيقيّ أن يسير بحسب وتيرة الشّخص الأبطأ. وهذا ما فعله يسوع لم يُسرع بل ينتظرنا لكي نقوم نحن بالخطوة الأولى وعندما يحين الوقت يسألنا. وفي الإنجيل هذا الأمر واضح سألهما قائلاً: "ما هذا الكَلامُ الَّذي يَدورُ بَينَكُما وأَنتُما سائِران؟"، هو يجعل نفسه جاهلاً لكي يجعلنا نتكلّم، هو يحبّنا أن نتكلّم لكي يصغي إلينا ويجيبنا ويشرح لنا ما ينبغي شرحه، وبالتّالي قال للتّلميذين: "ما كانَ يَجِبُ على المَسيحِ أَن يُعانِيَ تِلكَ الآلام، فيَدخُلَ في مَجدِه؟؛ وبَدأَ مِن مُوسى وجَميعِ الأَنبِياء، يُفَسِّرُ لَهما ما وَرَدَ في شأنِهِ في جَميعِ الكُتُبِ". لقد شرح لهما وأوضح لهما الأمور.

يتملّكني الفضول لأعرف كيف شرح لهما يسوع لكي أفعل الأمر نفسه؛ لقد كان تعليمًا جميلاً. ومن ثمّ بعد أن يكون قد رافقنا وقرّبنا يتظاهر يسوع بأنّه ذاهب إلى مكان آخر لكي يفحص مدى قلقنا؛ وهذا ما حصل مع التّلميذين فقالا له: "أمكُثْ مَعَنا" وهكذا كان اللّقاء، ولكن اللّقاء لم يكن فقط عند لحظة كسر الخبز وإنّما هو المسيرة بأسرها. نحن نلتقي بيسوع في ظلمة شكّنا، وفي شكّ خطايانا أيضًا وهو يكون حاضرًا ليساعدنا في قلقنا ومخاوفنا... إنّه معنا على الدّوام.

إنّ الرّبّ يرافقنا لأنّه يريد أن يكون معنا؛ ولذلك نقول إنّ نواة المسيحيّة هو لقاء: إنّه اللّقاء بيسوع. وعندما يسألنا النّاس: لماذا أنتَ مسيحيّ؟ أو لماذا أنتِ مسيحيّة؟ هناك العديد من الأشخاص الّذين لا يعرفون بماذا يجيبون. بعضهم هم مسيحيّون بسبب التّقليد والبعض الآخر لا يعرف أن يجيب وذلك لأنّهم التقوا يسوع بدون أن يتنبّهوا له وبدون أن يعرفوا أنّه يسوع. إنّ يسوع يبحث عنّا على الدّوام، ونحن لدينا قلق كبير وعندما يلتقي هذا القلق بيسوع تبدأ عندها حياة النّعمة، حياة الملء وحياة المسيرة المسيحيّة. ليمنحنا الرّبّ جميعًا هذه النّعمة، نعمة اللّقاء بيسوع يوميًّا وأن نعرف كيف نتعرّف عليه هو الّذي يسير معنا في جميع لحظات حياتنا. إنّه رفيقنا في حجّنا على الأرض."